عمّان 17 أيَّار (أكيد)-عُلا القارصلي-تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ردود فعل جمهور المتلقين على اتصال هاتفي لمذيعة في وسيلة إعلامية محلية مع ضيفٍ؛ للحديث حول حماية المستهلك في الأردن، وانتهى الأمر سريعًا بمشادّة كلامية وقطع الاتصال، وتسبّب ذلك بحالة من الجدل حول من المخطئ، المذيعة أم الضَّيف؟ وساقت الآراء حججًا مختلفة لتبرير مواقفها.
وحسب رصد (أكيد) فقد تمثلت النتيجة الفعلية لهذه الحادثة بخسارة فرصة حوار جدِّي حول قضية مهمة للمستهلك، فلا المذيعة نجحت بتقديم حلقة مفيدة من المعلومات لمستمعيها، ولا الضَّيف أدلى بما لديه من معطيات وإجابات عن التساؤلات المطروحة.
وبعيدًا عن الانغماس في هذا الجدل حول المسؤولية عن إفشال هذه المقابلة، فإنَّ (أكيد) يرى أنَّ الدَّرس المستفاد من هذه الحادثة، هو في العودة إلى استعراض المعايير المهنية التي تحكم المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، وهي معايير تخص حصرًا جانب الصَّحفي والإعلامي. وتنص المادة (15) من ميثاق الشرف الصحفي على وجوب أن يراعي الصحفيون "عدم الخروج على قواعد اللياقة وتقاليد المهنة في التَّعامل مع زملائهم أو مع الآخرين"، مثلما أنَّهم معنيّون بأن يسترشدوا بالممارسات الفضلى في عالم الصّحافة؛ لإيصال الرِّسالة الإعلامية للمتلقين دون تشويش.
ويشير (أكيد) إلى المعايير المهنيّة التي أكدّت عليها أدبيات المقابلات التلفزيونية والإذاعية والصَّحفية، وفي مقدمتها ما يلي:
أولًا: البحث حول الموضوع والضَّيف
عند اتخاذ القرار بإجراء مقابلة للحصول على معلومات وتفاصيل وتوضيحات أكثر من المتوفرة لدى الإعلامي أو الصحفي يتوجب عليه الآتي:
• اختيار شخص متخصص بالموضوع، فمراعاة التخصص هي أقصر الطرق للحصول على المعلومات المؤكدة، ويُفضّل أن توازي معلومات الإعلامي ما لدى الضيف من معلومات، فامتلاك القدر الكافي من المعلومات عن القضايا قيد الحوار، يقود غالبًا إلى حوار ناجح، أما الاكتفاء بما هو ظاهر ومعروف للجميع، يقود إلى حوار سطحي يملأ حيزًا، لكنَّه لا ينال رضا الجمهور.
• يجب تحديد الهدف من المقابلة بوضوح؛ لضمان الحصول على المعلومات والمواقف والإجابات والتوضيحات المطلوبة دون الدخول في هوامش جانبية لا تخدم، ودون تشعّب قد يسمح للضيف بالتهرب والابتعاد عن الأسئلة المركزية.
• جمع معلومات عن خلفية الضيف وتوجهه الفكري،ومواقفه، والتأكد مما إذا كتب شيئًا مؤخرًا عن موضوع المقابلة، إضافة إلى أهمية التعرف على قدراته في الحديث، وأسلوبه في إعطاء الإجابات،فهذه المعرفة تزيد جرأة الإعلامي وتمكّنه من صياغة تسلسل فعّال لأسئلته.
ثانيًا: صياغة الأسئلة وترتيبها
إن تفكير الإعلامي المسبق باختيار الطريقة الأنسب؛لإدارة الحوار من بين عدة طرق، سيمكّنه من اعتماد الأسلوب المناسب خلال سير المقابلة، ولعل من البديهي وضع الأسئلة بترتيب منطقي يتناسب مع هدف المقابلة، وما سيتمّ إطلاع الجمهور عليه، لذلك فإنَّ الأسئلة البديلة ضرورية، وتوضع بناء على الإجابات المتوقعة من الضيف، وأفضل الأسئلة هي المباشرة البسيطة والقصيرة، وقد يكون أهمها ما ينشأ خلال المقابلة، أي غير المعدّة سلفًا.
