عمّان 7 تشرين الثاني (أكيد)-عُلا القارصلي- طلبة هنا أمام جامعتهم ... يحتجون على تهالك الحافلات التي يستخدمونها، وطلبة هناك ... ينتظرون لساعات من أجل الظفر بحافلة تنقلهم، وطلبة آخرون طفح بهم الكيل ... يسيرون على الأقدام، احتجاجًا على وضع خدمات النقل، من الزرقاء إلى جامعتهم في محافظة إربد، شمال المملكة. وماذا بعد؟ شكاوى من زيادة الأجرة، ومن اكتظاظ داخل الباصات، وعدم مراعاة شروط السلامة العامة، وضحايا باص جامعي ما زالت ذكراهم حاضرة في الذهن ... جميعها مشاهد نقلتها وسائل الإعلام الأردني مؤخرًا حول ضعف كفاءة النقل العام.
وبالرغم من معاناة هؤلاء الطلبة وعذاباتهم اليومية، إلا أن الإعلام المحلي لم ينجح في تحويل قضيتهم إلى قضية رأي عام تحظى بتعاطفِ أوسعِ قطاعات المجتمع، وفق قراءة (أكيد) للمشهد الإعلامي.
فهل يحتاج هذا الأمر إلى اجتراح المعجزات؟ طبعًا لا، بل يحتاج إلى الاستنارة بمعايير المهنية، وفي مقدمتها مراعاة السياق، في إطار السعي لضمان الشمول والتكامل للتقارير الإخبارية، وفي مقدمة ذلك التعريف بجذور مشكلات النقل العام التي يعاني منها الطلبة وحجوم المتضررين منها، وتوفير الأرقام والإحصاءات والبيانات اللازمة لذلك لكشف الحقائق أمام المتلقين.
ويمكن التذكير هنا بمعلومات مهمة سبق أن نشرتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، بيّنت أن غالبية الركاب في وسائل النقل العام هم من فئة (19-26) سنة بواقع 46.3 بالمئة، وهذه الفئة تشمل طلبة المعاهد والجامعات وكذلك الشباب في سوق العمل، في حين أن غالبية استخدام وسائط النقل العام لغايات الذهاب لأماكن الدراسة تمثل 35.5 بالمئة بحسب الدراسة المسحية التي أجرتها هيئة النقل البري لقياس رضا متلقي خدمة النقل العام.
وبحسب دراسة تشخيصية صادمة للبنك الدولي صدرت في شباط 2022 حول النقل العام في الأردن تناولت وسائل إعلام بعض نتائجها وتوصياتها، فإن 85 بالمئة من إسطول النقل العام يملكه ويديره أفراد، ولعل هذا سبب رئيس لمشاكل النقل عند الطلبة لضعف المؤسسية. كما أظهرت الدراسة أن 69 بالمئة من سائقي النقل العام ارتكبوا مخالفات مرورية، وكانت هذه المخالفات تتعلق بشكل أساسي بالسماح لعدد أكبر من الركاب بالصعود إلى الحافلة في تخطٍ للحد الأقصى المسموح به، وتجاوزٍ لحدود السرعة.
ويرى (أكيد) أن كشف وسائل الإعلام النقاب عن مشكلات النقل عند الطلبة له تأثير مهم، غير أن التأثير يصبح أقوى إذا اقترح الصحافيون طرقًا لحلها، وعرّفوا ببعض التجارب الناجحة في بلدان تعاني مشكلات مماثلة للاقتداء بها.
إن هذا النوع من الكتابة، يسهم بالاشتباك الإيجابي مع أصحاب القرار، وتاليًا في تغيير السياسات. بهذا يمكن للصحافة الموجهة نحو الحلول أن تساعد في بلورة حلول لتحسين منظومة النقل العام وتطويرها، وتشجيع الاستثمار فيها، وهذا يعود بالفائدة على الجميع.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني