تناقل مستخدمو شبكات التواصل الإجتماعي شائعات تتصل بمرض إنفلونزا الخنازير( (H1N1 ، دون الاستناد إلى معلومات من مصادر طبية أو رسمية، مستهدفة تضليل المجتمع وإثارة الخوف في نفوس المواطنين، غير أن تلك الشائعات لم تتناقلها وسائل الإعلام بمختلف أنواعها.
وتشكل الأخبار المتعلقة بالصحة العامة موضعاً بالغ الحساسية، ويتوجب على الإعلام أن يكون دقيقاً وحذراً في التعامل معها لما تشكله من أهمية بوصفها ركنا أساسياً من أركان أمن المجتمع ، وهو موضوع سيادي وتبعاته تطال شريحة واسعة من السكان وتعطي انطباعات ومؤشرات عن البلاد.
إحدى تلك الإشاعات، والتي جرى تناقلها عبر تلك شبكات التواصل الأجتماعي وانتشرت بسرعة، تحذير على لسان ممرضة تدعي أنها تعمل في مستشفى البشير تقول فيها "صبايا يسعد مساكم .. أنا ممرضة بمستشفى البشير، كل ست عندها أطفال، تنتبه مليان حالات إنفلونزا الخنازير أنتبهوا مشان الله صار وباء بالأردن وإعلامنا مغطي إنتبهوا والمطعوم عل الفاضي، الفايروس قوي وقاتل، الله يشافينا قبل شوي وصل عشر حالات إلى البشير".
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" هذه الشائعة، من خلال البحث التقني وتقصي صدقية المعلومة من وزارة الصحة، وتبين أن التعليق الذي ورد على حساب شخص يدعي أنه ممرضة في مستشفى البشير هو حساب وهمي، حيث أجرى فريق التحقق محاولات عدة للتواصل معها دون جدوى، كما أن قائمة أصدقاءها التي تم التواصل مع عدد منهم أكدوا أنهم لا يعرفونها.
وكما قالت وزارة الصحة، على لسان ناطقها الرسمي حاتم الأزرعي، الذي تحدث لـ "أكيد": فأن التعليق الوارد عار عن الصحة ولا يمكن لممرضة أن تشخص حالات انفلونزا الخنازير، وهي وتحتاج الى فريق طبي متخصص وفحوصات مخبرية للحكم.
وبين أن نظام الخدمة المدنية وتعليمات وزارة الصحة لا تخول الكوادر الطبية الحديث عن أي حالة مرضية، وجرى حصر هذا الأمر لمرجعيات وجهات محددة في وزارة الصحة المخولة للكشف للإعلام عن الأوبئة والأمراض والقضايا الصحية.
ورداً على اسئلة "أكيد" نفى الأزرعي أن يكون في سجلات مستشفى البشير ممرضة أو موظفة بهذا الاسم إطلاقاً، (يتحفظ مرصد مصداقية الإعلام الأردني عن ذكر الاسم لأسباب ومقتضيات أخلاقية). وجاء نفي الأزرعي بعد أن طلب من "أكيد" العودة إلى سجلات الموظفين.
ونبه الأزرعي، من تداول مثل تلك هذه الإشاعات والتكهنات، لأن الوزارة تتبع الشفافية في التعامل مع الحالات المرضية، ولا سيما الأمراض الوبائية، لأن في ذلك مصحلة عامة، لافتاً في هذا الصدد، إلى أن الصحة تتابع جميع الإشاعات وتعمل على الحد منها وتفكيكها وعدم تركها لتأخد مداها السلبي، ومواجهتها عبر برامج توعوية وتثقيفية.
ويصنف مرض إنفلونزا الخنازير عالمياً على أنه موسمي وليس على أنه وباء، وفقاً للأزرعي، الذي أوضح أنه لا يوجد مطعوم مخصص للمرض بل هناك مطاعيم لأمراض الإنفلونزا التي تعطى في بداية فصل الشتاء.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" ومن خلال متابعته ورصده للأخبار والتقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام الأردنية، لاحظ أن التغطية للموضوع كانت قائمة على المعايير المهنية والأخلاقية وفي المجمل كانت التغطية الإعلامية متابعة للحدث بدون أهمال أو مبالغة، وبأن عدداً بسيطاً من الأخبار جرى تناقلها عن عدم توفر مطاعيم للمرض، لكن سرعان ما عملت تلك الوسائل على تصحيح ما نش، ونقلت تصريحات عن وزير الصحة نافياً خلالها أن يكون هناك مطعوم مخصص للمرض الذي لم يعد وباء حسب التصنيف العالمي، بل بات يصنف على أنه مرض موسمي، وأن المطاعيم الوقائية له هي في إطار مطاعيم الإنفلونزا العادية.
ويُذكّر " أكيد" بالمعاير التي تتبع في التعامل مع المحتوى الذي ينتجه مستخدمو وسائل التواصل الإجتماعي وكيفية التحقق من هذا المحتوى الذي ينطوي في كثير من الحالات على معلومات مضللة وغير صحيحة ويجري تداولها بين الجمهور على أنها حقائق، وهو أمر يسهم في زعزة الثقة العامة.
وفي هذا الاطار طور "أكيد" مجموعة من المبادئ الأساسية للتحقق من المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، وبصرف النظر عن نوع المحتوى إن كان مرئياً أو مكتوباً أو حتى مسموعاً، وقبل اتخاذ قرار نشر المحتوى المنتج يتوجب طرح الأسئلة التالية:
1ـ ما حجم القيمة الإخبارية للمحتوى الموجود على شبكات التواصل الاجتماعي؟ أي: هل يوجد له أهمية وقراءة تستحق التحقق منها؟
2ـ من هو المصدر الذي يقدم هذا المحتوى؟ ـ هل هو مصدر واضح الهوية؟ ـ هل هو من "الصحافيين المواطنين" الذي سبق وأن قدموا أخباراً موثوقا بها على الشبكة؟ ـ هل هو من الناشطين المعروفين بهويتهم ومن خلال حسابه الإلكتروني مما يمكن الاتصال بهم؟ ـ هل الحساب الذي قدم المحتوى غير معروف ويمكن التشكيك بهويته؟
3ـ هل المعلومات التي يقدمها المستخدم يمكن التحقق منها من مصادر أخرى؟
4ـ هل يوجد تناقض في المضمون أو المعلومات يُشككُ فيها؟
وبعد التأكد من تطبيق تلك المعايير ينصح مرصد “أكيد” المحرريين بإتباع ما يلي:
1ـ حدد القيمة الإخبارية للمضمون، هل يستحق أن تبذل جهداً من أجله؟
2ـ المضامين المنشورة في حسابات مجهولة الهوية ابتعد عنها.
3ـ إذا كان الحساب معروف الهوية وسبق أن نشر أخباراً في السابق وخُبر عنه الصدقية حاول أن تتصل به.
4ـ تتبع المسار الزمني للموضوع وتطور مضمونه على الشبكة وصولاً إلى أول مصدر قام بنشره.
5ـ القاعدة المهنية، وحتى هذا الوقت، أن أي مضمون يقدمه المستخدمون عبر الشبكة لا تتوفر أدلة على مصداقيته يجب تجنبه.
فيما يدعو "أكيد" وسائل الإعلام الى إحاطة الأخبار التي تتناول موضوعات الصحة العامة بالمزيد بالمزيد من الانتباه والحذر والتحقق من الوقوع في الإشاعات والأخبار المضللة أو الركون إلى مصادر غير خبيرة ومتخصصة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني