عمّان 2 تشرين الأول (أكيد)- أفنان الماضي- تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) الجدل الدائر حول مطعوم الحصبة MR منذ اليوم الأول لنشر خبر إطلاق الحملة الوطنية للتطعيم، في ظل حالة الجدل والفوضى التي حدثت، نتيجة أخطاء مهنية ارتكبتها بعض وسائل الإعلام مع بداية الإعلان عن الحملة، ما دفع (أكيد) لمراقبة المشهد وتلمّس مواضع الخلل.
يذكّر (أكيد) بدايةً أن صحة الأطفال هي من المواضيع الحسّاسة التي ينبغي التعامل معها بحذر أثناء تقديم المعلومات للجمهور، وإلا ثارت المخاوف، وأُطلقت الأحكام جزافًا.
ويستعرض المرصد هنا التّسلسل الزّمني للأحداث المتعلقة بالحملة الوطنية للتّطعيم التي رصدها، وملاحظاته حول السّلوك الإعلامي خلالها:
24 أيلول
نشرت وسائل إعلام الخبر الأول المتعلق بالحملة، مستخدمة العنوان "حملة لتطعيم جميع طلبة المدارس الحكومية والخاصة في الأردن"، وقد جاء العنوان صادمًا ولافتًا لأولياء الأمور من الجمهور، حيث استفزّ لديهم مخاوف سابقة أثيرت مع جائحة كورونا، حول سلامة المطاعيم. وقد اجتاحت وسائل التّواصل الاجتماعي منذ الجائحة -محليًا وعالميًا- حملات ممنهجة أو عشوائية تعاملت مع المطاعيم من منطلق نظرية المؤامرة، وقدّمت خلطًا كبيرًا في المعلومات -الجيد منها والرديء- ما شحن الناس وحفزّهم للتعامل مع موضوع المطاعيم بذعر ورفض مسبق.
وكان الأوْلى استخدام عنوان واضح يقدم الحقيقة مختصرة دون إثارة المخاوف، مثل: "162 حالة حصبة والصّحة تطلق حملة تطعيم وقائية في تشرين الأول".
أما نص الخبر، المشار إليه، فقد أربك القارئ، حيث لم يفرّق بوضوح بين عدد من المعلومات، منها البرنامج الوطني الدوري أو الروتيني للتطعيم من ناحية، والحملة التي أعلنت عنها وزارة الصحة والخاصة بالحصبة من ناحية أخرى، ما وضع القارئ في حالة من الحيرة والشك والنفور، مع عنوان يظهر استهداف الأطفال بشكل خاص دون توضيح السّبب في النص، وهو تطعيم المتخلّفين أو غير المطعّمين سابقًا من المطاعيم الروتينية، إضافة إلى وجود حالات إصابة بالحصبة في المملكة بلغت 162 حالة، ما حدا بوزارة الصحة إطلاق حملة خاصة للحدّ من اتساع رقعة انتشار المرض.
وسارعت الوسائل بالنّشر قبل أن تستوضح تمامًا دلالات الخبر المعلن على صفحة وزارة الصحة، والرجوع للمختصين للتمييز بين المرحلة الأولى التي تستهدف غير المطعّمين أو المتخلّفين عن البرنامج الروتيني للتطعيم، وبين المرحلة الثانية التي تستهدف مرض الحصبة حصرًا. [1]
وقد أدّى نشر الخبر بهذه الصورة إلى شحن المجتمع المحلي وإثارة تساؤلات وتعليقات مشككة، بسبب عدم وضوح الخبر والعنوان المثير للقلق، ما مهّد لموجة من فوضى المعلومات والإشاعات ظهرت في الأيام اللاحقة، وصنعت بيئة نفسية تتقبل المعلومة التي تصب في التشكيك.
25 أيلول
تداولت حسابات متعددة على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقاته مقطعًا مجهول المصدر، لمواطن يحذر من مطعوم الحصبة MR، وقد أورد العديد من المعلومات غير المستندة إلى مصدر، ومنها أن المطعوم سيُعطى بصورة تجريبيّة على الطلبة، وعدم اعتماده من منظمة الصحة العالمية، وغيرها. وانتشر المقطع انتشارًا واسعًا.
وأسهمت وسيلة إعلام مرئية في نشره على منصتها في فيسبوك ما أثار المخاوف بين المواطنين بشكل كبير. وقد قامت الوسيلة بإلغاء المقطع الصّوتي فيما بعد، لكن بعد أن حقّق عددًا كبيرًا من المشاهدات ونسبة انتشار واسعة.
سارعت بعض وسائل الإعلام إلى استضافة المسؤولين في وزارة الصحة، ومؤسسة الغذاء والدواء للإجابة عن التساؤلات المثارة وحقيقة ما ورد في المقطع الصوتي المتداول. غير أن بعض مقدمي البرامج والمحاورين أظهروا ضعفًا في التحضير المسبق للقاء، حيث افتقروا لمعلومات واضحة عن أنواع المطاعيم التي تقدمها وزارة الصحة في برنامجها الوطني، أو في حملاتها، وعن الفرق بين المطعوم الثلاثي MMR والمطعوم MR ، وكذا الفرق بين البرنامج الوطني للتطعيم والحملات.
وقد بذل الضّيوف جهدًا لتوضيح بعض الحقائق، إلّا أنّ الحوار لم يكن واضحًا أو حاسمًا أو مطمئنًا للمواطنين، ذلك أن المقدم أو المحاور كان يركّز على الهجوم والتّشكيك، ويحاول إثبات صحة الإشاعات المنتشرة تحت مسمى الحرص على المواطن ومصلحة الأطفال، إلا أن هذا الأسلوب لم ينتهِ بإجابات قاطعة توضح الحقائق للمواطنين وتطمئنهم.
ولذا نتج عن هذه الفوضى في المعلومات والجدل المثار، ميل أولياء أمور لاتّخاذ موقف من المطاعيم ينمّ عن التّأثر بالجانب السّلبي من اضطراب المعلومات.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني