أنور الزيادات- أكيد
ربطت جريمة طبربور، بشكل مباشر بين "الجوكر" و"الموت" عندما قَتَل شاب في الثامنة والعشرين من عمره والدته، و"الجوكر" مادة مخدرة انتشرت مؤخرا في الأردن وأغلب البلدان العربية، وتوصف بالحشيش الصناعي، وثبت أن آثارها ومضاعفاتها وخيمة، فماذا قدمت وسائل الإعلام للجمهور من معلومات حول هذه المادة المخدرة؟
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) لاحظ أن وسائل الإعلام المحلية تنبهت مبكرا، لخطر هذا النوع من المخدرات الصناعية، ونشرت تقارير موسعة حول هذا القاتل الجديد، وكان جزء من هذه التقارير خاص بالوسيلة التي نشرتها ومن انتاجها، وأخرى كانت منقولة عن وسائل إعلام محلية أو عربية مهتمة بالشأن الأردني.
ورغم الحرص على عنصر الإثارة في المواد المنشورة، إلا أن محتوى هذه الأخبار حمل المعلومات التثقيفية والعلمية على ألسنة المختصين، حول تركيبة الجوكر والآثار على الصحة الجسدية والنفسية، ونتائجه السلبية على المجتمع.
بدأت وسائل الإعلام المحلية، خاصة الصحف والمواقع الإلكترونية، ومنذ أكثر من عامين ونصف العام، بنشر تقارير إخبارية حول مخدر الجوكر ومن أوائل هذه المواد خبر بعنوان: "تفاصيل جديدة عن مخدرات رخيصة .. والأعشاب المكونة لها لا زالت مجهولة "الجوكر القاتل يكلّف ديناراً ويباع بـ30" وحمل الخبر في طياته تفاصيل البيع، الأسعار، وأماكن الانتشار، والأسماء المتداولة لهذا النوع من المخدرات وبعض أخطاره، وتصريحات على لسان مصادر أمنية أشارت في ذلك الوقت أن ما يزيد من خطورة هذا النوع من المخدرات، إمكانية تعبئتها بمغلفات منتجات قانونية، موضحة أن إدارة مكافحة المخدرات فحصت على مدار أشهر، منتجات تحمل اسم (ICE Dragon)، وهو في الأساس مستحضر قانوني، لكن تبيّن أن بعض العينات كانت تحتوي مخدر "الجوكر".
وبتاريخ 13 ايار 2015 نشرت وسائل الإعلام خبرا مفصليا فيما يخص الموضوع، بعنوان: إدراج مادة ""الجوكر"" ضمن المواد المخدرة أعلنت فيه المؤسسة العامة للغذاء والدواء أنه بعد التنسيق مع الجهات المعنية في مديرية الأمن العام والجهات المعنية وافق رئيس الوزراء على إدراج مادة "الجوكر" ضمن جداول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية في القانون رقم (11) لسنة 1988 وتعديلاته، ويمنح هذا القانون الجهات والمحاكم الأمنية المختصة صلاحية إيقاع أقصى العقوبات بحق مروجي هذه المادة، كما ذكرت المؤسسة في بيانها.
وقالت المؤسسة في منشور على موقعها الإلكتروني إن مادة "الجوكر" تحتوي على أعشاب مجهولة المصدر يتم خلطها مع مركبات كيمائية يتم تصنيعها لتعطي مفعولاً شبيهاً بمواد مستخلصة من عشبة القنب والحشيش الطبيعي، وأن هذه المواد سامة وخطرة على صحة متعاطيها، ولها تأثيرات على كل من القلب والجهاز العصبي، إضافة إلى الإصابة بنوبات قد تؤدي لتسممات؛ نتيجة تحللها الى مواد أخرى سامة وغير معروفة.
وفي 26 تشرين ثاني 2015 أعادت صحف ومواقع إلكترونية محلية نشر تقرير لصحيفة عربية عن الجوكر في الأردن بعنوان: "ما هو حشيش "الجوكر"؟ وقد أشار إلى استخدام مواد كيماوية سريعة الذوبان بالدهون والنسيج الدماغي، تتسبب في الغالب بضرب الجهاز الدماغي وإحداث جنون مؤقت إلى جانب الشلل.
ما تناولته وسائل الإعلام غطى أيضا العديد من تبعات تعاطي "الجوكر"، ومنها تبعات اجتماعية وأمنية في بعض أحياء عمان، فقد نشر خبر بعنوان تفكيك مصنعين بدائيين لمادة "الجوكر" المخدرة في سحاب، تحدث عن تعرض عدد من ناشطي المجتمع المحلي بجنوب عمان، لـ"اعتداءات وتهديدات"، بعد تدشينهم لحملة توعوية لمكافحة آفة المخدرات، وذلك في أعقاب حملة أمنية، نفذتها إدارة مكافحة المخدرات، استهدفت فيها مصنعين "بدائيين" لتصنيع مادة الجوكر (الحشيش الصناعي) في مدينة سحاب.
مثال بارز آخر على اهتمام الإعلام بالآثار الاجتماعية للجوكر بعنوان: "الجوكر" ولعنة الإدمان.. تمزيق المجتمع من الداخل وهو تقرير شامل، نقل فيه عن رئيس المركز الوطني لتأهيل المدمنين الدكتور جمال العناني قوله إن الفئة العمرية المستهدفة من الحشيش الصناعي "الجوكر" ما بين 12- 25 سنة، أي فئة المراهقين وطلاب المدارس والطلاب الجامعيين، وأن كل مراحل العلاج التي تقدم للمريض المتعاطي تكون مجانا لكل أردني وأردنية، وتقدم بسرية تامة كفلها قانون الصحة الأردني.
وسائل الإعلام الخارجية غطت "الجوكر" كشأن أردني، من بينها تقرير لقناة الجزيرة كان عنوانه "الجوكر" حشيش يحتوي سم الفئران ويهدد الأردن، وتحدث التقرير عن تسلل الجوكر إلى الدول العربية منذ ثلاثة أعوام، ومن محتوياته بودرة وتبغ وسم فئران، بالإضافة إلى احتوائه على 600 مادة من أعشاب وكيميائيات في تركيبته.
رصد "أكيد" اهتمام وسائل إعلام عربية أخرى بموضوع الجوكر في الأردن، ومنها المواد التالية: "المخدرات تفتك بالشباب الأردني وتتغلغل من خلال "أرجيلة الجوكر" و الجوكر.. مخدرات اصطناعية على شكل بخور.. خطر جديد يحدق بالشباب و"الجوكر" يتلاعب بحياة أردنيين".
ولا بد من الإشارة إلى أن الاهتمام الإعلامي بهذه القضية لم يقتصر على حالة الأردن، بل شمل العديد من الدول العربية (انظر مثلاً المواد التالية): "المخدرات الاصطناعية" كارثة تدمر أدمغة العرب و"الشيطان" و"السبايسي" يسحبان البساط من الهيروين والكوكايين وأعتبرت شرطة دبي: «سبايس» أخطر من الحشيش والكوكايين، فيما نشرت (يورو نيوز أرابيك) تقريرا بعنوان "المخدرات الاصطناعية الجديدة: قانونية لكنها قاتلة" أشار ألى أن هذا النوع من المخدرات قتل 115 شخصا عام 2015 في المملكة المتحدة.
مرصد (أكيد) اتصل باستشاري الأمراض النفسية في مركز مستشفى الرشيد، الدكتور عبد الحميد العلي، بهدف التأكد من صحة بعض المعلومات العلمية المنشورة. وقد أشار إلى أن "الجوكر" من المخدرات الصناعية التي تعتمد على المواد الكيميائية الصناعية مثل المبيدات الحشرية، والمبيدات الزراعية، الأسيتون، وغيرها من المواد، ولكن ذلك مرتبط بشكل أساسي بالوصول الى معادلة كيماوية، بحث تكون تركيبتها فعالة.
واتفق مع ما نشر في وسائل الإعلام بأن "الجوكر" و"المخدرات الصناعية" لها تأثير مباشر على الجهاز العصبي، بالإضافة إلى أخطارها على الصحة الجسدية، وهو الأمر الذي قد يتسبسب بالجلطة القلبية لمن يتناولها، كما يتسبب بهلوسات وأحيانا تخيلات مرعبة، وتنعكس على تصرفات من يتناولها.
ملاحظات على أداء الإعلام
مرصد (أكيد) اتصل مع مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام العميد أنور الطراونة للحديث عن تقييمه لدور الإعلام في مواجهة المخدرات بشكل عام، ومادة الجوكر بشكل خاص.
الطراونة قال إن الإعلام لعب دورا إيجابيا في التعريف بالمشكلة، من خلال توجيه رسائل توعوية حول خطر المخدرات على متعاطيها بشكل خاص وأثرها السلبي على المجتمع، موضحا أن محور التوعية يعتبر من الركائز الأساسية لاستراتيجية الأمن العام في محاربة المخدرات.
وطالب بتوخي الدقة في نقل المعلومة والعودة إلى المصادر الموثوقة للحصول عليها خصوصا عندما تحتوي هذه المعلومات على بيانات وأرقام، مشددا على ضرورة عدم تهويل الأمور المتعلقة بمثل هذه القضايا.
ووصف الطراونة الخبر الإعلامي بالرصاصة التي عندما تنطلق لا تعود، مشيرا إلى أن نفي الأخبار غير الصحيحة بعد انتشارها، يكون في كثير من الأحيان عديم الجدوى، بل قد يكون له أثر سلبي، حيث يعتقد البعض أن النفي جاء لإخفاء الحقيقة.
وأشار إلى أن بعض الأخبار، تكون مبتورة ولا تجيب على كافة الأسئلة التي تدور في أذهان المواطنين، ومنها أين تذهب المخدرات المضبوطة؟ وأحيانا ينشر خبر عن ضبط مخدرات، دون الإشارة إلى مرتكب الجريمة، وهو ما يخلق حالة من التشويش عند المتابع.
وبين أن هناك خلطا بالمفاهيم يقع أحيانا، وتطلق أحكام غير صحيحة؛ فمثلا البعض يصف انتشار المخدرات في الأردن بالظاهرة بحيث أصبح مقرا للمخدرات، لكن الحقيقة وبالتصنيف الدولي يعتبر الأردن ممرا فقط، وهذه المصطلحات تطلق وفق أرقام وإحصاءات ومعاير عالمية.
وحول الزخم الإخباري الكبير حول مادة الجوكر ومكوناتها الذي تنشره وسائل الإعلام قال: لا يوجد أثر سلبي، بل إن ذلك يسهم في زيادة الحرص، خاصة من قبل الأهالي لحماية أبنائهم من هذا الخطر، مبينا أن الخطر يكون في غرف الدردشة المغلقة، وليس المواقع الإخبارية ولا حتى مواقع التواصل الاجتماعي.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني