تُفرد وسائل الإعلام، والصحف المحلية، مساحات لأخبار تتعلق بإتلاف الجهات المختصة لمواد غذائية لأسباب تتعلق بانتهاء الصلاحية أو لمخالفتها الاشتراطات الصحية دون ذكر لكيفية ضبط تلك المواد، أو توضّح ما إذا كانت تلك المواد أُتلفت بطلب من التجار أنفسهم.
مراجعة أجراها مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، لتلك الأخبار، تبين أن غالبيتها ترد الى الصحف ضمن بيانات تصدرها المؤسسات المعنية بالرقابة على الغذاء أهمها المؤسسة العامة للغذاء والدواء، وأمانة عمان الكبرى، والبلديات.
وغالبا ما تصدر هذه الاخبار في تقرير شهري، تُجَمع فيها كميات المواد التي جرى اتلافها وتدرج في بيان صحفي تتناقله وسائل الاعلام كما هو.
نموذج لتلك الأخبار، والذي نقلته الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية يقول "أتلفت فرق الرقابة الصحية في أمانة عمان خلال الربع الثالث من العام الحالي( 2014 ) 860 طناً من المواد الغذائية في مكب الغباوي منها 43 طناُ اتلفت ميدانياً إضافة الى (4800) لتر من العصائر والمشروبات غير الصالحة للاستهلاك".
بذكره هذه الفقرة، ينتقل الخبر الى سرد إنجازات الأمانة في المجال الصحي، دون ذكر تفاصيل المواد التي جرى أتلافها ولماذا أتلفت؟ وهو دور يقع في صلب عمل الصحافة التي يتوجب عليها طرح الاسئلة التي توضّح الموضوع وتكشف تفاصيله لا أن تقوم بنقل البيانات الصادرة عن المؤسسات كما هي.
وهنا تمارس الصحافة دور المضلل للقارئ، فنقل الخبر دون الدخول في تفاصيل الأرقام يعطي انطباعا لا يعكس الحقيقة، خصوصا وأن العديد من التجار يتوجهون الى المؤسسات الرقابية لإتلاف المواد الفاسدة او منتهية الصلاحية.
ويرى مدير عام النقابة العامة لتجار المواد الغذائية زهير حرب، أن أخبار اتلاف المواد الغذائية التي تتناقلها وسائل الإعلام لا تعكس حقيقة الواقع، وقال " كثير من التجار يقومون بطلب اتلاف مواد انتهت صلاحيتها من الجهات الرسمية، ونتفاجأ انها ترد ضمن الاخبار على أنها مواد فاسدة جرى ضبطها، وهذا مخالف تماما للواقع".
وبين في رده على اسئلة " أكيد" "أن التاجر حين يتلف بضائع منتهية الصلاحية يخصمها من الضريبية المتحققة عليه، وفي حالات أخرى يتم ضبط مواد مشتبه بعدم صلاحيتها، وينشر عنها أخبار يتبين بعد إجراء الفحوصات انها صالحة للاستهلاك".
ولذلك، والقول لـ حرب "طالبت النقابة العامة لتجار المواد الغذائية أن يتضمن قانون الغذاء والدواء الجديد نصًا يمنع نشر الأخبار عن المواد الغذائية التي يجري التحفظ عليها وضبوطها الا بعد صدور قرار المحكمة".
ودعا وسائل الإعلام الى أن تكون أكثر مصداقية في نقل مثل هذه الأخبار" التي تعطي انطباعا سيئاً عن قطاع المواد الغذائية"، مطالباً بضرورة نشر ضبط الاتلاف مع الخبر والذي يتضمن تاريخ الضبط وسبب الاتلاف وغيرها من التفاصيل.
وأقرت مديرة الرقابة الغذائية والمهنية في أمانة عمان، الدكتورة ميرفت المهيرات، أن الأخبار التي ترد من الأمانة هي مجاميع لعمليات الاتلاف التي تقوم بها المؤسسة ضمن فترة زمنية محددة، لكنها اشارت في المقابل الى أن نسبة المواد التي تتلف بطلب من التجار ليست بالحجم الكبير.
وقالت لـ "اكيد" إن المركز الإعلامي في الأمانة هو من يقوم بإعداد التقرير وينقله الى وسائل الإعلام، والإعلام بدوره يتعامل معه ويختار العناوين من الزاوية التي يراها".
واكدت المهيرات "أنها ستعمل على تزويد المركز الإعلامي في أمانة عمان الكبرى بكامل التفاصيل التي تتعلق بإتلاف المواد الغذائية، مؤكدة أن الدائرة منفتحة على الإعلام وهي مستعدة لتزويدها بكل التفاصيل والأرقام التي تحتاج اليها عن عمل الدائرة".
وأتفق مدير الرقابة الغذائية في المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتور محمد الخريشة مع ما ذهبت إليه الدكتورة المهيرات بأهمية أن تكون الأخبار شاملة لتفاصيل أسباب اتلاف المواد الغذائية.
وقال" من باب أولى أن توضح الجهات المعنية التفاصيل كاملة حتى لا ننشر أرقاماً تعطي انطباعات معينة".
ولفت الخريشة "إلى أن الجهات التي تقوم بالرقابة على الغذاء تعمل مع بعضها ضمن فرق ميدانية، وأحيانا تقوم كل جهة على حده، بنشر خبر عن المضبوطات ما يعني تكرار المعلومة في أكثر من خبر".
ووفقاً للمعايير التي أعتمدها مرصد مصداقية الإعلام الأردني " أكيد" فإن نشر هذه الأخبار يخل بمعيار الدقة ذلك أن محتوى تلك الأخبار يقدم معلومات ناقصة وبافتقادها تشويه للوقائع، مثلما يخل هذا النوع من الاخبار بمعاير الوضوح فالمحتوى غير محدد وواضح في ذكر الوقائع والأحداث والأشخاص والمسميات ولا يشير بوضوح إلى المعلومات التي لم يتحقّق منها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني