تداولت وسائل إعلام خبر "منع أمانة عمان إقامة إفطار جماعي في شارع الرينبو"، يوم الخميس 18/6/2015، وتفاعل الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لفعالية "الإفطار الجماعي"، فيما لم تقدم وسائل الإعلام إجابات شافية للجمهور عن حقيقة ما جرى.
ظهر الخبر في البداية على موقع "عربي21" بعنوان "السلطات الأردنية تمنع إفطارا جماعيا مختلطا في شهر رمضان" ، يوم الخميس الساعة الثانية والنصف ظهراً، وهو خبر تفاعلت معه وسائل التواصل الاجتماعي وتناقلته كثير من وسائل الإعلام.
أبرز ما جاء في الخبر تصريحات منسوبة لمدير منطقة زهران، بأن المنع جاء لـ"أسباب مخلة بالآداب" دون تحديد شكل الاخلال بالآداب العامة وطريقته، وهو ما ساهم في تشويش الرأي العام الذي تباينت آراؤه حول القضية.
ومن خلال متابعة مرصد مصداقية الإعلام الأردني" أكيد" للمحتوى الذي أنتجته وسائل الإعلام الاردنية، فإن نقل هذا الخبر بهذه الطريقة، أخل بحق الناس في المعرفة، مثلما أن الإعلام لم يقم بدوره في كشف الحقائق عن الموضوع. حيث لم توضح أو تسأل وسائل الإعلام ما هي تلك الأسباب المخلة بالآداب؟ وهل حدثت في السابق أثناء تنظيم تلك الفعالية في الأعوام الماضية؟ ولماذا لم ترد تلك الأسباب في بيان أمانة عمان الذي صدر لاحقاً؟.
ولاحظ "أكيد: أن الصحف والمواقع الإلكترونية اعتمدت على خبر موقع "عربي21" وهو موقع غير أردني ، وبدأت في تناقله كما هو من دون تغيير يذكر، ولم تبذل وسائل الإعلام جهدا مهنيا في متابعة الحدث وتطوير المحتوى الصحافي حوله .
ويلفت " أكيد " انتباه وسائل الإعلام الى المشاكل والضعف في المحتوى الذي توصف به المواد المحلية المنقولة عن وسائل إعلام غير محلية احيانا ، فقد نقل موقع "عمون" الخبر الذي جاء فيه " منعت السلطات في الاردن إقامة إفطار جماعي مختلط في شارع الرينبو "، حيث بدت صياغة الجملة بأن موقع "عمون" غير أردني ويتحدث عن خبر في دولة أخرى.
وتبنت وسائل إعلام ما جاء في خبر موقع "عربي21" الذي جاء فيه أن الأمانة تمنع إقامة حفل إفطار مختلط، من دون وضع كلمة المختلط بين هلالين، ليكون واضحاً للقارئ أن كلمة "مختلط" ليست موقف تتبناه تلك الوسيلة الإعلامية.
جريدة الغد نشرت الخبر حرفياً من الموقع تحت عنوان "الأمانة تمنع إفطاراً جماعياً مختلطاً في شارع الرينبو" ، لكن محرر الخبر عمل على تبديل كلمة "السلطات" بـ"الأجهزة الأمنية" و"مصدر أمني".
كما عملت "الغد" على حذف عبارة (موقع "عربي 21") من التصريحات المنسوبة لمدير منطقة زهران المهندس خالد القصاد، التي جاء فيها أن سبب المنع كان "لأسباب مخلة بالآداب"، حيث أخل ذلك بإسناد التصريحات إلى مصادرها، فلم يتضح للقارئ مصدر تلك التصريحات.
فيما قامت وسائل إعلام أخرى بنقل الخبر مع تغيير في بعض الصياغة، لكنها لم تعمل الجهد الصحفي المطلوب للوصول معرفة اكثر وضوحا واكثر توازنا حول ما جرى ، وأن تعرض المادة من كافة وجهات النظر.
فقد نشر موقع جفرا الخبر مقتضباً، وأورد تصريح أمانة عمان بأن سبب المنع جاء "لأعمال مخلة بالآداب"، ونسب الموقع التصريح لمصادر خاصة.
يوم الجمعة تداولت وسائل إعلام بياناً منسوباً لأمانة عمان يوضح أسباب المنع التي جاءت حسب البيان لما يسببه من "إزدحامات مرورية وإزعاج للمجاورين".
وكان من أسباب المنع أيضاً حسب البيان "تدخين الأرجيلة وعدم وجود مرافق صحية، وغياب التنسيق المسبق مع أمانة عمان والمحافظة على النظافة والالتزام بقانون الصحة العامة الذي يمنع التدخين في المرافق العامة".
وكان مرصد "أكيد" نشر تقريرا سابقاً حول نشر وسائل الإعلام البيانات الجاهزة، "وهي المواد الصحافية التي تُنجز خارج الصحيفة، ومن دون أي مشاركة من صحافييها، لا في جمع المعلومات، ولا حتى في صياغة هذه المعلومات وعرضها ، ثم تُنشر هذه المواد بالنص نفسه في أكثر من صحيفة وأن تلك الأحداث تتعلق بأحداث محلية" لا يبذل الصحفي جهداً فيها.
وهذا ما حدث في تعامل الصحافة مع بيان أمانة عمان، حيث قامت تلك الصحف والمواقع الالكترونية بنشره كاملا من دون تحقق أو متابعة أو مقارنة مع تصريحات مدير منطقة زهران السابقة.
ولم يرد في البيان أن المنع جاء "لأسباب مخلة بالآداب" وما هي تلك الأسباب إن وجدت ، وهل يجوز اطلاق هذه الاوصاف في العناوين دون التحقق من مصادرها , كما لم تسأل وسائل الإعلام أو تتحقق من أسباب المنع التي جاءت في البيان، فهل المرافق الصحية متوفرة في مختلف الأماكن العامة ومنها موائد الرحمن أو المناطق التي يقام فيها خيم الأفراح أو العزاء؟ وهل حدث إخلال في الفعاليات السابقة التي تم تنظيمها سابقاً سواء أمني أو أدبي؟
وكذلك تجاهلت وسائل الإعلام أن مكان إقامة الفعالية سيكون مكان سوق جارا، وهو شارع فرعي غير نافذ، وهل شارع الرينبو لا يعاني من أزمات مرورية خانقة خاصة في أوقات المساء والليل؟ وهل سوق جارا لا يسبب الإزعاج للسكان ؟ علما بأن السوق يكون يوم الجمعة من الصباح حتى العاشرة ليلاً.
موقع "أكيد" يُذكر بحق المجتمع في المعرفة، وهو المهمة الأساسية لوسائل الإعلام، واتباع المعايير الدقيقة في التحقق من الأخبار قبل نشرها والعودة دائماً للمصادر.
فمنع إقامة الإفطار الجماعي شابه الكثير من المغالطات الصحفية التي نورد منها :
اعتمدت وسائل الإعلام على خبر موقع "عربي21"، ولم تبذل جهدا ولو بسيطا للوصول إلى مصادر الخبر في أمانة عمان أو الجهة منظمة الفعالية، وهذا أخل بمعيار الدقة في إسناد الآراء والتصريحات إلى مصادرها.
غاب عن وسائل الإعلام الشمولية والتكامل فلم تجب المواد المنشورة على أسئلة لماذا وكيف ومن الذي منع؟ وهل يملك صلاحيات المنع؟
لم تتحقق وسائل الإعلام في أسباب منع الفعالية التي جاءت في بيان أمانة عمان، حيث جاءت مختلفة عن ما صرح به مدير منطقة زهران، وهي أساس تفاعل الخبر الذي ورد فيه أن المنع جاء "لأسباب مخلة بالآداب".
لم تقم وسائل الإعلام بجهد صحافي حقيقي للتحقق من القصة ولم تقدم مادة إخبارية متكاملة، وكان دور كثير منها دورا ناقلا للأخبار التي نشرت في مواقع أخرى.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني