الحرب على غزّة تدفع مشروع النّاقل الوطني إلى المسار السريع واهتمام إعلامي بنقل أخباره دون تحقيقات معمّقة

الحرب على غزّة تدفع مشروع النّاقل الوطني إلى المسار السريع واهتمام إعلامي بنقل أخباره دون تحقيقات معمّقة

  • 2023-12-13
  • 12

عمّان 13 كانون الأول (أكيد)- عُلا القارصلي- ملفا المياه والطاقة من أهم ملفات الأمن الوطني حساسية، ولأن الأردن يعتبر من أفقر دول العالم بحصة الفرد من المياه، توجّهت الحكومة إلى التفكير بعقد اتفاقية إقليمية لتحسين مصادر التزوّد بالمياه، كما اتفاقية الكهرباء مقابل المياه مع إسرائيل، والتي أوقفت الحكومة توقيعها مؤخرًا، بسبب حرب الإبادة التي شنّتها على غزّة.

تصريح وزير الخارجية أيمن الصفدي بأن الأردن لن يوقع اتفاقية الكهرباء مقابل المياه، أزعج الاحتلال، ما حدا برئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينت إلى التلميح بتهديد الأردنيين بالعطش. بعد ذلك، أجرى جلالة الملك عبد الله الثاني اجتماعًا مع رئيس الوزراء وعددًا من الوزراء المعنيّين، وأصدر توجيهًا مباشرًا لمنح الأولوية لبرنامج النّاقل الوطني الذي تعثّر الشروع به عدة مرات لأسباب فنيّة أو مالية، ليدخل الأردن مرحلة جديدة تخضع فيها علاقاته مع إسرائيل لمعادلة جديدة. [1] [2]

النّاقل الوطني مشروع مائي كبير، وهو من أولويات قطاع المياه في رؤية التحديث الاقتصادي، يهدف إلى معالجة العجز المائي للأردن، من خلال إقامة مركز لتحلية 300 مليون متر مكعب سنويًا من مياه البحر الأحمر في مدينة العقبة، ثم نقلها وتوزيعها على محافظات المملكة. وتبلغ تكلفة هذا المشروع 2.5 مليار دولار أمريكي. اعتمد المشروع العام 2021، وكان يُفترض أن ينتهي تنفيذه العام 2026، غير انه جرى تمديد المدة، ويُتوقع أن يدخل حيز التزويد المائي العام 2027. [3] [4] [5]

انطلاقًا من أهمية وضع مشروع النّاقل الوطني في مسار سريع في هذه المرحلة حتى لا تُعطى إسرائيل فرصة التحكم بصنبور المياه الأردنية، اختار مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) عينة رصد مكونة من عشرة وسائل إعلام موزعة على صحيفتين وقناتين فضائيّتين وإذاعتين وأربعة مواقع إخبارية، لمعرفة مدى اهتمام وسائل الإعلام بتغطية هذه القضية المهمة والمرتبطة بالأمن الوطني.

 

استمرت عملية الرصد من تاريخ 21 تشرين الثاني، وهو تاريخ أول اجتماع لجلالة الملك مع رئيس الوزراء والوزراء المعنيين للمضي قدمًا في مشروع النّاقل الوطني حتى 4 كانون الأول، وهو تاريخ آخر موعد لتقديم الشركات عروضها لتنفيذ المشروع، وهو تاريخ تم تحديده في شهر آب قبل الحرب على غزّة، وكان يجب أن يكون في وقت أبكر من العام، ولكن جرى تأخيره بطلب من المموّلين بغية إنشاء مزرعة شمسية مع المشروع، ليكون مشروعًا أخضر وصديقًا للبيئة لتلبية تأمين طاقته الكهربائية من مصادر الطاقة المتجدّدة. ولذا أكّد الملك في مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ أن مشروع النّاقل الوطني هو مشروع صديق للبيئة. [6]

وفّرت عينة الرّصد 88 مادة من مختلف وسائل الإعلام المرصودة، بمعدل 6.2 خبر يوميًا، وهذا يوضح اهتمام وسائل الإعلام بقضية النّاقل الوطني، وجاءت 69 مادة إعلامية منها بنسبة 78.4 بالمئة موادّ إخبارية تنقل التصريحات المتعلقة بالمشروع. وكانت هنالك عشر موادّ بنسبة 11.4 بالمئة عبارة عن تقارير تشرح تكلفة النّاقل الوطني، وكمية المياه التي سيوفرها، وتاريخ الانتهاء من إعداده، ومصادر تمويله. كما كانت هنالك تسع موادّ بنسبة 10.2 بالمئة عبارة عن مقالات رأي توضح أهمية النّاقل الوطني وتطرح حلولًا لتمويله.

رغم اهتمام وسائل الإعلام بنقل أخبار النّاقل الوطني لم يعثر (أكيد) على أي تحقيقات معمّقة تشرح التفاصيل الأساسية للمشروع للمواطن الأردني، لا سيّما الآتي:

أولًا: ذُكر أن النّاقل الوطني سيوفر 300 مليون متر مكعب من الماء دون توضيح أن هذه الكمية تعادل 66.6 بالمئة من نسبة العجز السنوية البالغة 450 مليون متر مكعب. كما لم يُوضّح كيف سيؤثر سد قسم كبير من العجز المائي على حصة الفرد من المياه في الأردن، وكيف ستؤمن الحكومة باقي العجز.[7]

ثانيًا: ذُكر أن المشروع يُطرح ضمن مناقصة "BOT" (اختصار لكلمات: Build، Operate، Transfer، أي: بناء، تشغيل، نقل ملكية)، ولم يُوضَّح أن "BOT" هو قيام القطاع الخاص ببناء المشروع وتشييده بعد الحصول على ترخيص من جهة حكوميّة مختصّة، ويقوم بتشغيله وإدارته بعد عمليّة الانتهاء منه، وذلك بامتياز لمدة زمنية محددة، ويحصل خلال هذه الفترة على التكاليف والأرباح من خلال العوائد، وبعد الانتهاء من مدّة الامتياز يُنقل المشروع بكل عناصره إلى الجهة الحكومية أو الدولة.[8]

ثالثًا: لم تلتفت وسائل الإعلام إلى ذكر المنفعة التي ستعود على تشغيل الأيدي العاملة الأردنية في تنفيذ هذا المشروع واستدامة عمله.

رابعًا: لم تتوسع وسائل الإعلام بشرح الحلول المطروحة لسد العجز المائي حتى إتمام المشروع العام 2027، والتي ذكرها وزير المياه الأسبق حازم الناصر، وأبرزها: رفع الكفاءة، تخفيض الفاقد، الحصاد المائي، وإعادة استخدام المياه.[9]

خامسًا: لم يُعثر على موادّ تطرح حلولًا لتمويل المشروع في حال لم تفز أي أي شركة بالمناقصة لتنفيذ المشروع، باستثناء مقال رأي عرض فكرة طرح المشروع للاكتتاب العام.[10]