هل يجوز لوسائل الإعلام أن "تصرف" الألقاب المهنية والعلمية كما تشاء؟

هل يجوز لوسائل الإعلام أن "تصرف" الألقاب المهنية والعلمية كما تشاء؟

  • 2016-07-19
  • 12

أكيد – آية الخوالدة

 تستخدم بعض وسائل الاعلام المحلية الألقاب العلمية والمهنية والمسميات الوظيفية دون الاعتماد على أسس واضحة أو معايير مهنية، وتنبع خطورة هذا السلوك في قوة التأثير الذي قد تتركه وسائل الإعلام في هذا المجال، والمتمثل في الشرعية التي تضفي قوةً داخل المجتمع على مَن يوصف بهذه الألقاب والمسميات.

ففي رصد أجراه مرصد الاعلام الاردني "أكيد" لما نشرته الصحف اليومية الأربع "الرأي والغد والدستور والسبيل" وأربعة من أبرز المواقع الالكترونية "عمون وسرايا وخبرني والوكيل الاخباري" خلال شهر حزيران الماضي، وذلك بهدف تتبع أحد نماذج هذه الالقاب والمسميات وهو مسمى "خبير" حيث تبين أنه استخدم  45 مرة، أبرزت النتائج أن الصحف نشرت 25 مادة صحافية محلية استخدمت هذا اللقب، بينما ذكرت المواقع اللقب في 20 مادة توزعت على شتى أنواع الخبراء.

نشرت صحيفة الرأي 6 مواد بنسبة 24%، فيما نشرت الغد 7 مواد بنسبة 28%، والدستور مادتين بنسبة 8%، والسبيل 10 مواد بنسبة 40%.  ونشر موقعا عمون وسرايا خلال المدة المذكورة أربع مواد في كل منها، أي بنسبة 20%، فيما نشر موقع سرايا  وخبرني 6 مواد لكل منها بنسبة 30%. وتبدو خطورة وتأثير هذه الظاهرة القنوات التلفزيونية ذات الانتشار الواسع والتي يتابعها جمهور متعدد المستويات حيث ينتشر استخدام الالقاب والمسميات بدون تدقيق.

لاحظ الرصد أن توصيفات إضافية أرفقت بلقب خبير ومن ذلك نقرأ (ونذكرها هنا كأمثلة بغض النظر عن صحة استخدامها أو عدمه):

خبير في نزاعات التحكيم في الملكية الفكرية،

 الخبيرفي الشؤون السورية،

الخبيرفي مجال مكافحة القرصنة الالكترونية،

الخبير في جودة التعليم،  الخبير التربوي، 

الخبير العسكري،

الخبير الفلكي، 

الخبير في التنمية البشرية،

خبير الشؤون السياسية،

خبير الأمن الإلكتروني،

خبير في المجال الالكتروني،

الخبير في مجال مكافحة القرصنة الالكترونية،

خبير الأرصاد الجوية، خبير التسويق الالكتروني،

الخبير المالي والاقتصادي،

الخبير والمدرب على مواقع التواصل الاجتماعي،

الخبير في سلوك الحيوان،

الخبير في المجال التقني،

الخبير الجوي،

الخبير في الحوسبة الفائقة،

الخبير الاقتصادي الدولي،

خبير رصد الأهلة،

الخبير البيئي المتخصص في شؤون الأنهار.  

وتعريف الخبير –بحسب موقع قاموس الأعمال- هو الشخص الذي يملك المعرفة التخصصية المكتسبة من المؤهلات العلمية التي يعتد بها، والخبرة العملية في المجال، وله القدرة على المساهمة المنهجية ذات الطبيعة الإبداعية، في التجديد المعرفي والفني على المستويين النظري أو التطبيقي في دائرة تخصصه، ويفضل أن يكون قد اكتسب شهرةً وإعترافاً إقليمياً أو عالمياً في هذا الصدد، مع إنجاز مساهمات أكاديمية منشورة في الدوريات العلمية الإقليمية أو العالمية.

في حديث لـ "أكيد" اعتبر رئيس تحرير صحيفة الدستور محمد حسن التل مثل هذا الاستخدام المتكرر للقب، واحدا من الأمراض التي أصابت الاعلام، موضحا: "حينما نطلق على أحدهم لقب "خبير" يجب أن نستند إلى سيرة ذاتية تقدم أدلة قطعية على خبرته الطويلة في هذا المجال، فالخبير العسكري أو الخبير في الشؤون الحربية يجب أن يكون ضليعا في تغطية هذا المجال وتناول في بحثه وتحليله العديد منها ولربما خاض بعضها".

وأبدى التل استغرابه من بعض القنوات الفضائية ووسائل الاعلام التي تمنح لقب الخبير لمن لا تتجاوز خبرته في هذا المجال عامين، إلى جانب من عمل فيها ما يزيد على الثلاثين عاما. أما فيما يتعلق بمنح الاشخاص أنفسهم هذه الألقاب، فيرى التل أنه من واجب الاعلام طلب الاثباتات والأدلة قبل الموافقة على ذكر المسميات الوظيفية.

يعتقد نزار حرباوي استاذ الاعلام في جامعة السلطان  محمد الفاتح في اسطنبول، في حديث لـ "أكيد" أن الرقابة على منح هذه الالقاب تتم من خلال ثلاث جهات: أولها الدولة والتي يجب عليها أن تضع معايير واضحة تتحدد بناءً عليها المسميات الوظيفية. ثانيها، الاتحادات والنقابات المختصة، وتشمل اتحادات ونقابات الجهات التخصصية التي يتبع لها الشخص المعني. ثالثا وأخيرا، المسؤولية المجتمعية؛ فالمجتمع مسؤول عن عدم قبول أي شخص يطلق على نفسه مثل هذه الألقاب دون اثباتات، وبذلك يضبط المجتمع الشخصيات ونجوميتها.

واعتبر حرباوي هذه الممارسة إشكالية موجودة على المستوى العالمي، إلا أن الإعلام الغربي يخضع للمحاسبة في حال منح اللقب لمن لا يستحقه، حيث سيطالب الحق العام للدولة، والحق العام للمجتمع، ومحامو النقابات، بتنفيذ إجراءات عقابية بحق وسائل الإعلام التي لا تلتزم بطلب الشهادات التخصصية، والتأكد من صحتها من المشاركين سواء في الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، بينما لا يوجد في العالم العربي قانون رادع لمن يضع النجومية في غير مكانها.

أفضل الممارسات

يقدم "اكيد" فيما يلي مجموعة من النصائح التي تعكس القواعد المهنية والاخلاقية في استخدام الالقاب والمسميات:

  • * الالقاب العلمية الجامعية لا تستخدم إلا للتعبير عن أن الشخص المعني يحمل هذا اللقب في المؤسسة التي يعمل بها ويملك درجات علمية تدل على ذلك، وعلى الصحافيين أن لا يترددوا في السؤال عن اللقب العلمي الدقيق.
  • الانتباه الى أن الالقاب العلمية لا تستخدم من دون تمييز بين درجاتها، حيث يجب التفريق –مثلا- بين ألقاب مثل: "دكتور" و"أستاذ دكتور" ومن يحمل دكتوراه فخرية.
  • استخدام الرتب العسكرية بدقة، وعدم التردد أو الخجل في السؤال عن الرتبة العسكرية.
  • الابتعاد عن استخدام المسميات والألقاب الشعبية او غير المستندة الى مرجع علمي أو مهني (معلم، باشا، بيك، زعيم).
  • الاعتماد على استخدام المسميات والألقاب التي تصدرها المراجع العلمية والمهنية مثل الجامعات والنقابات والاتحادات المهنية والجهات المعنية بمزاولة المهن.