كذلك، فإن إعادة النظر بالأسئلة إذا ما احتوت على مواقف وآراء خاصة وألفاظ حادة وعدائية قد تُغضِّب الضَّيف أمر مهم جدًا، وهذا لا يعني أن يمارس الإعلامي المجاملات مع الضيف بل المطلوب هو أن يحْمِله على التعامل مع الأسئلة كافة ما دام أنها وُجّهت إليه بطريقة مؤدبة ودون اتهام.
ويشمل إعادة النظر بالأسئلة ترتيبها بشكل يخدم شرح موضوع المقابلة والهدف منها، مع مراعاة الوقت، ففي حين قد تقسم الحوارات الطويلة إلى محاور بشكل تصاعدي، تحتاج المقابلات القصيرة إلى أسئلة مباشرة وقصيرة، ومفيد أن يتخيل الإعلامي نفسه مشاهدًا أو مستمعًا للمقابلة، بذلك يضمن لنفسه أن يتصرف كنائبعن الجمهور، ويكفل الحفاظ على جمهوره.
ثالثاً: مواصفات المحاور الجيد
من الضروري أن يمتلك الإعلامي المحاور صفات أساسية، أهمها:
• قدرة كبيرة على الإصغاء، وملاحظة الانفعالات،واستغلال ما قد يفلت من أفواه الشَّخصيات التي يحاورها، وتخطي ما هو معدّ سلفًا من أسئلة قد تكون مهمة لصالح أسئلة أهم قد تبرز الحاجة لطرحها في سياق الحوار.
• الإصرار على تلبية احتياجات ومطالب الجمهور وممارسة الإلحاح على ضيوفه لتحصيل إجابات واضحة ولكن بلغة مؤدبة.
• معرفة ممتازة بقوانين الصِّحافة وحرص تام على التقيد بها والالتزام بسياسة المؤسسة التي يتبع لها، والالتزام الذَّاتي بأخلاقيات المهنة ضمانًا للنزاهة وعدم التعسف في استخدام الحقوق، والإعلامي الحريص على سمعته المهنية، يراقب نفسه باستمرار ويراجع مبادئه ومدى نزاهته وحرصه على الحياد، ويسأل نفسه بعد كل مقابلة: هل كان الهدف الذي وضعته صائبًا؟ وهل تحقق؟ كما أنه يستمع لرأي الآخرين فيه وفيما يقدم لهم، ويفتح أمامهم باب التواصل معه.
• وفي إطار الإشارة إلى أخلاقيات المهنة، على الإعلامي أن يذكر دائمًا أنه وكيل عن الجمهور، وأنه يُجري المقابلة لمصلحته، وأنّ عليه أن يوجه الأسئلة التي تشغل باله، وأن لا يتسلح بأي آراء مسبقة تُخل بحياده، كما أنَّ عليه أن يمتنع عن قبول أيِّ هدية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
• الحرص على التجديد في الأساليب، والتنويع في القضايا، ومواكبة التطور والحداثة في التقنيات،فالعمل الإعلامي أصبح اليوم صناعة تحتاج إلى التشويق والإبهار، إن لم يكن لخدمة القضايا المطروحة، فلكي لا يتخلف عن الوسائل الإعلامية الأخرى المنافسة التي تحدّث قدراتها بشكل دائم ومتسارع.
ويرى (أكيد) أنَّ الإعلامي بقدر ما يلتزم بالمعايير المهنية والاخلاقية في عمله الذي يتصل بالمقابلات الإذاعية والتلفزيوينة، فإنَّه يقدِّم خدمة حقيقية لجمهوره، ويكفل الاحترام لإدائه وشخصه.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني