نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إعلاناً عن توفير منح مالية، واستخدم للتعبير عن الفئات المستهدفة بالمنح مصطلح
INDIGENOUS PEOPLE
وهو مصطلح مستخدم في العلوم الاجتماعية والإنسانية للدلالة على "السكان الأصليين" في المجتمعات التي تعرضت إلى تغيرات ديمغرافية وسياسية أدت إلى تواجد أكثر من شعب أو عرق وخاصة تلك المناطق التي غزاها الرجل الأبيض في قرون ماضية.
موقع نيسان نيوز بادر إلى انتقاد صيغة الإعلان وبالذات ما يتصل باستخدام مصطلح "السكان الأصليين" الذي يحمل في استخداماته الدارجة بعض الدلالات العنصرية، وتعد هذه المتابعة من قبل الموقع ممارسة إعلامية إيجابية.
وبنتيجة النشر أرسل مدير برنامج البيئة والتغير المناخي/ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نضال العوران، اعتذاراً للموقع أشار فيه إلى خطأ فني، تسبب في نشر النسخة الإنجليزية من الإعلان، فيما كان يفترض استخدام نسخة عربية تتحدث عن "المجتمعات المحلية" كفئات مستهدفة وليس عن "السكان الأصليين".
سارعت بعض المواقع الالكترونية إلى نقل الخبر من دون الإشارة إلى مصدره وهي ممارسة خاطئة أصبحت للأسف تتكرر كثيراً. وقد أكد مدير مكتب الأمم المتحدة في اتصال مع "أكيد" أن الجهة الإعلامية الوحيدة التي خاطبها هي موقع "نيسان".
غير أن المتابعة الإعلامية ككل تضمنت -وبحسن نوايا على الأغلب- أخطاء لا تقل ضرراً عن الخطأ الذي وقع به إعلان الأمم المتحدة.
لقد احتجت وسائل الإعلام على تشبيه الأردنيين بـ"الهنود الحمر"، وهذا بحد ذاته ينطوي على موقف عنصري، ويعد ترجمة خاطئة لمفهوم "السكان الأصليين"، فضلاً عن أن مفهوم "الهنود الحمر" ذاته، غير معترف به من قبل الشعوب التي أطلق عليها، وهو من انتاج الرجل الأبيض الغازي، وقد أطلقه على شعوب لها تاريخ طويل، وحضارة لا تقل عما كان سائدا في مواقع أخرى من العالم القديم مثل الصين والهند ومصر الفرعونية، فضلاً عن أنها كانت تحمل أسماء مختلفة "عادية ومقبولة" ليس من بينها "الهنود الحمر". إن هذه التسمية جاءت من الذاكرة العنصرية للغازي الذي رآى شبهاً بين أبناء المناطق الجديدة مع الشعب الهندي (في الهند). إن تسمية الهنود الحمر بحد ذاتها تعد لقبا عنصريا وليست مفهوما علمياً معترفاً به.
أما مفهوم "السكان الأصليين" فهو بحد ذاته مفهوم اجتماعي مستخدم في العلوم الاجتماعية (في سياقات محددة) ولا يحمل بحد ذاته دلالات عنصرية أو نظرة دونية إلى الفئة الموصوفة به.
ولما كانت هذه المفاهيم تعد بالدرجة الأولى من اختصاص الأنثروبولوجيا (علم الإنسان)، فقد اتصل مرصد "أكيد" بأستاذ الأنثروبولجيا في جامعة اليرموك عبد الحكيم الحسبان الذي أوضح أن مصطلح انديجينوس لا يحمل بحد ذاته إساءة إلا أنه يستخدم في سياقات معينة، وبالذات في الحالات التي حصلت فيها تبدلات سكانية حادة، وقد انتشر للإشارة إلى بعض الدول والمناطق في ما يعرف بالعالم القديم في القارة الأمركية وفي استراليا، حيث حل الرجل الغازي الأبيض كمستوطن بأعداد كبيرة محل السكان الأصليين عن طريق الإبادة والتدمير، وقد أطلق المفهوم على المجموعات التي استطاعت الصمود والبقاء وحافظت على نفسها كمجتمعات محلية خاصة. وهو بهذا يعد مفهوماً علمياً اجتماعيا.
وأضاف الحسبان أنه يمكن في حالات أخرى استخدام المفهوم للإشارة إلى حالات تنوع او تعدد أقل حدة، حتى في داخل المجتمع الواحد الذي حصلت فيه تغيرات سكانية أدت إلى حلول مجموعات جديدة محل أخرى، قد تكون انتقلت كلياً او جزئيا داخل البلد الواحد.
الحسبان يرى أن استخدام المفهوم بالصيغة التي وردت في إعلان الأمم المتحدة المذكور هو خطأ لكن المفهوم بحد ذاته لا ينطوي على إساءة، غير أن الاحتجاج بكون الإعلان شبه الأردنيين بالهنود الحمر يتضمن إساءة.
يرى مرصد "أكيد" أنه كان على وسائل الإعلام أن تتوخى الدقة وأن تستعين برأي المختصين عندما يتعلق الأمر بمصطلحات ومفاهيم لها دلالات محددة، وأن عدم قيامها بذلك أدى إلى وقوعها في الخطأ ذاته الذي احتجت عليه.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني