أيدن وايت: كيف يمكن تغطية الإرهاب دون استهداف المسلمين؟

أيدن وايت: كيف يمكن تغطية الإرهاب دون استهداف المسلمين؟

  • 2017-07-19
  • 12

أكيد - ترجمة آية الخوالدة

وضعت الحكومة البريطانية قضايا الإرهاب وحرية الانترنت وخطاب الكراهية في صلب أولوياتها وذلك في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع في لندن في الثاني والعشرين من شهر أيار الماضي. حيث أعلنت الحكومة خلال ساعات من الحادثة عن خطط لإجبار شركات الانترنت على إغلاق الاتصالات عبر الانترنت والمواقع الراديكالية التي تنشر الكراهية وتحث على أعمال الإرهاب.

وأدى الهجوم الى مقتل سبعة أشخاص، وهو الهجوم الإرهابي الثالث خلال أكثر من شهرين في المملكة المتحدة، لقي خلاله 43 شخصا مصرعهم، وجرح المئات وازدادت المخاوف العامة من العنف المتطرف. ودفع ذلك الحكومة الى اتخاذ إجراءات صارمة في السياسة العامة، وبالتالي فرضت ضغوطا على الصحفيين ووسائل الإعلام.

كما أن التقارير التي نقلت أن القتلة الحاملين للسلاح الابيض كانوا يصرخون "هذا من أجل الله" لأنهم سيقطعون ضحاياهم إربا، أثارت مخاوف جديدة من موجة من الرسائل السياسية والإعلامية الموجهة إلى المجتمعات المسلمة عموما. والتحدي الكبير الذي يقع على عاتق الصحفيين هو الإبقاء على غطاء الخطاب السياسي الذي قد يثير المخاوف ويحرض على مزيد من الكراهية، وهذه المرة يستهدف الأقليات المسلمة، وهو أمر الحديث عنه أسهل من تطبيقه.

شاركت شبكة الصحافة الأخلاقية في نقاشات عقدت في بروكسل مؤخرا، وضمت واضعي السياسات في الاتحاد الاوروبي، والقادة المسلمين، وحملات منظمات المجتمع المدني على نطاق أوروبا، وتمحور الموضوع حول العلاقات المحفوفة بالخطر بين وسائل الإعلام والمسلمين، خصوصا بعد ورود شكاوى عديدة من التحيز والتخويف وارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين في أعقاب العنف الارهابي الأخير.

وتطالب الشبكة بإصدار تقارير دقيقة وحساسة عن الإرهاب الذي غالبا ما يكون مرتبطا بالتطرف الإسلامي، لكننا أيضا ضد أعمال الرقابة الذاتية على الصحفيين، والتي تقوض حق الشعب في معرفة ظروف الإرهاب، التي يرتكبها أقلية ضئيلة من المتطرفين الدينيين.

عندما يتعلق الأمر بخطاب الكراهية، الواجب على الصحفيين والناشرين أن يتريثوا في تقييم التأثير المحتمل لمضمون ينطوي على الإساءة والإثارة. والاختبار التالي يستند الى المعايير الدولية ويسلط الضوء على المسائل المتعلقة بجمع وإعداد المعلومات ونشرها، كما أنه يساعد على وضع فحوى الخطابات ومن يدلي بها في سياق أخلاقي. 

وكجزء من عملنا قامت الشبكة بتطوير اختبار من خمس نقاط للصحفيين، لمساعدتهم على تحديد خطاب الكراهية، وندعو وسائل الإعلام الى تجنب التحيز والتمييز.

1- وضع من يدلي بالخطابات، هل يجب فعلا الاستماع إليهم أو تجاهلهم ببساطة؟

2- مدى تأثير الخطاب، هل سينشر ويصل إلى فئات أخرى من الجمهور، وهل يوجد نمط للسلوك؟

3- الوسط المحيط اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، من الذي يمكن أن يتأثر سلبا؟ وهل وجدت نزاعات أو أوجه تمييز من قبل؟

4- مضمون الخطاب ذاته، هل من الممكن أن يوثر موقفهم على دوافعهم؟ وهل ينطوي الخطاب على مخاطر؟ وهل يمكن أن يحرض الخطاب على العنف؟

5- أهداف الخطاب، ما هي الفوائد التي تعود على من يدلي بالخطاب والمصالح التي يجنيها؟

وتعزز الشبكة الصحافة في أفضل حالاتها، حيث سلطنا الضوء على مدى إشادة الصحافة البريطانية بالدور الذي قام به المسلمون في رعاية ضحايا الإرهاب ومعالجتهم، لا سيما بعد القتل الجماعي في الحفلة الموسيقية في مانشستر.

وهذا ليس مجرد تحدي بريطاني، حيث تعمل الشبكة وردا على الهجمات التي وقعت في لندن وباريس وستوكهولم وبرلين، على إيجاد خطط لتطوير حوارات جديدة عبر الحدود، من شأنها أن تساعد وسائل الإعلام على ضمان أن تتضمن تغطيات الإرهاب، جميع أطراف المجتمع الإسلامي، وذلك من خلال برامج تديرها المنظمات العالمية وحقوق الانسان للحوار بين وسائط الاعلام والمسلمين.

ونشرت اليونسكو في وقت سابق من العام، كتيبا للصحفيين يتعلق بتغطية الإرهاب، ويهدف الى زيادة الوعي بضرورة توخي الحذر عند الاقتباس من الاشخاص، وما هي الرسائل التي ينقلونها وكيفية وضعها في سياق المعلومات التي يقدمونها، بالرغم من أية ضغوطات تقع عليهم بهدف تحقيق السبق الصحفي وكسب القراء والمشاهدين والمستمعين. 

ويرد في الكتيب "إن الهدف النهائي للإرهابيين هو إغراق المجتمع في الفوضى وتحريض الناس على بعضهم الأخر، من خلال اثارة القمع والتمييز والخلافات".

ومع العديد من الأمثلة المأخوذة من الأحداث الأخيرة، يتناول الكتيب قضايا تتعلق بالطريقة التي قدم بها الصحفيون تقارير عن ضحايا الإرهاب، والتعامل مع الشائعات والإبلاغ عن تحقيقات السلطات، وإجراء مقابلات مع الإرهابيين والإبلاغ عن محاكماتهم.

وهناك أيضا فصل منفصل عن المسائل المتعلقة بسلامة الصحفيين، بما في ذلك عملية الاختطاف والصدمات التي قد يتعرضوا لها.

  • أيدن وايت: كاتب بريطاني ومدير شبكة الصحافة الأخلاقية