كيف غطّى الإعلام الأردني المواقف السياسية الرسمية في رفض العدوان على غزّة؟

كيف غطّى الإعلام الأردني المواقف السياسية الرسمية في رفض العدوان على غزّة؟

  • 2023-12-04
  • 12

 

عمّان 4 تشرين الثّاني (أكيد)- سوسن أبو السٌندس-شهد قطاع غزّة عدوانًا غير مسبوق على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي مارس عملية تدمير بشعة للمدنيّين وكامل البنية التحتية في قطاع غزّة، اشتملت على هدم أكثر من 60 بالمئة من المباني السكنية والمرافق الحيوية، وسقوط أكثر من 15 ألف شهيد، وإصابات تجاوزت 40 الفًا.  

وبالتّوازي كانت وسائل التواصل الاجتماعي ترقب الحرب ذاتها، وتشتبك مع أهداف الاحتلال بالإعلان عن التضامن مع الأهل في قطاع غزّة، والدعوة لتصعيد الموقف الرسمي والشعبي ضد الاحتلال وحربه على غزّة، الأمر الذي أسهم في تكوين مزاج ومطالب شعبية موحّدة.

المطالب الشعبية لم تبقَ، في الإعراب عن نفسها، أسيرة الحسابات على منصّات التواصل الاجتماعي وترجماتها بالمنشورات والتغريدات والمشاركات واللايكات، إذ شهد الأردن مسيرات ضخمة ومظاهرات متنوعة ندّدت بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، ونادت بوقف هذه الحرب المجنونة، ورفعت العديد من المطالب التي شملت العلاقات الدبلوماسية، والتعاون مع إسرائيل في مجال الغاز والمياه والطاقة، واتفاقية وادي عربة.

أجرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصدًا كميًا ونوعيًا لمعرفة مدى تغطية الإعلام المحلي للمواقف السياسية الرسمية، وقد شملت عينة الدراسة 57 مادة صحفية تنوعت بين المسموع والمكتوب والمرئي، منذ بداية الحرب على غزّة.

وجاء في نتيجة الرصد توافق الخطاب الرسمي الأردني مع المطالب الشعبية  الرافضة لكل أشكال العدوان الإسرائيلي على غزّة. وكان الأردن قد أعلن في بداية الحرب رسميًا أنه "لن يكون شريكا في أي قوة عسكرية ولا أي ترتيب في سياق أي مشروع دولي في  إدارة القطاع".[1]

الحكومة الأردنية أعلنت كذلك في مطلع تشرين الثاني استدعاء السفير الأردني في تل أبيب إلى الأردن فورًا، وطلبت من تل أبيب عدم إعادة السفير الإسرائيلي الذي غادر المملكة سابقًا، قي ضوء موقف الأردن الذي رفض الحرب الإسرائيلية المستعرة على غزّة وأدانها.

29 بالمئة من عينة الدراسة حظي بها ملف سحب السفير الأردني من إسرائيل، وعدّها بعضهم أوراق قوة يجب التلويح بها، للضغط على الاحتلال لوقف عدوانه على قطاع غزّة، فيما عدّها آخرون خطوة متأخرة وغير كافية. .[2] [3]

وقدمت وسائل إعلامية تفسيرًا سياسيًا لتوضيح تبعات هذا القرار، وبيّنت أن ذلك الأمر قد يشكّل مقدّمة لقطع  العلاقات الدبلوماسية وقنوات الاتّصال بشكل كامل مع إسرائيل.[4]

على صعيد آخر، لاقى ملف التهجير القسري للفلسطينيّين موقفًا سياسيًا صارمًا، حيث أعلن الأردن أن "أي محاولات أو خلق ظروف لتهجير الفلسطينيّين من غزّة أو الضفة الغربية خط أحمر وسيعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب".

وقُدمت معالجات صحفية متعددة بلغت 33 بالمئة من العينة، ووفّرت التغطية الصحفية توضيحًا لموقف الأردن الرافض للتّهجير الذي يشير إلى تصفية القضية الفلسطينية، وضياع حل الدولتين الذي تنادي به المملكة في كل المحافل.[5]في حين لم ينل موقف الأردن من تعليق اتفاقية الطاقة مقابل المياه تغطية كبيرة، حيث رصد 15 بالمئة من التقارير موقف الأردن بهذا الخصوص لكن دون توسع في التغطية، وقد كان من الأولى أن يأخذ الخبر حيزًا يستحقه في وسائل الإعلام المحلية..[6]

تصاعد الخطاب السّياسي والتّهديدات الدبلوماسية مؤخرًا، حيث أعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي أن "حماس فكرة والفكرة لا تنتهي والحديث عمّا بعد غزّة "قفز في الهواء". جاء ذلك تعليقًا منه  على مرحلة ما بعد انتهاء الحرب على غزّة خلال لقائه عددًا واسعًا من الصّحفيّين والكتّاب في ندوة استضافها صالون "أمانة عمّان"، ولم تتوقف التصريحات عند هذا الحد بل أعلن الصفدي أيضًا أن  "اتّفاقيّة وادي عربة وثيقة على رفٍّ يعلوها الغبار".

تُعدّ التّصريحات المشار إليها تصعيدًا سياسيًا غير مسبوق، وحصدت تغطية إعلامية بلغت 23 بالمئة من العينة، إلا أن التلويح بإلغاء اتفاقية وادي عربة، يفترض به أن يأخذ صدى أوسع من ذلك في الإعلام المحلي، وذلك بالنظر لدلالاته ومكانته كمطلب شعبي منذ بداية العدوان على غزّة.[7]

وتتعرّض اتّفاقية وادي عربة التي وُقّعت في 26 تشرين الأول 1994، وكذا مختلف أشكال التطبيع، للكثير من الانتقادات الشعبية التي ترى أنها لم تقدّم شيئًا للأردن، لا سيما بعد أن دخلت العلاقات الرسمية بين الطرفين الأردني والإسرائيلي حالة غير مستقرة سياسيًا، فيما نالت تصريحات الصّفدي تغطية واسعة من وسائل إعلام إقليمية ودولية، وصفها بعضهم أنها مفاجأة الشارع الأردني. [8] [9]