عمّان 28 نيسان (أكيد)- عُلا القارصلي- على مدار الأشهر القليلة الماضية، قدّمت العديد من الحكومات الغربية الدّعم العسكري لإسرائيل في حربها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، وتنامت الاتّهامات لها بأن أسلحتها تُستخدم لارتكاب جرائم حرب في القطاع. ومع تصاعد الاحتجاجات العالمية إزاء الحجم الهائل من الدّمار والقتل والتجويع في غزّة، غير المسبوق في غضون هذه الفترة الزّمنية، أصبح تفنيد تلك الحكومات للاتّهامات الموجهة إليها شبه مستحيل.
المطالبات الشعبية والسياسية بوقف تزويد إسرائيل بأسلحة تستخدمها في حرب الإبادة الجماعية في غزّة، مثّلت تطورًا في منتهى الأهمية على صعيد علاقة الغرب مع إسرائيل، فبعض هذه المطالبات نجحت في أن تفرض على حكومات بلدانها وقف تزويد إسرائيل بالإسلحة، فيما لم تنجح أخرى.
فقد أعلنت كندا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا، وكذلك اليابان أنها ستتوقّف عن تزويد إسرائيل بالأسلحة لأن الدّعم العسكري لها أصبح محفوفًا بالمخاطر بسبب اتّهامات التحريض على الإبادة الجماعية، في حين أن الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، لم تراجع سياساتها بعد على هذا الصعيد، حتى أن الإدارة الأمريكية مرّرت مؤخرًا مشروع قانون في الكونغرس لدعم إسرائيل وأوكرانيا وتايوان بمبلغ 95 مليار دولار، كانت حصة إسرائيل منه 26 مليار دولار. [1]
صحيح أنه لم يكن متوقعًا لدول مثل الولايات المتحدة، بشراكتها المعروفة في العدوان على غزّة، أن تتوقّف عن توريد مزيد من السلاح إلى إسرائيل. فالولايات المتحدة وألمانيا تُعَدّان العمود الفقري للدعم العسكري الدولي لإسرائيل، حيث تمثلان 95 بالمئة من أنظمة الأسلحة الرئيسة المرسلة إلى إسرائيل، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدّولي لأبحاث السلام، والذي يتتبّع تجارة الأسلحة العالمية. [2] [3]
غير أن هذا لا يعني أن حكومات هذه الدول لن تدفع ثمن موقفها من الحرب على غزّة، وبخاصة في مجال التسليح، سواء على صعيد الانتخابات أو على صعيد تجذّر الحراكات الشعبية والشبابية في هذه البلدان. من هنا تأتي أهمية هذا رصد تطورات هذا الملف. فكيف غطى الإعلام المحلي التّفاعلات الدّولية الخاصة بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل؟
تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية الإعلام المحلي للتّفاعلات الدّولية الخاصة بوقف تصدير الأسلحة، فتبيّن أن الإعلام المحلي ركّز أساسًا على تغطية الأحداث التي تطوّرت إلى قضايا قانونية مثل اتّهام نيكاراغوا لألمانيا أمام محكمة العدل الدّولية بتسهيل "الإبادة الجماعية" في غزّة بتقديم الدعم لإسرائيل.
غير أن هناك سلسلة أخرى من التطورات المهمة الخاصة بموضوع التسليح لإسرائيل يتعين أن تُبرز، بغض النظر عن مدى أهميتها المباشرة أو الفورية في وقف توريد الأسلحة لإسرائيل، ومثال ذلك الآتي:
أولًا: ففي الولايات المتحدة، كان أعضاء في مجلس النواب الأمريكي قد وجّهوا في 5 نيسان رسالة الى الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته، وقّعها 40 نائبًا منهم 37 نائبًا ديمقراطيًا، بعد حادث الضربة الجوية لعمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي، تدعو إلى وقف إرسال أسلحة هجومية لإسرائيل، والتأكد من أن أي شحنات أسلحة مستقبلية إلى إسرائيل تراعي القانون الأمريكي والقانون الدولي.[4] وفي التصويت على مشروع القانون الخاص بتقديم المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة لإسرائيل، أيد المشروع 366 عضوًا، فيما عارضه 58 عضوًا. [5]
ثانيًا: دعا نحو 600 من كبار موظفي القطاع العام في ألمانيا، المستشار أولاف شولتز إلى الوقف الفوري لتوريد الأسلحة إلى إسرائيل، ومواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللّاجئين الفلسطيّنيين (الأونروا). وجاء ذلك في أعقاب الدعوى التي رفعتها نيكارغوا ضد ألمانيا لدى محكمة العدل الدولية. [6]
ثالثًا: الرّسالة التي قدّمها أكثر من 600 محامٍ وقاضٍ متقاعد في بريطانيا حثّوا فيها الحكومة البريطانية على تجميد شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، وأشاروا إلى وجود خطر إبادة جماعية في غزّة، لكنّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون رفض كل الضغوط لتعليق صادرات الأسلحة، مؤكّدًا أن الحكومة البريطانية بإمكانها الاستمرار في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، لأن ذلك ما زال قانونيًا. [7] [8]
رابعًا: تصريحات الممثل الأعلى للاتّحاد الأوروبي لشؤون الخارجية والسّياسة الأمنية جوزيب بوريل التي وضّح فيها أنه لا يشجع على إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل، وأنه يتوجّب على المجتمع الدولي التّفكير قبل إرسال الأسلحة لأنها تسبب مذبحة، وتقتل عددًا كبيرًا جدًا من الناس. [9]
خامسًا: لجوء محامين وحقوقيّين ألمان إلى المحكمة لوقف شحنات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل. وقال المحامون في بيان إن شحنات الأسلحة والدعم الذي قدمته ألمانيا لإسرائيل ينتهك التزامات البلاد بموجب قانون مراقبة الأسلحة الحربية. [10]
سادسًا: القرار الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة ودعا فيه جميع الدّول إلى وقف بيع ونقل وتحويل الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية إلى إسرائيل، من أجل منع المزيد من انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان للشّعب الفلسطيني.[11]
سابعًا: الدعاوى القضائية التي رفعتها 11 منظمة غير حكومية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية في فرنسا ومنظمة آتاك، لإجبار فرنسا على وقف تسليم الأسلحة إلى إسرائيل. [12]
ثامنًا: اشتملت العديد من المسيرات والاعتصامات الشعبية منذ وقت مبكر وخاصة في بريطانيا على شعارات تطالب بوقف بيع الأسلحة لإسرائيل. وشهدت العديد من الاعتصامات في الجامعات الأمريكية في الايام الماضية على مطالبات محددة تتعلق بالتوقف عن التعامل مع الشركات المصنعة للأسلحة العسكرية التي تزود إسرائيل بالأسلحة، وعن قبول أموال للأبحاث من إسرائيل للمشاريع التي تساعد في مجهودها الحربي.[13]
ويدعو (أكيد) الإعلام المحلي إلى متابعة وتغطية التّطورات الدّولية الخاصة بتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، للوقوف على تفاعلات هذه القضية الحسّاسة وآثارها، والمديات التي تنجح فيها في مدّ حراك الشارع في تلك البلدان المطالب بوقف حرب الإبادة الجماعية في غزّة بزخم إضافي.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني