الإعلام يتكتم على أسماء "متنفذين" انتهكوا القانون وصدرت بحقهم أحكام قضائية قطعية

الإعلام يتكتم على أسماء "متنفذين" انتهكوا القانون وصدرت بحقهم أحكام قضائية قطعية

  • 2016-01-23
  • 12

تداولت صحف يومية، ومواقع إخبارية، يوم الأربعاء (21/1/2016) خبر المؤتمر الصحفي، الذي عقده وزير الزراعة، الدكتور عاكف الزعبي، وكشف فيه إزالة الوزارة 162 اعتداء على أراض حرجية حكومية، خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وكان أبرز ما أعلنه الوزير هو أن من بين المعتدين على هذه الأراضي الحكومية "10 متنفذين"، تضم قائمتهم "وزيرين سابقين ونوابا حاليين وسابقين وعددا من الشخصيات العامة التي يمكن اعتبارها ممن يصطلح على تعريفهم بالمتنفذين".

لم يفصح الوزير عن أسماء هؤلاء، رغم صدور أحكام قضائية بحقهم، ورغم الأسئلة  المتكررة من القرّاء في أقسام التعليقات على هذه الأخبار، عن هوية هؤلاء المتنفذين، إلا أن أي وسيلة إعلامية لم تذكر أنها حاولت الحصول منه على أسماء، وتُرك ذلك لتكهّنات الناس على مواقع التواصل الاجتماعي.

يمكن، خلال السنوات القليلة الماضية، رصد الكثير من الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام عن انتهاكات متنوعة للقانون، ارتكبها "متنفذون"، تتعلق غالبيتها باعتداءات على مصادر المياه، والأراضي الحكومية. إضافة إلى انتهاكات أخرى، لم تقل جميع الأخبار صراحة أن وراءها متنفذين، لكنها أوحت بذلك، والمقصود بذلك أخبارالمخالفات الصحية "الخطيرة" لـ"مطاعم معروفة"، و"مولات شهيرة".

وفي الغالبية الساحقة من هذه الأخبار، أُخفيت أسماء مرتكبي هذه الانتهاكات القانونية، فكان هذا الإخفاء القاعدة التي لم تكسرها سوى استثناءات قليلة. فنقرأ مثلا عن:

إيقاف "متنفّذ" في المفرق، حفر  بئرا مخالفا في مزرعته، و ضُبطت في المكان حفّارة مملوكة لشخص آخر مطلوب بعدّة تهم منها إطلاق الرصاص على موظفي سلطة المياه، الذين يلاحقون أعمال الحفر المخالفة على المياه الجوفية.

وعن متنفذ يستولي على أرض في منطقة البحر الميت، مساحتها 500 دونم، ويبني على جزء منها غرفا اسمنتية، تمهيدا لـ"تخصيصها بصفة وضع اليد".

واتهامات نيابية بأن أحد المتنفذين يملك ثلاث شركات "وهمية" للتنقيب عن النفط، عقدت اتفاقيات مع الحكومة، أُلغتها الحكومة في ما بعد، وترتّب على هذا الإلغاء مطالبات مالية لهذه الشركات. ووفق هذه الاتهامات، فإن إحدى هذه الشركات تأسست بعد شهرين من الاتفاقية التي أبرمتها مع الحكومة.

وشكوى فنادق في البحر الميت من متنفذ "يسيطر على أراضي البحر الميت بقوة السلاح، ويبيع المياه الحكومية للفنادق بأسعار مضاعفة".

ومتنفذ يسرق مليون متر مياه سنويا، من خط رئيسي تابع لشبكة سلطة المياه في عمان، يستخدم جزءا منها لريّ مزرعة كبيرة له، ويبيع الباقي إلى صهاريج نقل المياه.

وقائمة بـ55 اسما، قالت نقابة الجيولوجيين إنها تمتلكها، لمتنفذين يعتدون على المياه الجوفية، من خلال حفر آبار مخالفة، تستنزف 23 مليون متر مكعب سنويا.

ومتنفذ في أمانة عمان، تمكن من خلال تقديم "أوراق رسمية مزورة"، من تقاضي بدل مياومات عن أدائه فريضة الحج سبع مرّات خلال عام واحد.

