تضاربت الأخبار المنشورة بشأن موضوع رفع الحد الأدنى للأجور، وأخذت حيزاً كبيراً من اهتمام الجمهور، دون أن يطالها أي تغيير جذري يحقق آمال شريحة واسعة من العمال بكسر عتبة "المائة وتسعون ديناراً"، بعدما روجت بعض المواقع أخباراً شبه مؤكدة أنه تم إقرار الزيادة، وأنه لم يتبق إلا تحديد اليوم الذي سيصار فيه الإعلان عنها.
اللغط الذي شاب هذه القضية، لم يقتصر على التسريبات مجهولة المصدر، التي أصبحت تهدد مصداقية وسائل الإعلام، كما أنه لم يقتصر على ما أورده الموقع المشار إليه في الرابط أعلاه، وتأكيده أن إعلان الزيادة سيتم في الأول من أيار/ مايو 2016، بالتزامن مع الاحتفال بيوم العمال العالمي، بل تجاوزه إلى التضارب بشأن مقدار الزيادة المقترحة، ففيما ذكرت صحيفة محلية بأن النقابات العمالية تدفع باتجاه رفع الحد الأدنى للأجور من 190 دينار إلى 300 دينار، فإن مواقع إخبارية أخرى، رجحت بناء على تسريبات حصلت عليها من مصادر لم تسمها، أن تكون الزيادة ما بين (30 – 50 ديناراً) فقط، في حين أن بعض المواقع قالت إن الزيادة المتوقعة تبلغ (60 ديناراً)، ليصبح الحد الأدنى للأجور مائتان وخمسون ديناراً.
وبعد أن كادت معلومة رفع الحد الأدنى للأجور تصبح حقيقة تنتظر التنفيذ، نسب أحد المواقع إلى "مصادر"، من داخل وزارة العمل أيضاً، عن وجود ضغوط وتوجهات أرجأت اتخاذ قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى أجل غير مسمى. وأرجعت المصادر – بحسب الموقع – ذلك إلى أسباب عديدة، من بينها: إجراء المزيد من الدراسة على المقترح، وكذلك بسبب قدوم استثمارات أجنبية إلى السوق الأردنية وهو ما يستوجب العمل على تقليل كلف قوى الإنتاج العاملة.
التضارب في نقل البيانات إلى الجمهور، تم رصده ليس فقط بين العديد من الوسائل الإعلامية، بل أيضاً في الوسيلة الإعلامية الواحدة؛ ففي يوم 16 نيسان الجاري، ذكر موقع إخباري أن "رفع الحد الأدنى من الأجور سينفذ تزامناً مع عيد العمال". وبحسب الموقع فإن وزير العمل الدكتور نضال القطامين بصدد إقامة احتفال كبير بتاريخ الأول من أيار/ مايو 2016 بالتعاون مع اتحاد العمال الأردنيين (اتحاد النقابات العمالية) بمناسبة عيد العمال العالمي، وسيتخلله الإعلان عن مفاجأة كبيرة، هي زيادة الحد الأدنى من الأجور الشهرية على الراتب الأساسي لكافة عمال المملكة في القطاعين العام والخاص من 230 إلى 250 ديناراً بدلاً من 190 ديناراً. إلا أنه في اليوم التالي مباشرة، تساءل الموقع ذاته، وفي عنوان عريض: "هل تراجعت وزارة العمل عن رفع الحد الأدنى للأجور؟". وذكر أنه بحسب مصادر في وزارة العمل فإن هناك ضغوطاً تمارس لإرجاء اتخاذ قرار رفع الحد الأدنى للأجور.
التباين والتضارب في نقل المعلومات، الذي طغى على التغطية الإعلامية الخاصة بقضية رفع الحد الأدنى للأجور، التي ازدحمت بها وسائل الإعلام المحلية الورقية والإلكترونية، اضطر الناطق والمستشار الإعلامي لوزير العمل محمد الخطيب للخروج عن صمته، ونفي الأنباء التي تداولتها بعض الوسائل عن التوصل إلى تحديد مقدار الزيادة في الأجور، أو فيما يتعلق بتحديد تاريخ معين لإقرار هذه الزيادة. نافياً أن يكون الوزير قد أقر زيادة قدرها (60) ديناراً على الأجور، بحسب ما نقلت على لسانه بعض الوسائل الإعلامية.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" تحدث إلى المستشار الخطيب، وسأله عن أسباب هذا التضارب في البيانات، فقال: "إنه لا يوجد صحفي يهدف إلى نشر معلومة خاطئة أو مضللة، لكن قضية رفع الحد الأدنى للأجور، يتداخل فيها أطراف كثيرة، وكل طرف له أهدافه التي يسعى إلى خدمتها، والتضارب في التصريحات التي تصدر عن الجهات المختلفة الضالعة في عمل اللجنة الفنية، التي يجري نشرها عبر وسائل الإعلام، يجعل المتلقي يشعر بأن هناك تبايناً في المواقف".
وفيما إذا كانت الوزارة بصدد إقرار زيادة على الحد الأدنى للأجور، قال الخطيب: "إن اللجنة الفنية تواصل اجتماعها لبحث المسألة، وقد نسبت بزيادة الحد الأدنى للأجور، ورغم كل المعطيات والمؤشرات التي تجعل اتخاذ مثل هذا القرار أمراً صعباً أو موجعاً ومكلفاً فإن الوزارة تتجه صوب إقرار الزيادة".
وعن الأسباب التي تجعل إقرار الزيادة أمراً صعباً ومكلفاً، قال الخطيب: "إن الغالبية من الناس لا تعرف ما المقصود بالحد الأدنى من الأجور، ومن هي الشريحة المقصودة بهذا التعديل. فالموظف الجديد الذي له يوم عمل واحد، ولا يحمل مؤهل ولا يقرأ ولا يكتبـ، ولا يملك خبرة أو شهادة، هو المعني بالزيادة على الحد الأدنى للأجور. وبمجرد زيادة راتب هذه الشريحة، فسوف تطالب شرائح أخرى من الفئات العمالية ممن تتقاضى رواتب أعلى من الحد الأدنى ولديها مؤهلات وسنوات خبرة بزيادة أجورها هي الأخرى، لأن عامل يملك شهادة تدريبية وخبرة 5 سنوات على سبيل المثال، وراتبه 250 ديناراً، لن يقبل أن يتم مساواته مع زميل آخر له، رصيده المهني يوم واحد خبرة فقط، ولا يحمل شهادة أو خبرة".
وحول الزيادة المتوقع إقرارها، أوضح الخطيب: "أن تقديراته الخاصة تشير إلى أن الزيادة تتراوح بين (30 – 50 ديناراً)، لكن القطاع التجاري قد يشهد زيادة أكبر من ذلك". مستدركاً أن هذا الأمر لا يمكن الخوض فيه بشكل نهائي، إلا بعد أن تنتهي اللجنة الفنية من اجتماعها، وتنسب إلى الوزير وتطلب انعقاد اجتماع اللجنة الثلاثية الكبرى التي تضم اتحاد العمال والنقابات والوزارة، ووقتها سيتم البحث في الدراسة الوافية التي أعدتها اللجنة، وعلى ضوء ما يرد فيها سيتم إقرار الزيادة".
الخطيب لفت أيضاً إلى مسألة مهمة، وهي أن الوزير طلب من أعضاء اللجنة الفنية أن يكونوا عمليين ودقيقين في تحديدهم للنسبة المئوية لكل فئة يتوقع أن تشملها تعديلات رفع الحد الأدنى من الأجور. موضحاً أنه سيتم تحديد النسبة المئوية للعمال في كل قطاع صناعي وزراعي أو شحن بحري وبري وغير ذلك من القطاعات، وعلى ضوء تلك النسبة للفئات العمالية، سيتم تحديد الزيادة، بعد أن يتم دراسة مدى تأثير الرفع في كل شريحة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني