أكيد- أنور الزيادات
واجهت حكومة الدكتور عمر الرزاز فور الإعلان عن تشكيلها يوم الخميس 14 حزيران 2018، حملة من النقد على مواقع إخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي، تركزت في أغلبها على إعادة الحكومة 15 وزيرا من حكومة الدكتور هاني الملقي الأخيرة ومؤهلات وزراء جدد، الا أن النقد تجاوز الحدود الموضوعية ليطال الحياة الشخصية لبعض أعضاء الحكومة ووصل أحيانا الى خطاب تمييزي.
وتناول نقد مواقع إخبارية ووسائل التواصل، أمورا خاصة وشخصية وعائلية لأعضاء في الحكومة ترتبط أحيانا بثقافتهم أو الجندر أو على أساس مناطقي أو طائفي ، كما تم انتقاد ممارستهم لبعض الهوايات، ومنها ما نشر تحت عنوان "الرزاز والعيد والبؤساء" ، والذي جاء فيه وبلغة عامية " خيوه هاي حكومة السبع نسوان ! يا اخوان هاي مش حكومة هاي فارده!!.".
ويلاحظ أن وسائل الإعلام التزمت بشكل عام بالنقد الموضوعي ، كما قامت بمتابعة ما ينشر في كثير من الأحيان بشكل مهني، لكن مرصد مصداقية الإعلام الاردني (أكيد) تابع أيضا عددا من التجاوزات التي نشرت على المواقع وصفحات التواصل.
وانطلقت وسائل إعلام بالتعريف برئيس الوزراء الجديد بالقول أن "عمر الرزاز رئيس الوزراء من أصول سورية، وانه ولد من أب سوري الأصل وهو الدكتور منيف الرزاز سياسي عربي ولد في دمشق عام 1919 وهاجر مع أسرته الى الأردن عام 1925 وهو من أم فلسطينية من غزة.."، وهذه الإشارة عندما تكون عنوانا لخبر فلا قيمة لها في تقييم الأداء.
كما حملت بعض المواضيع نقدا مرتبطا بجذور إقليمية فقد جاء في أحد الأخبار "... تشكيلة على مقاصة بنكية وجهوية وفئوية، 10 وزراء من أربد و 5 وزراء من أصول شامية و 6 وزراء سلطية ، و 4 وزراء من البنك الأهلي ...".
ومن العناوين الأخرى " حكومة الرزاز .. تنفيعات وعدالة بين "عدايل".. وتكرار نمطي محبط، و المسلماني: حكومة الرزاز.. الأقرباء أولى بالمعروف ، تعرف على أسرار وتفاصيل "تبديل" الطاقم الوزاري لحكومة الرزاز في اللحظات الاخيرة.
أما النقد على وسائل التواصل الاجتماعي فقد تجاوز في كثير منه الموضوعية ليتركز على حياة الوزراء الجدد الخاصة منهم وزير الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات مثنى الغرايبة الذي كان موضع جدل على صفحات تلك المواقع، ووزيرة الثقافة بسمة النسور، ووزير الصناعة والتجارة طارق الحموري، ووزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف، ووزير الشباب مكرم القيسي.
وتضمنت بعض التعليقات والمشاركات الفاظا جارحة وأساليب تندر ومعلومات شخصية غير دقيقة واتهامات غير موثقة، كما نشرت صور لأعضاء في الفريق الوزاري رافقها نقد جارح جدا، واستحضار صور قديمة لبعضهم تم توظيفها في اطار ساخر يحط من الكرامة الإنسانية لأي شخص مسؤول كان أو مواطن.
في مواجهة هذه الحالة، أشارت بعض المقالات الى أن النقد "اتخذ منحا شخصيا تجاوز في أحيان كثيرة الاعتبارات المهنية وانزلق لمدارك أخلاقية ممثلة بالتشهير واغتيال الشخصية وفبركة الاتهامات في حملة انجر إليها الآلاف من الأشخاص من دون أدنى معرفة بالحقائق والأهداف من ورائها".
وجاء في أحد المقالات "أن ما حدث مع الوزير الغرايبة – ابن 38 عاما – كان أمرا مشينا ومعيبا وغير عادل، عندما تطرق مستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع اخبارية من المفترض ان تكون مهنية، لينقلوا صورا ومنشورات واخبار عن حياته الشخصية ".
وأورد مقال أخر بالقول "ما استوقفني بهذه الحملة الاتهامية تلك الطروحات القائمة على أساس عرقي او جهوي. لا يروق لي ذلك البتة ولا أوافق تلك الأصوات التي ارتفعت بان الرزاز ليس من أصول أردنية بحتة فهكذا طروحات فلا فرق بين أردني شرقي او أردني من أصول شامية أو فلسطينية أو مسيحي أو مسلم...".
وتحت عنوان ليست من أخلاقنا أشار أحد المقالات إلى أن "بعض النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي تناولوا أشخاص الوزراء المكلفين بالشتائم والاتهامات والتجريح الذي يتخطى حدود الحرية ويخرج على حق المواطن في المعرفة وحرية النشر. في بعض ما نشر انهال النشطاء على الأشخاص لا لسبب بل لأنهم يختلفون عنهم في المعتقد أو طريقة الحياة أو في بعض الممارسات والعادات".
تجاوزات مهنية
وبعد إعلان التشكيلة الحكومية تداولت وسائل التواصل معلومات غير صحيحة مرتبطة ببعض أعضاء الطاقم الوزاري، ونقلت مواقع إخبارية هذه المعلومات، ومنها حصول وزير الصحة محمود الشياب على معلولية منذ 2011، فيما شكّك البعض بحمل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مثنى غرايبة لشهادة جامعية وأن وزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف ابنة خالة الرئيس الرزاز، فيما قال البعض إن وزير الصناعة والتجارة طارق الحموري نسيب رئيس الديوان الملكي السابق فايز الطراونة.
وعادت مواقع ونشرت أخبارا بعناوين مختلفة ردا على هذه الشائعات، ومنها :"وزراء من حكومة الرزاز يدافعون عن أنفسهم" و "4 وزراء يجيبون حول "معلولية" الشياب وشهادة الغرايبة وقرابة الرزاز بلطوف وخبرة الحموري ونسبه بالطراونة.، و"الرزاز يدافع عن وزراء حكومته ضد الشائعات".
وحملت بعض المواد المنشورة على مواقع إخبارية معلومات من مصادر غير موثوقة، ولم تراعي الأصول المهنية والأخلاقية، وهي منقولة عما وصف بـ" رواة الجلسات الخاصة" بالقول ان "كل الشخوص الذين استدعاهم الرزاز للتشاور لم يجري اختيار أحد منهم ، وحتى أن رجائي المعشر (...) جاء بنصيحة و توصية من جهة غامضة".
ومن الملاحظات على التغطية نشر عنوانين مختلفين حول عدد الوزراء الذين ضمتهم حكومة الرزاز من حكومة الملقي ،وهما صحيحان الا أنهما خلقا حالة من التشكيك في المعلومات، فأحد الأخبار استثنى الرزاز من مجموع الوزراء فيما الأخر قام بوضع الرزاز ضمن المجموع الكلي 15 وزيرا من حكومة الملقي في حكومة الرزاز و 16 وزیرا من الملي إلى الرزاز.
راكان السعايدة: النقد المسموح هو المرتبط بالأداء وتقييم العمل وليس خصوصيات الأفراد
قال نقيب الصحفيين راكان السعايدة في حديث مع "أكيد" ان "النقد المسموح هو النقد المرتبط بالأداء وتقييم العمل وليس المرتبط بخصوصيات الأفراد، مضيفا أن "الاعتداء على خصوصيات الأفراد ليس من المهنة وبالتالي هو مرفوض ويجب الانتباه الى هذا".
وأوضح أن هناك "منظومة من القيم والأخلاقيات التي تحكم ما نكتب أو نتناول كمؤسسات إعلامية وأفراد قائمة على الموضوعية والدقة والمصداقية"، مؤكدا ضرورة عدم تناول الجانب الشخصي والالتزام بالقوانين ومواثيق الشرف الصحفي التي تؤطر العمل الإعلامي.
وأضاف السعايدة "نتيجة غياب المهنية ودخول بعض الأشخاص الى القطاع وهم ممن لا يملكون المعرفة , أو عدم دراسة المهنة وغياب الخبرات التراكمية أدى الى تشوهات وأحدث خلطا بين بين تقيم اداء العمل، وتناول الأمور الشخصية، ما أدى الى نتائج عكسية وسلبية على المهنة والعاملين بها وأصبح الجميع متهم بعدم مراعاة أخلاق المهنة".
هالة عاهد: الأخطر فيما حدث من انتقادات هو المس بعائلات هؤلاء الوزراء
بدورها قالت المحامية والناشطة الحقوقية هالة عاهد لمرصد (أكيد) ان النقد المباح "يتعلق بعمل الوزير والسلوك الشخصي الذي يؤثر على عمله، حتى وان كان هناك انتهاك للخصوصية كتداول صور لمسؤول عامل وهو يقامر".
وأضافت "نلاحظ أن بعض الانتقادات التي وجهت الى الوزراء الجدد في الحكومة الجديدة ترتبط أحيانا بأمور لا تؤثر على عملهم، وبعضها ارتبط بتصرفات شخصية قبل توليهم المسؤولية ولا تؤثر على أداء واجباتهم، وهو نقد غير مباح ـ كما أن هذا النقد وصل احيانا الى درجة القدح والذم والتشهير".
وقالت ان "الأخطر فيما حدث من انتقادات المس بعائلات هؤلاء والوزراء، وتجاوز النقد المباح"، مشيرة الى ان "النقد الموجه لحصول وزير على معلوليه ، أو جمع بعض الوزراء بين عمله كوزير وعضوية ادارات شركات ومؤسسات أخرى مقبول وهو جزء مهم من العملية الرقابية وكذلك انتقاد عمل الوزراء السابقين".
وأشارت الى أن "التركيز على أصول الوزراء وزوجاتهم أو أزواجهم يساهم في حرف الرأي العام عن القضايا الحقيقية، فهناك أسئلة مشروعة هي من صميم العمل الاعلامي وحق الناس في المعرفة في الوقت الذي تشكل فيه بعض المنشورات اعتداء على الخصوصية".
وتابعت " يجب علينا التمييز بين من أطلق شائعة وبين من تداولها بحسن نية، مثل الحديث عن ان هالة لطوف ابنة خال الرزاز، هذه المعلومة تداولتها مواقع دون التأكد من مصداقيتها، وهو تصرف غير مهني، ولكن من تداول المعلومة بحسن نية من أجل الوصول الى الحقيقة فتصرفه مختلف".
وكان مرصد (أكيد) تطرق سابقا الى قضايا مشابهة تحت عناوين منها وسائل اعلام تتعدى حق النقد الى الإساءة وانتهاك الخصوصية في قضيتي جورجينا وحداد ، التعديل الحكومي على التواصل الاجتماعي: نقد الشخصية العامة لا يعني انتهاك الخصوصية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني