عمّان 25 أيّار(أكيد)- سوسن أبو السُندس- "نحن لم نفعل أي شيء خاطئ، لكن بطريقة ما خسرنا"، عبارة أنهى بها الرئيس التنفيذي لشركة الهواتف النّقالة "نوكيا" كلمته خلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن بيع الشركة لصالح شركة مايكروسوفت. بهذا فإن غياب التعليم والتطور والمتابعة في ظل التغيير المتسارع في العالم، أدى إلى استبعاد شركة بهذا الحجم وعدم قدرتها على المنافسة، وبالتالي الخروج من السوق.
هذا هو الحال في قطاع الصحافة والإعلام، إذ وُظّف العديد من التّطورات التّقنية التي عملت على الانتقال من الصحافة التقليدية إلى الوسائل الرقمية، إلا أنّ التحدي اليوم يتمثّل بوجود برامج قادرة على جمع البيانات والمعلومات وكتابة التقارير دون الحاجة إلى الصحفيين. وبالنتيجة أصبحت مهنة الإعلام والصحافة مهدّدة كبقية الوظائف، الأمر الذي يفرض على المؤسسات الإعلامية أن تعيد النظر في مسارها المهني، وتُعيد ترتيب أولوياتها بما يتماشى مع هذه التطورات الحديثة.
وعلى ذلك، يمكن لوسائل الإعلام أن توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمتها، عن طريق تبني هذه البرامج والتطبيقات داخل غرف الأخبار، وتدريب الصّحفيين العاملين فيها على استخدامها، دون التخلي عنهم أو استبدالهم بها، والاستفادة من هذه التقنيات في جمع المعلومات للصحفيين، وتحرير القصص الصّحفية وتدقيقها.
ويمكن القول "إن الصحفي يقوم بإنتاج تقارير صحفية بطريقة يدوية ويستخدم مهاراته البشرية لجمع وتحليل المعلومات، فيما يستخدم الذكاء الاصطناعي تقنيات آلية لجمع وتحليل المعلومات وإنتاج التقارير الصحفية. وللذكاء الاصطناعي دور مهم في تسريع عملية إنتاج التقارير وتحسين دقتها وشموليتها، خاصة فيما يتعلق بالتقارير ذات الطبيعة الإحصائية أو التقارير التي تتطلب معالجة كميات كبيرة من البيانات. ومع ذلك، فإن الصحفي يبقى أساسيًا في عملية إنتاج التقارير الصحفية، حيث يتمتع بالقدرة على التفاعل مع المصادر وطرح الأسئلة المناسبة وتحليل المعلومات بشكل إدراكي بشري وإضافة القيمة البشرية والإبداعية إلى التقارير التي ينتجها". (كتبت هذه الفقرة باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي)
يبحث مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) عن مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على الإلتزام بأخلاقيات المهنة والمعايير الصحفية المعتمدة ومدى احتمالية نشر أخبار مضلّلة أو مغلوطة، إذ من المفترض أن تستخدم هذه التقنيات في الكشف عن الأخبار المزيّفة وغيرها من أشكال المعلومات المضلّلة والإبلاغ عنها، إلا إنه من الممكن أيضًا استخدامها في إنشاء مقاطع مصوّرة مزيّفة مقنعة يصعب تمييزها عن اللقطات الحقيقية، فيكون لها عواقب وخيمة على ثقة الجمهور في الصحافة والمنظومة السياسية، ويصبح الناس أكثر عرضة للتلاعب، وعندها يصبحون أكثر تشكّكًا في المعلومات المقدمة لهم.
وفي سياق آخر، هناك مخاوف من أن يؤدي استخدام تقنيات الذّكاء الاصطناعي في الصّحافة إلى انتهاك خصوصيّة واستقلاليّة الصّحفيّين والجمهور على حد سواء، وذلك لقدرة هذه التقنيات على جمع معلومات كثيرة، يتم تحليلها ومعالجتها، للوصول في آخر المطاف إلى تحليلات غير مسبوقة حول سلوكات الأشخاص وتفضيلاتهم ومعتقداتهم وأمور أخرى لا يرغبون في الإفصاح عنها، الأمر الذي يوصف بأنه تعدٍّ على الخصوصية التي تعتبر حقًا أساسيًا لكل إنسان.
وفي الحديث عن الخوارزميات التي يمكن وصفها بأنها المقادير الخاصة للحصول على وجبة معينة، فإذا كانت البيانات هي المقادير، وكانت تلك البيانات متحيّزة أو غير كاملة، فمن المؤكد أن تعكس الخوارزمية هذا التّحيّز، وبالتالي قد تتعرض المؤسسة الإعلامية إلى إنتاج قوالب نمطية تعزز خطاب الكراهية، أو تشير إلى نمط أحادي متحيز لأحد موازين القوى في المنطقة.
يشير (أكيد) إلى أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث ثورة في الصحافة وجعلها أكثر كفاءة وفعالية، إلا أن هناك مخاطر كبيرة مرتبطة باستخدامه لا يمكن إهمالها، لذلك لا بد من أن يكون الصحفي على دراية كاملة بطبيعة المرحلة حتى لا تؤثر على استقلالية ومصداقية وسائل الإعلام كون الذكاء الاصطناعي يُعدّ نقطة انطلاق وبداية لتغيرات جديدة في مجال الصحافة والإعلام.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني