عمان – أكيد
في ظل صعوبة السيطرة على محتوى ما يبث عبر منصاتها، ما تزال مواقع التواصل الاجتماعي الأسرع في بث الشائعات وانتقالها إلى وسائل الاعلام التي لا تتحرى الدقة ومعايير المصداقية في تقاريرها وأخبارها قبل النشر.
مع مطلع العام، انتشرت في الإعلام وعبره، العديدُ من الشائعات، نتناول في هذا التقرير اثنتين منهما: الأولى يمكن اعتبارها نموذجاً على الإشاعة المبنية على خلل في المعلومات يرافقها نقص في التحقق، أما الثانية فهي نموذج للإشاعة المصنوعة أو المقصودة.
انتشرت الأولى تحت عنوان: "إلغاء الإعفاءات الطبية"، وقد اعتمدت المواد المنشورة في اليوم الأول على ما كتبه النائب محمد الرياطي على صفحته الشخصية، حيث ورد فيها النص التالي:
قرر رئيس الوزراء الموت لكم ولابناءكم !!!!.
(((قرار رئاسة الوزراء ))) :-
#يمنع اصدار اي اعفاء طبي لكافة المواطنين الاردنيين الذين يحملون الارقام الوطنية في مستشفى المدينة الطبية أو الحسين للسرطان أو مستشفى الجامعة أو المستشفيات العسكرية كافة إلا على حسابهم الخاص !!!!
#يمنع إصدار أي إعفاء طبي لكل ابناء قطاع غزة القاطنين في الاردن؛ وذلك في مستشفى المدينة الطبية أو الحسين للسرطان أو مستشفى الجامعة أو المستشفيات العسكرية كافة إلا على حسابهم الخاص !!!!
ونظراً لطبيعة الموضوع وأهميته لقطاع واسع من المواطنين، فقد لاقى ردود فعل واسعة. وحملت بعض العناوين قدرًا كبيرا من الإثارة:
"الرياطي : رئيس الوزراء قرر الموت لكم ولأبنائكم"،
الرياطي: الملقي يوقف الإعفاءات الطبية،
الملقي يوقف الإعفاءات الطبية والشعب يطالبه العودة عن القرار،
الإعفاءات الطبية تثير مخاوف الأردنيين والوزير في "اجتماع".
جميع العناوين السابقة حملت صيغة تشبه "التعميم" الذي يوحي بإيقاف الإعفاءات الطبية بشكل قطعي ونهائي، ولكن الحقيقة مختلفة حتى وفق ما كتبه الرياطي نفسه في تفاصيل ما نشره، حيث أشار إلى أن الإلغاء مرتبط بالمستشفيات غير التابعة لوزارة الصحة الأردنية، لكن العبارة الصادمة التي وضعها في مطلع منشوره، كانت الأكثر جذباً عند نشطاء التواصل ومحرري المواقع الإلكترونية.
بالمقابل لم يكن النفي الحكومي واضحا، ودقيقا، وخاصة ما يتصل بالبيان الذي صدر عن وزارة الصحة ونشر تحت عنوان: "لا قرار رسميا بوقف الإعفاءات الطبية لغير المؤمنين" وجاء فيه على لسان وزير الصحة الدكتور محمود الشياب أنه لم يصدر عن الحكومة أي قرار بوقف الاعفاءات الطبية التي تمنحها رئاسة الوزراء لغير المؤمنين صحيا، وأن الحكومة مستمرة في منح الاعفاءات وأن ما تم تناقله في بعض وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي حول إيقافها غير صحيح.
في الجانب الآخر، منحت الصحف اليومية مساحة واسعة لوزارة الصحة لعرض وجهة نظرها والتي كشفت عن توجه حكومي لتقنين المبالغ المخصصة للإعفاءات، ومنح الأولوية في الاعفاءات إلى مستشفيات وزارة الصحة، سواء بعض حالات السرطان التي كانت تحول لمركز الحسين، أو الحالات الأخرى التي كانت تحول إلى المستشفيات الجامعية، ومستشفيات الخدمات الطبية.
وجاءت هذه التوضيحات بعد أيام من الجدل في الشارع الأردني وتحت عدة عناوين مثل: "الشياب: الإعفاءات الطبية قائمة لكن عبر مستشفيات "الصحة"، الحكومة تتجه لتخفيض مخصصات الإعفاءات الطبية 55 مليون دينار، الشياب: (الإعفاءات الطبية) حصرت بمراجعة مستشفيات (الصحة) ولم تُلغَ، لا قرار حكوميا بوقف الإعفاءات الطبية . وتضمنت بعض المعلومات الصادرة عن الوزارة إشارة إلى التكلفة المرتفعة لهذه الاعفاءات.
الشائعة الثانية: فاتورة الكهرباء
انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورة لفاتورة كهرباء مجتزأة ومفبركة، تضمنت زيادة في رسوم التلفزيون والنفايات وأجرة العداد، وتداولها العديد من رواد هذه المواقع وأعادوا نشرها معبرين عن رفضهم وغضبهم إزاء رفع الرسوم بشكل مبالغ فيه.
وأشار معظم من تداولها إلى صعوبة الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطن الأردني، واستهجنوا سهولة اتخاذ مثل هذا القرار، دون التفكير في عواقبه، ونشر العديد منهم على صفحاتهم الشخصية هاشتاغ يقول: "فاتورة الكهرباء ستكون بـ 8 ونصف دينار، قبل أن تستهلك منها أي "كيلو واط".
وربط آخرون ما بين الرسوم الإضافية الخاصة بالتلفزيون وضعف أدائه وعدم الرضى عنه، فيما هنأ بعضهم أصدقاءهم بالسنة الجديدة التي تزامنت مع رفع رسوم فاتورة الكهرباء!
ويذكر أن الصورة المتداولة لفاتورة كهرباء مجتزأة، تبين أن رسوم التلفزيون أصبحت دينارين بدلا من دينار واحد، ورسوم النفايات أصبحت 6 دنانير بدلا من 3 دنانير، وبلغت أجرة العداد 400 فلس فيما كانت في السابق 200 فلس. ولكن الصورة لا تشبه فواتير شركة الكهرباء الأردنية، بل تشبه (في الجزء الظاهر في الصورة) فواتير شركة كهرباء إربد.
لاحظ الرصد الذي أجراه "أكيد" أن وسائل الإعلام مالت في الغالب إلى إجراء التحقق قبل أن تتبنى الخبر، وجاء النفي الأول عبر مدير عام شركة كهرباء اربد ومن ثم تواصلت بعض الوسائل الاعلامية مع رئيس دائرة المتابعة لشؤون هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن في شركة الكهرباء الأردنية، وحصلت وسائل الإعلام على تأكيدات بأن الصورة التي تم تناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي لجزئية من فاتورة كهرباء مفبركة، مع إشارة إلى أن أي تغيير على الرسوم سواء كانت رسوم التلفزيون أو النفايات، لا يتم إلا بقرار من رئاسة الوزراء وإجراءات رسمية معلنة.
غير أن "أكيد" رصد قيام موقعين إخباريين على الأقل بنشر الخبر استنادا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، دون التأكد من صحته، وقد حذف أحدهما الخبر فيما بعد.
بصورة عامة من الملاحظ أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مرجعاً في نشر الأخبار المزيفة والمفبركة، ويتم تداولها عبر رواد هذه المواقع بصورة كبيرة من دون محاولة التأكد من صحتها.
ويُذكّر "أكيد" بالمعايير التي تتبع في التعامل مع المحتوى الذي ينتجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية التحقق من هذا المحتوى الذي ينطوي في كثير من الحالات على معلومات مضللة وغير صحيحة، ويجري تداولها بين الجمهور على أنها حقائق، وهو أمر يسهم في زعزعة الثقة في وسائل الإعلام.
وكان "أكيد" قد طور ونشر مجموعة من المبادئ الأساسية للتحقق من المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وبصرف النظر عن نوع المحتوى، إن كان مرئياً أو مكتوباً أو حتى مسموعاً، وقبل اتخاذ قرار نشر المحتوى المنتج يتوجب طرح الأسئلة التالية:
1ـ ما حجم القيمة الإخبارية للمحتوى الموجود على شبكات التواصل الاجتماعي؟ أي: هل يوجد له أهمية وقراءة تستحق التحقق منها؟
2ـ من المصدر الذي يقدم هذا المحتوى؟ وهل هو مصدر واضح الهوية؟ وهل هو من "الصحافيين المواطنين" الذي سبق أن قدموا أخباراً موثوقا بها على الشبكة؟ أو هل هو من الناشطين المعروفين بهويتهم ومن خلال حسابه الإلكتروني مما يمكن الاتصال بهم؟ وهل الحساب الذي قدم المحتوى غير معروف ويمكن التشكيك بهويته؟
3ـ هل المعلومات التي يقدمها المستخدم يمكن التحقق منها من مصادر أخرى؟
4ـ هل يوجد تناقض في المضمون أو المعلومات يُشككُ فيها؟
وبعد التأكد من تطبيق تلك المعايير ينصح مرصد "أكيد" المحررين باتباع ما يلي:
1- حدد القيمة الإخبارية للمضمون، هل يستحق أن تبذل جهداً من أجله؟
2ـ المضامين المنشورة في حسابات مجهولة الهوية ابتعد عنها.
3ـ إذا كان الحساب معروف الهوية وسبق أن نشر أخباراً في السابق وخُبر عنه الصدقية حاول أن تتصل به.
4ـ تتبع المسار الزمني للموضوع وتطور مضمونه على الشبكة وصولاً إلى أول مصدر قام بنشره.
5ـ القاعدة المهنية، وحتى هذا الوقت، أن أي مضمون يقدمه المستخدمون عبر الشبكة، لا تتوفر أدلة على مصداقيته، يجب تجنبه.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني