عمّان 26 كانون الأّول (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- أثارت تحركات السفير الأمريكي جيم هولتسنايدر تغطية إعلامية واسعة، لم تقتصر على وسائل الإعلام بل امتدّت إلى منصّات التواصل الاجتماعي، ووصلت لاحقًا إلى مجلس النواب عبر أسئلة نيابية، الأمر الذي استوجب متابعة هذه التحركات وسياقها ومعرفة كيف جرى تناولها إعلاميًا في ضوء الأطر القانونية الناظمة للعمل الدبلوماسي.
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني(أكيد) التغطيات الإعلامية، والتي أظهرت أن معظم الأنشطة التي تم تناولها كانت ذات طابع اجتماعي شملت تقديم التعازي، والمشاركة في فعاليات عامة ورياضية، وزيارات لمناسبات مجتمعية، وقد ورد ذلك في موادّ إخبارية مثل زيارة السفير لمدينة البترا، ومشاركته في مهرجان الزيتون. غير أن هذا التنوّع جرى توظيفه إعلاميًا على نحو يثير الشك والتساؤل حول طبيعة هذه التحركات. [1] [2] [3] [4]
وقد لوحظ استخدام نبرة انتقادية تهكمية عند تناول نشاطات السفير الأمريكي من خلال توصيفها بـ "الحراك المكثّف" أو "التحركات المثيرة للجدل"، دون شرح يبيّن سبب الإشكال، ما أسهم في خلق صورة إعلامية مشوشة حولها. [5] [6] [7]
وفي المقابل، غاب في معظم التغطيات المنتقدة، شرح الإطار القانوني الناظم لعمل البعثات الدبلوماسية، والتي تُحدّد ما هو مسموح وما هو محظور في هذا السياق.
تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 في مادتها الثالثة على أن من مهام البعثة الدبلوماسية توثيق العلاقات الودّية وتنمية العلاقات الثقافية بين الدول، فيما تؤكد المادة (41) من الاتفاقية ذاتها على تقيّد الدبلوماسيّين بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المستقبلة. بهذا، فإن المشاركة في مناسبات عامة أو اجتماعية لا تُعد مخالفة بحد ذاتها، ما لم تقترن بتدخل سياسي مباشر.[8]
وعلى ذلك يُخلص من متابعة التغطيات الإعلامية إلى وجود مخالفة مهنية تتمثّل بعدم الاستناد إلى المعيار القانوني، والاكتفاء في كثير من الأحيان بنقل التصريحات البرلمانية الناقدة أو التوصيفات العامة دون مساءلتها ودون تقديم تفسير قانوني موازٍ يضع هذه التصريحات في سياقها الصحيح. [9]
وفي السياق ذاته، ركّزت التغطيات الإعلامية بدرجة كبيرة على شخص السفير وحضوره، مقابل تغييب السياق الأوسع الذي تُعقد فيه مثل هذه الفعاليات، إذ تُعدّ دعوة السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية للمناسبات الوطنية والعامة ممارسة معتادة، ولم يُبرز هذا السياق في عدد من التغطيات، بما في ذلك مشاركة سفراء آخرين أو الإشارة إلى أن هذه الأنشطة جرت في معظمها بشكل علني ورسمي، الأمر الذي أسهم في تقديم النشاط بوصفه استثنائيًا.[10]
يشير (أكيد) إلى أن هذا النمط من التناول الإعلامي أسهم في خلط الدبلوماسية العامة المشروعة بالتدخل السياسي، ونقل النقاش من إطاره التفسيري إلى جدل واسع على منصّات التواصل الاجتماعي.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2025 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني