نشرت صحيفة الغد في الثالث من آذار الماضي تقريراً بعنوان "شخصيات متنفذة تهرب آلاف المواشي المريضة من سورية"، وهو تقرير انطوى على معلومات تثير القلق والخوف، أهمها أن تلك الأغنام مصابة بأمراض الجمرة الخبيثة والحمى القلاعية واللسان الأزرق.
التقرير بحد ذاته ينطوي على جهد إعلامي جيد، غير أن الحديث عن القضية توقف حتى 11 أذار حين نشرت صحيفة الغد خبراً مقتضباً يقول "أن مصدراً مسؤولاً في هيئة مكافحة الفساد، بين أن دائرة المعلومات والتحقيق في الهيئة، باشرت إجراءاتها القانونية في قضية تهريب المواشي، وخاطبت الجهات المعنية للتأكد من المعلومات المنشورة حول الموضوع".
عند هذا الحد، توقف التغطية الإعلامية للقضية التي تتضمن مجموعة من العناصر المفصلية التي يفترض أن يناقشها الإعلام، ويبذل جهودا إضافية لتوضيح تفاصيلها للمواطنين، ويكشف مواطن الفساد والخلل فيها دون تردد، مع مراعاة معايير التغطية العادلة للقضايا التحقيقية وضمان سير العدالة.
يشير التقرير الذي نقلته مئات المواقع الالكترونية إلى "تورط شخصيات رسمية ونيابية ومتنفذة في عملية التهريب فيما حذرت وزارة الزراعة، من أن هذه المواشي (تحمل أمراضاً عديدة وخطرة، تؤثر على صحة الإنسان)".
ويرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني" أكيد"، من خلال المعايير التي يطبقها في تقييمه لأداء وسائل الإعلام، أن هذا الموضوع، الذي ينطوي على مخاطر كبيرة، لم يحظ باهتمام الصحافة، وكان يمكن التعامل معه بأكثر من تغطية ومعالجة صحافية تكشف جوانب لم يوضحها التقرير.
فحق المجتمع بالمعرفة، باعتباره حقا من حقوق الإنسان، يشكل المهمة الأساسية لوسائل الإعلام والأساس المتين لعمل الصحافة ووسائل الإعلام والذي يفترض الحرص الدائم عليه بصون المصداقية.
في حين يشير "أكيد" إلى الدور لبعض المواقع الإلكترونية التي تمارس ترديد المعلومات والأخبار وإعادة نشرها دون أن تبذل أي جهد في هذا الاتجاه.
وبعد مرور نحو شهر على نشر هذا التقرير يرى أكيد أن الصحافة لم تطرح الأسئلة التالية لتوضيح المعلومات التي وردت في التقرير وهي:
وجاء في التقرير عبارة مشوشة تقول "وفيما حذرت وزارة الزراعة، من أن هذه المواشي تحمل أمراضا عديدة وخطرة، تؤثر على صحة الإنسان"، داعية الحكومة إلى التحرك لمواجهة تداعيات هذه القضية، فهل وزارة الزراعة ليست جزءا من الحكومة؟
ورغم ذلك، لم تأخذ وسائل الإعلام هذه التحذير على محمل الجد، ولم تدخل في تفاصيل تداعيات القضية كما قالت وزارة الزراعة.
ويشكل التقرير وبما حمله من معلومات مهمة، نموذجا للتغطيات التي تطرحها الصحافة بجراءة، وتختفي بعدها عن الأجندة التحريرية لوسائل الإعلام، وهي بذلك تتخلى عن دورها الأساسي في كشف الحقائق والمعلومات التي تمس حياة المواطن مباشرة، فالصحافة هي عيون وآذان المجتمع، وهي التي تقوم بدور الرقابة على السلطات.
فالأصل أن تكون المتابعة متواصلة لمثل هذه المواضيع والأحداث وعدم الاكتفاء بالأخبار الأولية، ومتابعة تداعيتها عبر نشر التقارير المعمقة، مثلما أن الوظيفة الرقابية للصحافة تعني أن يتم تناول قضايا وشؤون وأخبار الفساد والإضرار بالمال العام وأخبار وقضايا وشؤون الإهمال والتقصير في الشؤون العامة ونشر التحقيقات الاستقصائية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني