عمّان 10 كانون الأول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس-"إبلاغ عبر رسالة واتساب، إشاعات عن طموحات حزبية، وتضارب في الروايات"، بهذه العناوين تصدرت قضية فصل النائب محمد الجراح من حزب العمال المشهد الإعلامي والسياسي، قضية بدأت كإجراء حزبي داخلي، لكنها سرعان ما تحولت إلى خبر متداول تناولته وسائل إعلام محلية وخارجية.[1] [2] [3]
يرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أن هذه القضية تعكس التحديات الجوهرية التي تواجه الإعلام عند تغطية النزاعات السياسية والحزبية، إذ يجب الالتزام بمعايير الدقة والشفافية والبعد عن الإثارة أو الانحياز، في ظل التجربة البرلمانية الحزبية الجديدة في الأردن.
بدأت الأحداث بقرار صادر عن المكتب السياسي لحزب العمال بفصل النائب محمد الجراح بعد فترة من التحقيقات الداخلية، واستند القرار إلى اتّهامات بمخالفات مسلكية، تضمنت شكاوى تتعلّق بعدم التنسيق مع الحزب وقضايا مالية، فيما أكدت قيادة الحزب أن القرار جاء بالإجماع، عبّر الجراح عن صدمته، نافيًا صحة التّهم، ومؤكدًا أنه لم يُبلّغ بأسباب واضحة لقرار الفصل.[4]
يشير (أكيد) إلى أن تعدّد الروايات فتح المجال واسعًا للإشاعات، حيث أكد الحزب أن القرار يستند إلى مخالفات محدّدة، وأن الجراح يملك حق الاعتراض أمام المحكمة الحزبية. من جهة أخرى، ظهرت تأويلات ربطت القرار بطموحات شخصية داخل الحزب، وأخرى زعمت أن الجراح صدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام، وهو ما نفاه النائب بشكل قاطع.
ركّزت وسائل الإعلام، على نقل هذه الروايات المتناقضة دون إيلاء الاهتمام الكافي لتدقيق المعلومات أو التحقّق من صحة الادّعاءات، ما أسهم في تضخيم الجدل العام وإثارة المزيد من اللّبس حول القضية، بدلًا من تقديم صورة واضحة ومتوازنة تستند إلى حقائق مثبتة.
تخضع قضية فصل النائب الجراح من حزب العمال لإجراءات قانونية محدّدة، تستند إلى النظام الأساسي للحزب والقوانين الأردنية الناظمة للعمل الحزبي والانتخابي، إذ تشير المادة (20) من النظام الأساسي لحزب العمال بأن المحكمة الحزبية "تختص بالنظر في الاعتراضات المقدّمة من الأعضاء على القرارات التأديبية، ويكون قرارها قابلًا للطعن أمام الجهات القضائية المختصة". بناءً على ذلك، يحق للنائب الجراح الاعتراض على قرار فصله أمام المحكمة الحزبية خلال أسبوع من تاريخ تبليغه بالقرار. [5]
ويمكن للنائب، في حال أيّدت المحكمة الحزبية قرار الفصل، الطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية العليا، وفقًا لما نصت عليه المادة (22) من قانون الأحزاب السياسية لسنة 2022، والتي تؤكد حق العضو المتضرر في اللجوء إلى القضاء للطعن في القرارات الحزبية النهائية.[6]
وفي حال تثبيت قرار الفصل بشكل نهائي من خلال المسار القانوني، تُحوّل القضية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب لتحديد المترشّح الذي يلي المترشّح الفائز في الترتيب من القائمة الانتخابية ذاتها، ويستند هذا الإجراء إلى المادة (58) من قانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 2024، والتي تنظّم آلية ملء المقاعد الشاغرة في القوائم الانتخابية.[7]
وجدير بالذكر أن تحديد المترشح المعني يتوقف على الفئة التي ترشّح عليها النائب محمد الجراح، ضمن اشتراطات قانون الانتخاب، فإذا ترشّح وفق البند الذي يتطلب وجود شاب أو شابة في القائمة الحزبية يقل عمره عن 35 سنة ضمن أول خمسة مترشحين، فإن البديل يتعين أن يكون ضمن هذه الفئة ذاتها إن وُجد، وهذا ما ذكرت وسيلة إعلام أن ينطبق بحسب مصدر رسمي، لم تسمّه، على المترشح حمزة هاني محمد خليل (الطوباسي).[8]
يرى (أكيد) أن التغطية الإعلامية المهنية تتطلب التدقيق في المعلومات من مصادرها، وتقديم القضية ضمن سياقها القانوني والسياسي، للإسهام في تعزيز ثقة الجمهور بالمؤسسات الحزبية والقضائية.
وعلى وسائل الإعلام التعامل مع القضايا الخلافية بحرفية وموضوعية، بعيدًا عن الانحياز أو الانجرار وراء الإشاعات، إذ أن القضية تمثل انعكاسًا للتحديات التي تواجه العمل الحزبي والإعلامي في الأردن، وتسلط الضوء على أهمية المهنية والشفافية في تعزيز الثقة العامة ودعم مسار التطوير السياسي والديمقراطي في البلاد.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني