اقتراع البلدي واللامركزي: تغطية صحافية سريعة على حساب الجودة والتوزان والدقة

  • 2017-08-16
  • 12

أكيد – حسام العسال

اتسمت التغطية الإعلامية ليوم الاقتراع للانتخابات البلدية واللامركزية بالحرص على السرعة في نقل الخبر على حساب معايير الوضوح والتوازن، كما انعكس موقف الوسيلة الاعلامية وبالتحديد في الصُحف اليومية على توجه أخبار الصحف وطريقة إبرازها.

وركزت وسائل الإعلام في تغطيتها الانتخابية على مجريات سير العملية الانتخابية، ونسب الاقتراع، والمخالفات الانتخابية، وبعض شكاوى المال الأسود، وأعمال العنف التي رافقت مجريات الاقتراع، وانتهاءً بالنسب شبه النهائية للمقترعين، ونشر النتائج المبدئية للفائزين.

واستقت الوسائل الإعلامية أخبارها بشكل مُركز من بيانات الهيئة المستقلة للانتخاب، ومركز (راصد)، والمركز الوطني لحقوق الإنسان، والصحفيين المنتشرين ميدانياً، كما كان واضحاً اعتماد المواقع الإلكترونية على المواد الصحافية التي أنتجتها وسائل إعلامية أخرى، ونسخها وإعادة نشرها.

 

شائعات رافقت العملية الانتخابية

نشرت مواقع إلكترونية العديد من الشائعات والأخبار الخاطئة حول مجريات عملية الاقتراع، إذ نشرت عدة مواقع خبراً يدعي انتحال مندوب لمرشح في مدينة السلط لصفة موظف في الهيئة المستقلة للانتخاب، لينفي بعد ذلك الناطق الإعلامي للهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني صحة ذلك الخبر بشكل قاطع.

وانتشرت أيضاً شائعة حول سرقة مواد انتخابية من أحد مراكز الاقتراع، لينفي المومني كذلك صحة الخبر خلال مجريات مؤتمر صحافي، كما تناقلت مواقع نفي ذلك الخبر، وحول نشر مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي صورة لوجود اسم سيدة "أجنبية"، أوضح المومني أنه قد يرد اسم أجنبي في القوائم، لكن في هذه الحالة فإنه يعود لسيدة تحمل الجنسية الأردنية.

 

أحداث الموقر

طغت الرغبة بالإسراع في نقل خبر الاعتداء على صناديق اقتراع في الموقرعلى دقة المعلومات واكتمال عناصر الخبر ووضوحه وتوازنه، إذ نقلت وسائل إعلام خبر وقوع الاعتداء بشكل مجرد ودون إعطاء تفاصيل في البداية ودون أي مصدر، ثم نشر موقع إلكتروني الخبر بأنه سطو ونقل للصناديق وتكسير لجميع الحواسيب وتمزيق كشوفات فيما ناقضه موقع آخر بذكره أن الاعتداء شمل حاسوباً واحدً، وذكر موقع آخر أنه تم الاعتداء على صناديق ووضع أوراق في صندوق رقم 21، فيما أورد أحد المواقع الخبر بأنه اعتداء على ثلاثة صناديق (صناديق 1، 2، 21).

وقال موقع إنه تم الاعتداء على صناديق دون ذكرعددها مستنداً لمركز (راصد)، وعُنون خبر بأنه "تكسير لصندوق" فيما تحدث المتن عن الاعتداء على "صناديق"، إضافةً إلى العديد من التناقضات في الأخبار المنشورة، فيما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" أن عدد الصناديق المُعتدى عليها سبعة صناديق، وبث أحد المواقع مقطع فيديو لجزء من الاعتداء مع إيراد تفاصيل ما حدث.

وأهملت وسائل الإعلام طرح التساؤلات حول أحداث الموقر وتكرارها بسيناريو شبيه لما حدث في الانتخابات النيابية العام الماضي، وعن طبيعة الاستعدادات الأمنية لمنع حدوث وتكرار الاعتداء، وخصوصاً أن الموقر مُصنفة بأنها من مناطق الانتخابات الساخنة وفقاً لما ذكره الناطق الإعلامي للهيئة جهاد المومني في أحد المؤتمرات الصحافية في يوم الاقتراع.

 

أداء الهيئة المستقلة للانتخابات

تفاعل موقع الهيئة المستقلة للانتخابات وصفحتيها على منصتي "فيسبوك" و"تويتر" بواقع 18 منشوراً على صفحة فيسبوك و 21 تغريدة على صفحة "تويتر"، كما عقدت عدة مؤتمرات صحافية للناطق الإعلامي للهيئة جهاد المومني و رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب خالد الكلالدة، إذ أعلنا عن العديد من المستجدات التي أحاطت بالعملية الانتخابية.

ونشرت صفحة الهيئة على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك صورة تدعو الناخبين لعدم الالتفات لحوادث العنف والاعتداء على الصناديق، وتتضمن هذه الصورة عبارة "لا تسمح لمجرد أزعر، أن يخطف حقك، شارك فوراً"، مما أثار العديد من التعليقات المعترضة على استخدام تلك الكلمة.

 

كثافة آنية للتغطية الإعلامية

لوحظ حجم الاهتمام الكبير في تغطية يوم الاقتراع، وأحداثه ومجرياته وما شابها من بعض المخالفات وأعمال العنف، ونتائج الانتخابات الأولية والرسمية وهو أمر متوقع ومعتاد في المواعيد الانتخابية الأردنية، لكن هذه الانتخابات رغم تميزها بازدواجية الاقتراع (بلدية ولامركزية)، إلا أنها لم تتمتع بالتغطية المناسبة والمواكبة لها في الفترة السابقة ليوم الاقتراع، ولم تقم العديد من وسائل الإعلام بضمان الحق بالمعرفة وتوعية وتعريف المواطن بالشكل الكافي بما تعنيه اللامركزية، وتأثيرها المباشر على المواطن، وحتى آلية الاقتراع لها، وهي مسؤولية يشترك بها الإعلام مع المؤسسات الرسمية.

ويأتي هذا التقصير رغم صدور مؤشرات حول حاجة المواطن للتوعية والتثقيف في ما يخص تطبيق اللامركزية وانتخاباتها، مثل تقرير "دراسة مسحية للرأي العام الأردني" الذي أصدره المعهد الجمهوري الدولي الشهر الماضي، وكذلك استطلاع مركز "هوية" في شهر حزيران الماضي الذي كشف عن عدم وعي المواطن بطريقة الاقتراع وإجراءاته.

 

قلق وتوجس من فوز "الوطني للاصلاح" ببعض المقاعد

أثار إعلان التحالف الوطني للإصلاح نجاحه بالفوز بـ 76 مقعداً بالانتخابات البلدية واللامركزية القلق لدى عدة وسائل إعلام، إذ روج بعضها الشائعات خلال عملية الاقتراع، وكما هاجمتها وسائل إعلامية أخرى بعد ظهور النتائج الأولية في خرق لمدونة السلوك المهني والأخلاقي في التغطية الإعلامية للانتخابات التي أكدت على ضرورة حرص وسائل الإعلام هلى تغطية العملية الانتخابية وفق قواعد الإنصاف والنزاهة والموضوعية، وبعدالة ودون تحيز أو تمييز أومحاباة.

ونشر أحد المواقع الإلكترونية خبراً عن انسحاب مرشحين للتحالف الوطني للإصلاح "الاخوان المسلمين يعلنون الانسحاب من الانتخابات البلدية بمحافظة الزرقاء"، والإشارة للمرشح لرئاسة البلدية علي أبو السكر ثم حذف الموقع الخبر ونشر تصريحاً لأبو السكر ينفي فيه الانسحاب "ابو السكر لسرايا: ما زلت انافس على رئاسة بلدية الزرقاء.. و الترويج للشائعات جاءت بسبب الإقبال على كتلة الإصلاح"، كما نشر موقع آخر خبراً عن تهديد مرشح للتحالف يُنافس في مدينة عمّان بالانسحاب من الانتخابات لكن التحالف نفى صحة تلك الأنباء، إضافة لنفي أبو السكر وتشديده على عدم وجود نية للانسحاب، ودعوته لوسائل الإعلام بتحري الدقة في نقل الأخبار.

وعبر أحد المواقع عن "مخاوف من أسلمة المواقع القيادية في بلدية الزرقاء"، فيما اتهم موقع آخر "التحالف الوطني للإصلاح" بالكذب، إذ قال الموقع أن ""الوطني للإصلاح" أعلن اكتساحه للانتخابات البلدية بواقع 52 % لانتخابات اللامركزية" وهو ما حاول الموقع تفنيده، لكن التحالف لم يذكر أن نسبة 52 % هي نسبة مقاعده من الانتخابات البلدية، وإنما ذكر بيانه أنه "فاز التحالف بـ (25) مقعداً في مجالس المحافظات اللامركزية من أصل (48) مقعداً تقدم لها وبما نسبته 52% في ثماني محافظات" أي أن النسبة هذه هي نسبة الفائزين من أصل الـ 48 مرشحاً للانتخابات اللامركزية.

 

ويرى مرصد (أكيد) أن تغطية وسائل الإعلام للعملية الانتخابية اتسمت بالكثافة والكم على حساب النوعية والجودة في التغطية، وأنها أتت بعد فترة من التغطية الخجولة التي سبقت الانتخابات، كما غلب التوجه نحو السرعة في نقل الخبر على حساب اكتمال عناصر المادة الخبرية وعلى حساب التوازن والوضوح والدقة.

وشابت التغطية طريقة النسخ للمواد الصحافية من وسائل إعلامية وإعادة نشرها مرة أخرى، كما عكست العديد من وسائل الإعلام مواقفها وتوجهاتها على المحتوى الإعلامي الذي قدمته.

وبالعودة إلى "مدونة السلوك المهني والأخلاقي في التغطية الإعلامية للانتخابات" لوحظ وجود خروقات لحرص وسائل إعلام على تغطية العملية الانتخابية وفق قواعد الانصاف والنزاهة والموضوعية والابتعاد عن التحيز، وخرق لضمان الدقة في التغطية باستخدام قواعد التحقق من المعلومات، وعدم وجود حرص من بعض الوسائل على الفصل بين المواد الاخبارية ومواد الرأي.