وفي ما يتعلق بالمخالفات الصحية، نقرأ عن:

 إغلاق الكوادر الصحية في بلدية إربد لـ"مطعم شهير"، في المدينة، بسبب وجود جرذان داخله. وكان سبقه خبر آخر عن جرذان في "مطعم معروف داخل إحدى المولات الشهيرة" في عمان. كما أُعلن عن "صراصير في ماكنات التعبئة لمصنع ألبان شهير"،  وعن "ضبط 3 أطنان مواد فاسدة في محل حلويات شهير".

ونقرأ عن "مول شهير يبيع علب ذرة مليئة بالديدان" في إربد. و"مول شهير" آخر يبيع "سمك مدوّد"  في عمان. و"مول شهير" ثالث، أُغلق بعد العثور داخله على "لحوم فاسدة" و"قط ميت". في حين حُوّل صاحب "مول شهير" رابع، في مدينة مادبا إلى القضاء، بعد العثور على نصف طن من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية لديه. كما أُغلق "مول معروف"  خامس، ضُبط داخله ما يقارب الطن من اللحوم والأسمالك الفاسدة، التي كان يخبئها في مكان تغيير العاملين لملابسهم، تمهيدا لنقلها، بحسب الخبر" إلى ثلاجات العرض.

سيكون إخفاء الاسم مفهوما، في الحالات التي تكون فيها الواقعة المعلن عنها ما زالت موضوع تحقيق، فيكون إعلان الاسم هنا نوعا من التشهير غير العادل، وينطبق هذا، مثلا، على القضية التي أثارها في كانون الثاني (ديسمبر) الماضي، النائب في البرلمان، سمير عويس، عندما أعلن تورط "مسؤول أردني كبير" في قضية فساد تتعلق بتزوير فواتير برنامج علاج اللاجئين السوريين.

لكن إخفاء الاسم ليس مفهوما عندما يكون الحديث عن قضايا، حُسمت بأحكام قضائية، منها مثلا قضية اعتداء "متنفذين" على أراضي حرجية حكومية، ففي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، نٌشر خبر إزالة اعتداء "نائب سابق"  على 52 دونما في مدينة سحاب، كان هذا النائب، بحسب مدير مديرية الحراج والمراعي في وزارة الزراعة، قد استولى عليها من خلال "التزوير"، فقد "زوّر" مستندات ملكية هذه الأرض، وباعها من ثم إلى مواطنين آخرين، من دون تسجيلها في دائرة الأراضي. ووفق الخبر، فقد صدر حكم قضائي بإزالة الاعتداء.

وينطبق ما سبق على خبر رفض "متنفذين" في مدينة مادبا، تنفيذ أحكام قضائية بإزالة الاعتداءات على أراض حكومية في المدينة. وأحد هذه القرارات، كما ذكر الخبر، صادر العام 2005.

كما ينطبق كذلك على خبر تصريح لعضو مجلس أمانة عمان، موسى الوحش، قال فيه إن "متنفذا" يعطّل منذ العام 1967 فتح شارع حيوي في حيّ نزال. وبحسب الوحش، هذا المتنفذ يسكن في المنطقة، وهو لا يريد، "إزعاج عائلته". ولأنه كما يقول الوحش صاحب "سطوة"، فإن الوضع ما زال عالقا، رغم أن هذا الشخص رفع قضية على أمانة عمان لمنعها من فتح الشارع، لكنه خسر هذه القضية.

وفي السياق نفسه، هناك قضية صاحب "مول معروف"، احتال، كما يقول الخبر، على تاجر بمبلغ 2 مليون دينار، وصدر حكم قطعي من المحكمة بردّ المبلغ للتاجر.

المحامي محمد قطيشات في اتصال مع "أكيد" قال إن ذكر الأسماء عندما يتعلق الأمر بقضايا بت فيها إداريا أو قضائيا بقرارات معلنة منشورة، ضروري فضلا عن أنه يعزز من مصداقية الخبر ولكن بشرط أن تكون الأسماء والمعلومات دقيقة، وأضاف إن البحث عن الأسماء من مهمة الصحفي حتى لو لم يفصح عنها مصدر الخبر.

وهذه مجرد أمثلة على انتهاكات للقانون، وصلت القضاء، وأكّدتها أحكام قطعية، لكن الإعلام ما زال يتحرّج من كشف أصحابها. ويترك الأمر، كما سبقت الإشارة لأسئلة القراء في ساحات التعليقات، ولتكهناتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ما ينتهك حق الجمهور في المعرفة، ويشكل بيئة خصبة لإطلاق الشائعات.