"وفاة اليوتيوبر أحمد الخليلي".. وسائل إعلام تمنح ألقابًا دون معايير صحيحة وتُسْهِم بالفوضى

"وفاة اليوتيوبر أحمد الخليلي".. وسائل إعلام تمنح ألقابًا دون معايير صحيحة وتُسْهِم بالفوضى

  • 2022-08-31
  • 12

عمَّان الأول من أيلول (أكيد)-نشرت وسائل إعلام محلية خبرًا أوليًا يُفيد بوفاة مواطن ينشط ببث محتوى له على عدد من منصَّات التَّواصل الاجتماعي، وقالت إنَّ صفحته الخاصة نشرت ذلك، ونقلت هذه الوسائل الخبر عن حسابات مشتركين قالوا إنَّه توفي أو مختفٍ منذ ساعات.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، سلوك تغطية وسائل الإعلام لهذه القضية، وتبين أنَّ أبرز وأهم المخالفات المهنية التي ارتكبتها تلك الوسائل هي إطلاق مسمى ناشط ومؤثر ويوتيوبر على الأشخاص لمجرد وجودهم على هذه المنصَّات ومتابعتهم من عدد من الأشخاص، على الرغم من أنَّ هذه الوسائل يجب أن تكون دقيقة في إطلاق المسمّيات والأوصاف على الأشخاص وضمن ضوابط محدَّدة.

ولاحظ (أكيد) أنَّ المخالفة الثَّانية التي ارتكبتها وسائل الإعلام، هي أنَّها أفردت مساحات كبيرة لتغطية الحادثة في البداية رغم أنَّ الطَّريقة الطبيعية هي التّواصل مع الجهات الرَّسمية وذوي الشَّخص والخروج بمادة متكاملة ومتوازنة يتم التَّدقيق في كل كلمة منها، وبالتَّالي تُسهم هذه الوسائل ببتر الإشاعة ومنع التَّضليل والتَّشويش الذي قد يصل لشريحة أوسع عندما تتبنّاه وسائل الإعلام.

ويشير (أكيد) أنَّه وخلال رصده تغطيةَ هذه الحادثة، تبيّن أنَّ وسائل إعلام نقلت مباشرة خبر وفاة صاحب الحساب بعد أن نُشر على الحساب نفسه معلومات تفيد بوفاته، ولم تذهب هذه الوسائل إلى التَّحقق، بل كان سعيها إلى السَّبق الصَّحفي على حساب الدِّقة، والإسهام، بقصد أو بدون قصد، في التَّرويج لصاحب الحساب وزيادة انتشاره ورفع عدد متابعيه.

ورصد (أكيد) صفحات عامة وحسابات مشتركين على مواقع التَّواصل الاجتماعي تناقلوا خبر وفاة الشَّاب الخليلي، لكن وبعد أن مرَّت ثلاث ساعات تقريبًا خرج تصريح حصلت عليه وسائل إعلام محلية صادر عن وزارة الخارجية والسَّفارة الأردنية في القاهرة يبين أنَّ الشَّخص ما زال على قيد الحياة وقد تواصل مع أهله وهو بصحة جيدة.

وبعد انتشار خبر نفي وفاته، انطلقت حسابات مشتركين ووسائل إعلام ببث مواد صحفية تبين أنَّ الشَّاب قام بتضليل الرَّأي العام ومحاولة كسب مزيد من المتابعين على حسابه على منصَّات التَّواصل، لكنْ لم يصدر أي اعتراف من صاحب الحساب يفيد بحقيقة روايات الجمهور، وظهر بمقطع مصور قال فيه إنَّه يحاول استعادة حساب له نشر معلومة الوفاة وإنَّه بخير.

ووجد (أكيد) أنَّ وسيلة إعلام محلية استمرّت في إعطاء القضية أكبر من قيمتها الإخبارية لجمهور المتلقين، واستضافت شقيق الخليلي، والذي روى القصَّة من طرف واحد، وفي حين أنّه بمثل هذه القضايا يجب انتظار الجهات التَّحقيقية لبيان حقيقة القصَّة إن كانت مؤثرة بالرَّأي العام، مع أنَّها غير مهمة بتفاصيلها بحسب معايير العمق المهنية، خاصَّة بعد بيان رسمي أردني  يوضّح أنَّه ما زال على قيد الحياة. وهنا كان على وسائل الإعلام أن تتوقف عن الاهتمام بالقضية.

وشاهد (أكيد) وسيلة إعلام محلية تستضيف بعد يوم من الحادثة في برنامج صباحي متخصِّصة بالقانون، ودار حوار حول محاسبة القانون لكل شخص يدَّعي الموت، وهذا مهم في جانب المساءلة وفرض العقوبات.

ورصد (أكيد) منشورات على منصَّات التَّواصل الاجتماعي تُعيد التَّذكير بقضية اعتداء مزعومة على أحد الأشخاص قبل سنوات وربطها بقضية الخليلي، لكن وبعد التَّحقيقات تبين زيف إدعائه. وكانت وسائل إعلام قد أسهمت في تغطيتها لتلك الحادثة بمساعدة صاحب القصة على نشر روايته التي اكتشفتها الأجهزة الأمنية حينها.

ووقع جمهور المتلقين قبل فترة قصيرة ضحية التضليل والتَّشويش عندما استقبل من وسائل الإعلام ومنصَّات التَّواصل الاجتماعي خبرًا حول اختطاف طفل أردني في تركيا رافق ذلك توجيه أصابع الاتِّهام بعمليات خطف وإتجار بالبشر، وتبين بعد ذلك عدم صحة قصَّة الاختطاف.

وانتقل خبر الوفاة وكشف كذب ذلك إلى الإعلام الخارجي الذي نقل عدَّة عناوين أبرزها مفاده أن الخارجية الأردنية تكشف حقيقة وفاة مواطن أردني بعد أن نشر حسابٌ له معلومةً تفيد بأنَّه توفي.

ويود (أكيد) الإشارة إلى أنَّ على وسائل الإعلام التَّوقف عن منح ألقاب مثل مؤثر لشخص فقط يتابعه أشخاص حتى لو كان عددهم كبير، والنَّظر إلى نوعية محتواه وما يقدِّمه لمتابعيه وكيف يمكن أن يترك أثرًا، والابتعاد عن تبني أصحاب المحتوى فاقد القيمة للمجتمع وللإنسان بشكل عام.

ويبين (أكيد) أنَّ من أخطر التَّغطيات التي تقوم بها وسائل الإعلام المحلية تلك التي تلحق بوسائل التَّواصل الاجتماعي وتتبنى كل ما تنشر بحثًا عن زيادة عدد المتابعين لديها والحصول على شعبوية تنتهي سريعًا لدى جمهور المتلقين بمجرد كشف ذلك لهم.

ويشير (أكيد) إلى أهمية أن تُكثِّف وسائل الإعلام حضورها وتغطياتها بشكل نوعي وبالقضايا كافة، لتكون عاملًا مهمًا في قطع الطَّريق على من يتبنون نشر الأخبار المضلِّلة والخاطئة والتي تشغل الرَّأي العام وترفع من شأن أشخاص لا يمتلكون محتوى يستحق المتابعة ولا يترك أثرًا نبيلًا في المجتمع.