أكيد – دلال سلامه
تناقلت المواقع الإخبارية يوم (22/12/2015) على نطاق واسع خبر استقالة المجلس التأديبي لنقابة الصحفيين الأردنيين، احتجاجا على ما قال الخبر إنه "تدخلات" في سير قضية يحقق فيها المجلس حاليا مع صحفي من أعضاء النقابة، وصلت في حقه شكوى. وقد نشرت المواقع الخبر بأسلوب واحد، هو نشر صورة عن نصّ كتاب الاستقالة، مع التقديم له بعبارة مفادها أن المجلس استقال احتجاجا على التدخل في شؤونه.
في ما سبق، كان "نصّ" كتاب الاستقالة هو ذاته متن الخبر، لكن المشكلة هنا هو أن هذا النصّ لم يقل شيئا أكثر مما قالته العبارة المقتضبة التي مهّدت بها المواقع له، أي لم يقل أكثر من أن المجلس استقال لأن هناك تدخّلات في عمله.
فالكتاب الذي غطته الأخبار المنشورة، يشير إلى قضية يحقق فيها المجلس مع صحفي من أعضاء النقابة، قُدّمت في حقه شكوى، ويذكر أن أحد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين "حرّض" الصحفي المشتكى عليه على عدم حضور جلسات المجلس التأديبي، كما يشير إلى أن الصحفي المشتكى عليه، رفع لمجلس نقابة الصحفيين مذكرة تضمنت "اتهامات باطلة" لرئيس المجلس التأديبي، وأن أحد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين وجّه هو أيضا "اتهامات" لأعضاء المجلس التأديبي.. ولكن أياً من تلك الأخبار التي نشرت عن الموضوع لم توضح للقارئ (المستهدف المفترض) أي معلومات عن أي من تلك العبارات التي ظلت مبهمة.
في الخبر المنشور لم يكن هناك في الحقيقة خبر، إذ لا يوجد أي معلومة واحدة محدّدة يمكن أن تجعل الجمهور يفهم ما حدث. فالوحيدون الذين التقطوا إشارات نصّ كتاب الاستقالة، وفهموا ما تعنيه كل واحدة منها هم فقط الأعضاء المستقيلون، وأعضاء مجلس نقابة الصحفيين الذين وُجّهت إليهم الاستقالة، والصحفيون في الدائرة الضيقة للحدث. أمّا الجمهور العريض، وهو الجهة الأساسية المفترض أن هذا الخبر موجّه إليها، هذا الجمهور لم يفهم شيئا مما يحدث.
هذا النوع من التغطية للأحداث، هو ممارسة إعلامية متكررة بشكل ملحوظ، وتحدث خاصة عندما تشتبك جهتان، ويخرج هذا الاشتباك إلى الإعلام، أو أحيانا، عندما يُستخدم الإعلام أداة لإدارة هذا الاشتباك، من خلال تحويله إلى منصّة لتبادل الرسائل بين الأطراف المتصارعة. في هذه الحالات، سنجد أن التغطيات تتمّ، في العادة، على طريقة تبادل البيانات الصحفية، أي بيان تصدره هذه الجهة، يقابله بيان "مضاد" من جهة أخرى. وسنجد أن هذه البيانات تتضمن الكثير من الإشارات التي تكون مبهمة للعامة، لكنها مفهومة فقط للأفراد ضمن الدائرة الضيقة للحدث. وفي العادة تتوقف التغطية عندما تتوقف هاتان الجهتان عن إصدار البيانات، وإطلاق التصريحات، بما يشي بتسويات داخلية، لا ينقل الإعلام في العادة معلومات واضحة عنها.
وكان "أكيد" قد أشار إلى هذه الممارسة في تقارير سابقة، منها تغطية إضراب لممرضي وزارة الصحة، وتغطية احتجاج نقابة المهندسين على منح نقابة الجيولوجيين أعضاءها لقب مهندس، وتغطية إضراب عمال ميناء حاويات العقبة.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني