ترجمة بتصرّف: دانا الإمام
العالم توقّف تماماً خلال الأسابيع الماضية.. وكلّ شيء حولنا يتغيّر بصورة دراميّة غير قابلة للقياس.. وفيروس "كورونا" المُستجدّ، جعل العالم يقف على قدمٍ واحدة.. وهو يترقّب تداعيات هذه الجائحة وتأثيراتها على الأفراد، والمجتمعات، والدول. وفي قلب هذه العاصفة، وبشكلٍ لم نعهده من قبل، تضاعف اعتمادنا على وسائل الإعلام للحصول على المعلومات، وتَتبُّع كل شاردةٍ وواردة عن "كورونا".
ها نحن اليوم نعتمد على وسائل الإعلام لتخبرنا كيف تغيّرت الحياة عن الشّكل الذي عهدناه من قبل.. وأنّ ملايين الأشخاص فقدوا وظائفهم.. وأنّ الملايين غيرهم أصيبوا بالفيروس.. وأنّ الآلاف توفّوا بسببه. وبذلك، نحن نبقى معزولين في بيوتنا.. ننظر إلى صور الشّوارع الخالية من مظاهر الحياة.. وإلى مواطنين يرتدون الكمّامات.. ونستشعر ما آل إليه حالنا خلال زياراتنا الاعتياديّة إلى البقّالات ومحالّ التسوّق.
كيف نواجه التّهديد؟
أصبحت وسائل الإعلام ملجأ الكثيرين للحصول على المعلومات، ليس فقط لأنّ وسائل الإعلام توفّر للجمهور حقائق وأرقام محدَّثة وتنشر الوعي بما يخصّ سبل الوقاية من المرض، بل لأنّها تقوم بدور أكبر من ذلك. إنّ ما نعرفه، بناءً على التقارير الإخباريّة وما نستنتجه من النّقاش مع أصدقائنا وجيراننا، يُحدّد طريقة تعاملنا مع الجائحة. هل أنا خائف؟ مذعور؟ غير مهتمّ؟ هل نشعر بالإكتئاب أم أنَنا على ثقة بأنّ الوضع سيتحسّن؟
وليس مفاجِئاَ أنّ يشهد استهلاك المحتوى الإعلاميّ ارتفاعاً كبيراً مؤخّراً، حيث سجّلت وسائل إعلام مثل "دويتشيه فيله" أرقاما قياسيّة لأعداد المتصفّحين عبر الإنترنت، كما شهدت أرقام متابعي القناة التّلفزيونيّة انتعاشاً واضحاً.
لكن كيف يُمكن التأكّد أنّ المُتابع لوسائل الإعلام لا يتلقّى معلومات مغلوطة؟
تفيضُ وسائل التّواصل الاجتماعيّ بالأخبار المكذوبة والزائفة والمعلومات المغلوطة التي يتمّ تداولها عبر ملايين المنشورات كتلك التي تتحدّث عن دور الثّوم في الحماية من الإصابة بفيروس "كورونا"، ومنشورات كثيرة تُروّج لمعلومات أخرى غير منطقيّة. هذه المنصّات أثبتت مرّة أخرى أنّها حاضنات للمعلومات المغلوطة، وفي هذه الحالة يمكن للأخبار المضلّلة أن تشكّل خطراً على حياة البشر.
وتحاول منصّة "فيسبوك" وغيرها العمل بجديّة أكثر من أيّ وقت مضى للحدّ من انتشار المعلومات الخاطئة، لكن لا يمكنهم توظيف عدد كافٍ من الأشخاص المكلّفين بالتّحقّق من صحّة كل ما تحتويه الموجة الكبيرة من المعلومات والأخبار التي تجتاح منصّات التّواصل.
عودة وسائل الإعلام التّقليديّة
جاذبيّة الظّروف الحاليّة دفعت الكثيرين للعودة إلى استقاء الأخبار والمعلومات من وسائل الإعلام التّقليديّة؛ لأنّها ذات مصداقيّة أعلى من وسائل التّواصل الاجتماعيّ. وفي الوقت ذاته، يعتمد من يحملون مؤهلات أكاديميّة متواضعة بنسب أقلّ بكثير على مواقع ذات مصداقيّة للحصول على المعلومات، ويفضّلون مواقع التّواصل الاجتماعيّ.
يُذَكّر ذلك بالمسؤوليّة الهائلة التي تقع على عاتق الصحفيّين، إذ يتوجّب عليهم القيام بكل ما هو ممكن لتقديم المعلومات الصّحيحة، وجمع الأخبار وثيقة الصّلة من حول العالم، وتقديمها كخلاصة مُركّزة للجمهور، دون تضمين معلومات متناقضة، أو الحديث إلى أشخاص غير مؤهّلين للإدلاء بتصريحات للإعلام، إضافةً إلى تقديم المعلومات بأسلوب جذّاب ومفهوم.
بطبيعة الحال، عمل الصحفيّين يتطلّب ذلك حتى في الظروف الاعتياديّة، لكن ما صعّب الأمر خلال جائحة "كورونا" هو التّعامل مع كمٍ كبيرٍ من المعلومات في ظلّ تواجد الحدّ الأدنى من الموظّفين الذين يعملون من بيوتهم، وليس في غرف الأخبار.
المصدر:
https://www.dw.com/en/opinion-coronavirus-the-media-and-credibility/a-53172087
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني