في رمضان .. هل فتحت وسائل إعلام منابرها للمتسولين؟

في رمضان .. هل فتحت وسائل إعلام منابرها للمتسولين؟

  • 2022-04-23
  • 12

 

عمَّان 24 نيسان (أكيد)- لقاء حمالس-تشير أحد أهم معايير النَّشر الإعلامي والتَّغطيات الصَّحفية إلى الالتزام بالشمولية والتَّكامل والذي يعني أن تكون المادة الاخبارية غير مجتزئة أو انتقائية، وتضمن تتبع الخبر من نشأته حتى نهايته، والبحث عن العناصر المكملة له، سواء عن طريق المصادر الأصلية أو أقسام المعلومات، وعند اسقاط هذا المعيار على تغطية وسائل إعلام محلية لقضايا العوز والفقر والحاجة يتبين وقوعها بمخالفة مهنية له.

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، على مدار 21 يومًا من شهر رمضان المبارك، اربع صُحف يومية، و15 موقعًا إخباريًا، وحملة جمع تبرعات على إحدى الإذاعات المسموعة، وأربع محطات تلفزيون، وتبين أنَّ هذه الوسائل لم تذهب عميقًا للبحث في حالات الفقر والعوز والتَّحقّق منها، وحقيقة حاجتها للمال بعيدًا عن التسول.

وتقاس شمولية وتكامل المادة الإخبارية الخاصة بالتسول وفق عدَّة مؤشرات من بينها، الاحاطة الكافية والشَّاملة بالموضوع، والإجابة عن سؤال مَنْ، وماذا، وأين، ومتى وكيف؟ وتبين لـ (أكيد) بعد تحليل عينة الرَّصد أنَّ وسائل إعلام لم تقم بنشر تحقق مكتمل الأركان لكل حالة من حالات العَوز، ولم تُشر لجمهور المتلقين بأنَّ الوسيلة تحقَّقت من الحالة، وأنه تبين حاجتها الفعلية للمال، ما قد يُدخل الجمهور في أجواء من  التضليل والتَّشويش

ووجد (أكيد) أنَّ 10 حالات نُشرت على الصَّفحة الأولى لصحيفة يومية وحملت عناوين مختلفة انطوت على إثارة لمشاعر العطف، لكنها لم تحتوِ على تحقُّقٍ كافٍ لواقع هذه الحالات، إذ اكتفت بحديث الحالة عن نفسها، رغم أنَّ هناك جهات رسمية مسؤولة عن مثل هذه الحالات مثل صندوق المعونة الاجتماعية، وصندوق الزَّكاة ووزارة التَّنمية الاجتماعية، وهو الأمر الذي أوقع هذه الوسائل بمخالفة عدم الموضوعية في التَّغطية وافتقارها للتوازن.

ويشير (أكيد) إلى أنَّ ثلاثة تقارير تلفزيونية مصورة لحالات إنسانية اكتفت بتصوير الأسرة المحتاجة مرفقة بها عناوين مثيرة دون أن تقدِّم متابعة لهذه الحالاتعند الجهات المختصة والمسؤولة بالدَّرجة الأولى عن توفير الدَّعم لها

وعاد (أكيد) إلى آلية عمل صندوق المعونة الوطنية وبرامج عديدة تطلقها وزارة التَّنمية الاجتماعية، وتبين أنَّ التزام وسائل الإعلام المحلية بطريقة التَّحقق من حالات العوز والفقر سيجنبها الوقوع ضحية لحالات التّسول التلفزيوني، واستخدام منصَّات هذه الوسائل للحصول على الدَّعمكما أنَّ التَّحقق من حقيقة أوضاع هذه الحالات يحمي جمهور المتلقين من الوقوع ضحية الخديعة أو  حالة عدم اليقين . 

ويلتزم (أكيد) بعدم نشر روابط لحالات تسول مرَّت من خلال وسائل إعلام محلية حتى لا يتم الاسهام بمزيد من نشرها، داعيًا وسائل الإعلام إلى وضع آلية تحقُّق وتقصي لكل حالة تمر من خلال بوابات التَّحرير والابتعاد عن استعطاف المتلقين بعناوين مثيرة دون أن تكون الحالة مكتملة الدراسة والتَّحقق

وغني عن البيان أن التشجيع على التبرع والصدقة ودعم المحتاجين أمر محمود، لكن من المهم التأكد من أن الدعم يذهب إلى مستحقيه سواء عبر القنوات الرسمية أو القنوات والمبادرات الأهلية المختبرة، وخارج هذا الإطار، فإنه يتعين أن يكون التحقق هو سيد الموقف، لأننا نعيش في عصر أصبح فيه التسول "مهنة"، وأصبحت خبرات هؤلاء كبيرة. وفي هذا الإطار، يتعين الحذر من التسول المنظم، والتي بات يتعامل معه القانون باعتباره جريمة خصص لها عقاباً رادعاً، وقد ورد النص عليها في القانون المعدل لقانون منع الاتجار بالبشر رقم (10) لسنة 2021، في تعديل على الفقرة (ب) من المادة الثالثة.

ويرى (أكيد) بعد رصد مرور عدد من قضايا العَوز والحاجة من خلال بوابات وسائل الإعلام ما يلي:

أولًا: وسيلة الإعلام هي أداة تحقُق بالدَّرجة الاولى،وعليها أن تلتزم بهذا الدَّور وأن تقدِّم القضايا الخاصة بالفقر بطريقة مهنية وشمولية واضحة

ثانيًا: يجب أن تلتزم وسائل الإعلام بالحصول على رأي الجهات المسؤولة عن الفقر في الأردن، وأن تضعه في متن المادة حرصًا منها على تحقيق مبدا التَّوازن

ثالثًا: مرور قضايا العَوز والفقر غير الحقيقية من خلال وسائل الإعلام يعني تضليل وتشويش على من يفعل الخير، وهي مسؤولية هذه الوسائل بالدَّرجة الاولى.

رابعًا: على وسائل الإعلام تخفيف حدَّة العناوين مع بعض الحالات خاصة تلك التي لم يتم التَّحقق منها في متن الخبر.