غطت وسائل الإعلام المختلفة، 11 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، خبر إتمام عملية "دمج المدارس" في العديد من القرى في المحافظات، بعناوين مثل: إغلاق 48 ودمج 668 شعبة وتوفير 1065 معلماً، لكن أيّا من وسائل الإعلام تلك لم يوضح إن كان ذلك يعني أن الطلبة الذين أغلقت مدارسهم قد التحقوا فعلاً بالمدارس الجديدة أم لا.
ما حصل منذ صدور قرار الدمج مطلع آب (أغسطس) الماضي، أن وسائل الإعلام نشرت العديد من الأخبار عن احتجاجات الأهالي والطلاب، وامتناع الكثير منهم الالتحاق بالمدارس الجديدة، وشملت الأخبار عدة محافظات جنوباً وشمالاً، منها:
المفرق: طلبة في دير الكهف يمتنعون عن الدراسة احتجاجا على "الدمج"
امتناع طلبة مدارس قضاء دير الكهف عن الدوام يدخل أسبوعه الرابع
احتجاجا على قرار "الدمج": الاعتداء على مدير تربية البادية الجنوبية
استمرار إضراب طلبة مدارس في البادية الجنوبية احتجاجا على دمج المدارس
احتجاجات تعم المملكة رفضاً لقرار دمج المدارس
أهالي يمنعون أبناءهم من الذهاب إلى المدارس احتجاجا على قرار الدمج
كما واظبت وسائل الإعلام على نشر الأخبار المتصلة بنشاطات وزارة التربية في الدفاع عن قرارها، ونشرت كذلك آراءً لخبراء يدافعون عن القرار ويشيدون بجدواه.
مرصد "أكيد" اتصل على سبيل التحقق بخمسة من مندوبي الصحف الذي غطوا تلك الأخبار من محافظات مختلفة، لم يتمكن أيّ منهم من تقديم إجابة واضحة عن مدى التطبيق الفعلي لقرار الدمج، بالذات الإجابة على السؤال الأساسي المتعلق بالتحاق التلاميذ أو عدم التحاقهم بالمدارس.
ما نريد الإشارة إليه هنا في هذه المتابعة للأداء الإعلامي، يتصل تحديدا بنظرة الصحافي، في هذه الحالة، إلى معنى عبارة "انتهى قرار الدمج" أو "انتهاء قضية الدمج"، ففي كل الحالات أجاب الصحافيون أن الوزارة أبلغتهم أن المشكلة حُلّت، لكن بعضهم، عند سؤاله، أجاب أنه بحكم معرفته بالأهالي وموقفهم فإنه يعتقد أنهم لن يرسلوا أبناءهم وخاصة بناتهم (الإناث) إلى المدارس الجديدة، ولكنه مع ذلك- بوصفه صحافيا- يعتقد أن "المشكلة انتهت".
يرى مندوبو الصحف أن مهتمهم تنحصر في نشر ما يصلهم من أوراق وبيانات أو ما يحصلون عليه من معلومات عبر الهاتف من الجهات ذات العلاقة.
النائب بسام البطوش، رئيس لجنة التربية النيابية، الذي كانت له، بحكم موقعه، عدة مداخلات في المواد المنشورة عن موضوع الدمج، قال في اتصال مع "أكيد" إن الإعلام كان مقصراً للغاية في متابعة مشكلة دمج المدارس، فلم يتحرك أي صحافي إلى الميدان، ويجري مقابلات، ويطالع الحالة الواقعية، ولم يتابع سلوك الطلاب بعد قرار الدمج. وأضاف البطوش أنه يعلم أن هناك حالات تسرب نتيجة الامتناع عن الذهاب إلى المدارس الجديدة. وأوضح أن هناك معاناة مستمرة عند كثيرين في التنقل لا سيما أن الوزارة لم تنفذ قراراتها بخصوص تأمين الطلبة إلى المدارس الجديدة.
إن ما نُشر كمتابعات لقضية هامة تتعلق بمصير مئات من التلاميذ في مناطق هي أحوج ما تكون إلى الانتباه والرعاية، لا تنطبق عليه مواصفات المتابعة الصحافية المهنية الجديرة بهذه التسمية، فهذه تتطلب من الصحفي الذهاب أبعد من التصريحات عبر الهاتف، أو من خلال البيانات المكتوبة التي تتلقاها مكاتب الصحف في المحافظات، فالصحفي مسؤول عن الكشف الحسي المباشر. هذا فضلاً عن أن نقل وجهة نظر الطرف الرئيسي الأول في القضية، وهو الأهالي في مناطق فقيرة، يشترط عدم الاكتفاء بالتصريحات، لأن المواطنين في هذه المناطق، لا يتوفر لديهم "محترفو" صياغة تصريحات، أو ناطقون إعلاميون، كما هو حال الطرف الثاني، أي وزارة التربية.
إن من تتاح له فرصة قراءة كل ما نُشر عن قضية الدمج خلال الشهرين الماضيين، لن يتمكن من تشكيل صورة حقيقية عما جرى، وأقصى ما يمكنه استنتاجه أن الإعلام يقول إن المشكلة حُلّت.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني