أكيد – أنور الزيادات
تداولت وسائل إعلام خلال الفترة الماضية بيانات صادرة عن الجمعية الوطنية لحماية المستهلك حول وجود منتجات غذائية ودوائية غير صالحة للاستهلاك، الأمر الذي خلق حالة من التوجس بين المواطنين خاصة وأن هذه البيانات جاءت متزامنة مع قضية الدجاج الفاسد.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني رصد عدداً من العناوين التي تناولت بيانات حماية المستهلك خلال الفترة الماضية وتناقلتها وسائل اعلام، ومنها "أدوية منتهية الصلاحية ومزورة التواريخ في الأسواق", "حماية المستهلك تنشر صوراً صادمة لمصنع عصير بوسط البلد", حماية المستهلك تكشف عن وجود مصانع خاصة بإنتاج المواد الغذائية غير مرخصة، "حماية المستهلك تهاجم “الصناعة” و حماية المستهلك تلوح بالكشف عن وجود " أرز البلاستيك " في السوق الأردني !!
نشر هذه الأخبار، يولد العديد من الاسئلة حول دقة الأخبار التي تنشرها وسائل الاعلام من مصدر واحد ، والعلاقة التي تربط مؤسسات المجتمع المدني بالجهات الرقابية، والعلاقة التي تربط مؤسسات المجتمع المدني والجهات الرقابية بوسائل الاعلام ، خاصة في مجال الاخبار المتعلقة بالمواد الغذائية وصلاحيتها لتعلقها بصحة المواطن، والمصلحة الوطنية.
وقال مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء، الدكتور هايل عبيدات لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) "إن عدم الرجوع من قبل الجهة التي تعلن عن وجود مخالفات الى الجهات الرقابية يشكل انحيازاً غير مبرر من قبل تلك الجهة ووسائل الاعلام التي تنشر الخبر، الأمر الذي يتسبب احيانا بضياع الحقيقة، ويفقد وسيلة الإعلام مصداقيتها اذا اتضح بعد ذلك عدم دقة المعلومات المنشورة".
وأضاف ان وسائل الإعلام "لعبت دورا كبيرا في مساعدة الجهات الرقابية خاصة في مجال التوعية، لكن أحيانا بعضها تسعى إلى جذب الجمهور، وتنشر أخبارا هي أقرب للابتزاز"، مشيرا الى أن المواقع غير المهنية "قليلة وهي معروفة بالنسبة لنا، ولم نلجأ لتقديم شكاوى بحقها، فالمؤسسة لها موقف عام من السلطة الرابعة ووسائل الإعلام، فهم شركاء لإيصال رسالة الحفاظ على غذاء ودواء آمن لجميع المواطنين".
ويوضح أن بعض وسائل الإعلام "وهي قليلة تقوم بتحميل التصريحات الصحفية أكثر ما تحتمل وتقوم بنشر معلومات غير دقيقة، الامر الذي يجعل التعامل معها اكثر حذرا"، مشيرا إلى "أهمية الاخبار المبنية على الشفافية والمعلومة الصادقة، والموضوعية التي تميز الإعلام المهني".
وحول قضية وجود أدوية مزورة قال عبيدات، "لا يوجد ثقافة دواء مزور في الاردن، ولا يوجد مصانع تنتج او صيدليات تبيع دواء مزورا في المملكة، وهناك عقوبات رادعة في هذا الاطار وغرامات كبيرة".
أما الصور التي نشرت مع بيان حماية المستهلك حول ضبط أدوية فاسدة، أوضح عبيدات، "ان المؤسسة من ضبطتها وهي كمية قليلة مصدرها جمعيات خيرية من دول شقيقة ، أخرجت من مخيم الزعتري بشكل فردي وبعض الأدوية التي تم نشر صورها الغي تسجيلها منذ عامين، ولم يتم استيرادها", موضحا ان المؤسسة تصدر تقريرا سنويا يوضح كل اعمالها ومنها ضبط الدواء المزور.
وحول وجود مصانع غذائية غير مرخصة، قال "لم تصل أسماء مصانع مخالفة من حماية المستهلك إلى المؤسسة، ونطمح من الجمعيات الرقابية, تبليغنا قبل اللجوء إلى وسائل الإعلام، وان لا يكون الهدف الاساسي حب الظهور بدلا من مصلحة الوطن والمواطن"، مضيفا "انه عند النشر في وسائل الاعلام وقبل تبليغ الجهات الرقابية تقوم المؤسسات المخالفة، بإخفاء المخالفات أذا وجدت ، والمؤسسة وأية جهة رقابية لديها آلية قانونية لضبط المخالفات وأخذ العينات ، فالقانون يحكم عمل الجميع".
وحول إعلان اسماء الجهات المخالفة، قال ان "القانون منح مدير المؤسسة حق الاعلان عن أسماء الجهات المخالفة ولكن هناك تقدير لحجم المخالفة، وتكرارها من قبل المؤسسة ،وأخذ المصلحة العامة في عين الاعتبار".
بدوره قال نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق لمرصد مصداقية الاعلام الاردني(أكيد)، "من لديه أي شكوى او ملاحظة حول الأغذية او أي مواد أخرى عليه الذهاب أولاً الى الجهات الرقابية كالمؤسسة العامة للغذاء والدواء ،ومؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية، للتأكد من وجود المخالفة والتعامل معها، أما اللجوء إلى الاعلام كخطوة أولى فهو أمر يتسبب بخلق صورة مشوهة وغير دقيقة ومغايرة للحقيقة".
ودعا وسائل الأعلام عند نشرها أي بيان فيه اتهامات لجهة أخرى الاتصال مع الطرف الآخر لعرض وجهة نظره، مشيرا إلى أن "التطور الذي حدث في وسائل الإعلام وسرعة اعادة النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي جعلت حق الرد في مكان ووقت أخر بلا قيمة حقيقية بالتأثير على الرأي العام ، فالجمهور يقرأ الخبر الأول ولا يعود الى الردود المنشورة بعد ذلك، خاصة وأن هناك قناعة لدى طيف واسع من المواطنين أن نفي أي جهة رسمية هو تأكيد لما نشر".
وأضاف "هذه البيانات تنشرها وسائل اعلام محلية وتراقبها السفارات في المملكة، لتبعث تقارير إلى بلدنها، ما يتسبب بتشويه الصورة بمعلومات غير صحيحة"، مشيرا إلى أن "تأثير بعض المواضيع يفوق احيانا تقديرات ناشره بأضعاف مضاعفة".
وأضاف "طالبنا ونطالب بإيجاد تشريع قانوني يحاسب كل من يصدر بيان غير موثق، من قبل الأفراد أو المؤسسات ويتضمن معلومات غير صحيحة ويؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، ويكافئ كل من يقدم معلومات حقيقية موثقة تكون صحة المواطن ومصلحته هدفها الأساس"، مشيرا إلى أهمية "عدم السماح بتسجيل مواقف بطولية مبنية على ملاحظات غير دقيقة، على حساب سمعة الاخرين، مؤسسات وأشخاص".
بدوره قال مسؤول العلاقات العامة بغرفة صناعة عمان محمد صلاحات ل"أكيد"، "أن بعض الأخبار التي تنشرها وسائل الاعلام حول مخالفات المصانع بشكل عام تحمل في طياتها مبالغات، واحيانا عدم وضوح، فإنذار مصنع بسبب مخالفة ادارية مثل عدم تسجيل موظف في الضمان يختلف عن وجود مخالفات تتسبب بمخاطر صحية جسيمة على صحة المواطن".
وأضاف "ان التعميم احيانا يعطي صورة غير دقيقة ، فإغلاق مصنع لمنتج لا يمكن تعميمه على باقي المصانع, كما أن الحديث عن إغلاق مصنع بدون تحديد اسمه يضر بجميع المصانع الاخرى, فعند نشر خبر عن اغلاق مصنع لمادة غذائية معينة يتسبب بابتعاد عدد كبير من المستهلكين عن هذه السلعة بشكل عام وهو تعميم مضر مبني على معلومة غير واضحة".
وأوضح صلاحات "انه عند اغلاق أي مصنع يتم تبليغ غرفة الصناعة من قبل المستثمر بالإضافة الى الجهات الرقابية التي تتعاون مع الغرفة مثل الغذاء والدواء والمواصفات والمقاييس وغيرها"، مشيرا إلى أن "الغرفة ضد اغلاق المؤسسات الصناعية الا في المخالفات البيئة والصحية الجسيمة، ولا تعتبر جهة رقابية لكن عند وصول أي شكوى على مصنع تقوم بمتابعتها".
وأضاف "ان الصناعة الأردنية تصل الى 130 دولة وهذا ناتج عن التزام الصناعة المحلية بأعلى المواصفات والمعايير الأردنية والدولية، وتشغل 230 الف عامل وتساهم بحوالي 90% من الصادرات الأردنية"، داعيا الى "نشر الاخبار الدقيقة والصحيحة حول المصانع، وعدم التسبب بخسائر كبيرة لمؤسسات وطنية بناء على معلومة غير موثقة".
من جهتها، قالت مديرة التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والتجارة والتموين المهندسة ياسمين خريسات "ان الوزارة تمنح التراخيص لمرة واحدة ولا توجد رقابة خاصة من الوزارة على المصانع بعد ترخيصها، ويتم تجديد الرخصة في حال تعديل السجل التجاري، ولكن هناك لجنة تسمى لجنة التوعية والتوجيه الرقابية على القطاع الصناعي وتضم اعضاء من الغذاء والدواء, والمواصفات والمقاييس والصحة والعمل، والبيئة, تقوم بالرقابة على هذه المصانع وتنفذ الزيارات التفقدية".
وحول الأخبار التي تنشر في وسائل الإعلام, قالت "نعم هناك أخبار حقيقية وصحيحة، لكن يوجد مبالغة وتضخيم في احيان اخرى، والوزارة في حال وصول أي شكوى يتم التأكد منها"، مبينة انه في جميع دول العالم تقع مخالفات واخطاء ،لكن لا يتم اعطاءها أكبر من حجمها، مشيرة الى أن الاخبار عن المخالفات اذا كانت غير صحيحة تضر بالصناعة الوطنية ويجعلها تواجه صعوبة في الوصول الى الاسواق العالمية .
بدوره، قال نقيب الصيادلة الدكتور زيد الكيلاني في تصريح صحفي ، "ان الأسواق تخلوا من أية أدوية مزورة أو منتهية الصلاحية، وان النقابة وبالتعاون مع الجهات الرسمية لديها القدرة الرقابية على مختلف الصيدليات في المملكة"، موضحا أن "جمعية حماية المستهلك نشرت تحذيرا حول وجود أدوية مزورة في الأسواق دون ان تتواصل مع النقابة ولم يجر مخاطبتها بهدف التعاون والتنسيق أو الاستفسار حول موضوع الأدوية المزورة واكتفت بنشر تصريحات".
وقال :"كنت أرى أن من الأولى أن تخاطبنا جمعية حماية المستهلك من أجل التعاون لما فيه مصلحة الوطن والإنسان والمستهلك وان تستقصي وتتحرى قبل نشر أخبار من شأنها بث حالة من القلق في المجتمع الأردن"، مؤكدا استعداد النقابة للتعاون مع جمعية حماية المستهلك لما فيه مصلحة المواطن والحفاظ على صحته التي تعد من أولويات النقابة، داعيا في الوقت نفسه إلى "عدم التسرع في نشر أية معلومات قد تسيء لسمعة القطاع الصيدلاني والدوائي الأردني".
من جانيه، قال المستشار والناطق الاعلامي باسم الجمعية الوطنية لحماية المستهلك سهم العبادي في تصريحات لـ(أكيد) إن "البيانات التي تصدرها الجمعية تعمل بطريقة صحفية، فمضمون البيانات يكون وفق وثائق وكتب رسمية تحصل عليها الجمعية، أو من خلال التقصي الذاتي، ومن ثم ترسل لوسائل الإعلام".
وأضاف "ان علاقة الجمعية مع وسائل الإعلام ، هي علاقة تواصل مع شريك استراتيجي، وجميع وسائل الإعلام المحلية تنشر بيانات الجمعية، دون حذف أو تشويه، ولم يحدث ان اعتذرت أي وسيلة عن نشر بيان للجمعية"، مضيفا أن الجمعية هي "مؤسسة مجتمع مدني وتتعامل بشكل مباشر مع الاعلام ،ولا تدفع أية مبلغ مقابل النشر، فهي لا تنشر إعلانات".
وأشار إلى أن الجمعية "تلقت أكثر من خمسة الأف شكوى منذ بداية العام، واحيانا يتم التأكد من صحتها بشكل ذاتي منها صور، ومنها منتجات يوصلها المواطنون بشكل شخصي الى الجمعية".
وحول بيان الجمعية حول المصانع المخالفة, أوضح "أن أغلب المصانع المخالفة هي تلك المصانع التي تقوم بإنتاج المخللات والالبان ومشتقاتها", مؤكدا ان العديد من البلديات أعلنت عن ضبط مصانع مخالفة.
وقال ان الجمعية تتعاون مع مختلف الجهات الرقابية والمعنية ومنها أمانة عمان، المواصفات والمقاييس غرفة صناعة الأردن، غرفة تجارة الأردن، ووزارة الصناعة فيما اشار إلى عدم تعاون المؤسسة العامة للغذاء والدواء مع الجمعية مطالبا ان يكون ممثل للجمعية في مجلس ادارة الغذاء والدواء.
ويشير "أكيد" الى أن التوازن يشكل أحد المعاير المعتمدة في تقديم مادة مهنية موضوعية، وهو نقل المعلومات وآراء المصادر بتساو ودون اي احكام او تقييم، وعكس المحتوى ووجهات نظر ومعلومات كافة الاطراف بتساوٍ، وهنا لا بد من الإشارة إلى ان البيانات الصحفية لأي مؤسسة هي روايتها الخاصة للقضية او القصة، وتحمل صوت واحد، وتشكل اخلالاً بمعيار التوازن، ويفقد وسيلة الاعلام الحياد.
كما أنه من الملاحظ ان وسائل اعلام المحلية تنشر في كثير من الاحيان البيان الصحفي الذي يصلها بكل تفاصيله وهو عبارة عن نسخ ولصق، من دون استقصاء ولا متابعة ولا تتثّبت من مصداقيته.
ويرى مرصد "أكيد" ضرورة أن تكون المادة الصحفية المتعلقة بمخالفات المؤسسات الغذائية واضحة في ذكر الوقائع والأحداث والأشخاص والمسميات وكذلك المعلومات التي لم يتم يتحقّق منها والابتعاد عن المفاهيم والعبارات التي تحتمل تفسيرات متعددة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني