الجميد أصبح من الممنوعات: حينما تحول من فن ساخر إلى خبر صحفي

الجميد أصبح من الممنوعات: حينما تحول من فن ساخر إلى خبر صحفي

  • 2015-07-27
  • 12

تتنافس وسائل الإعلام الرقمية على جذب القراء، من خلال بث المواد الإخبارية التي تشد القارئ أو المتابع باستخدام أدوات وأساليب متعددة ومتنوعة، وتبحث في الشبكة العنكبوتية عن مواضيع تثير فضول القارئ للمتابعة والقراءة، لكسب مزيد من الجمهور، وهذا حق من حقوقها، ومن حق أي موقع أن يبحث عن أكبر عدد من المتابعين والقرّاء، لكن استسهال تلك المواقع في نشر أي موضوع دون التحقق منه يؤدي إلى تشويش القارئ وفقدان ثقته في الوسيلة الإعلامية. ومن حالات استسهال وبث المواد الإعلامية دون تحقق أو تأكد من صحة ما تنشره، عدم التمييز بين الأخبار والمواد الساخرة التي تعتمد على المفارقات، وهدفها استخدام فن السخرية من أجل الإضحاك أو النقد، كما هو معروف عن غايات الفن الساخر. وقد ظهرت في الآونة الأخيرة مواقع إلكترونية متخصصة بهذا النمط من المواد.

المفارقة الفعلية التي تستحق التوقف حينما تتحول المواد الساخرة إلى أخبار تتبناها بعض المواقع الإخبارية، وتبدأ بالترويج لها على أنها وقائع حقيقية وأخبار صحفية جادة، على الرغم من أن المصدر الأصلي قد قدمها على شكل مفارقات ساخرة .

وآخر الأمثلة على هذه الممارسة ما نشرته عدة مواقع إلكترونية أردنية بعنوان "دائرة المكافحة تدرج الجميد تحت قائمة الممنوعات إلى جانب الهيروين والكوكايين".

المواقع الإلكترونية التي نشرت الخبر اعتمدت على "شبكة الحدود"، وهي موقع إلكتروني يبث مواد ساخرة، بدون الإشارة إلى أن ذلك الخبر غير حقيقي أو مجرد مادة  ساخر، فوقعت تلك المواقع في حرج بث المادة ثم عمدت إلى حذف الخبر بعد نشره، ومن ذلك مثلا: "هل سيتم منع المناسف البلدية في المناسبات لأن الجميد يفقد التركيز؟". (نسخة مخبأة للخبر الذي بثه موقع سرايا ثم قام بحذفه).

مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" يشير بهذا الصدد إلى وقوع مثل هذه الأخطاء في وسائل إعلام محلية، ومن ذلك نشرها لخبر ساخر سابقاً، وكان عنوانه "اعتقال بابا نويل في جبل عمان ومصادرة جميع هداياه"، وهو خبر ساخر نشرته "شبكة حدود" أيضاً ، وقامت كثير من المواقع الإخبارية بإعادة نشره على أنه واقعة حدثت بالفعل إلى أن تحول ما قامت به هذه المواقع إلى مادة ساخرة يسخر منها المتابعون بسبب ضعف مهنية هذه المواقع وعدم ممارستها لأبسط قواعد التحقق .

ومن خلال رابط "من نحن" على شبكة حدود توضح الشبكة أنها موقع غير إخباري "وهي موقع مخصص للسخرية والكوميديا التي يصيبها السواد أحياناً"، لكن ذلك التوضيح غير بارز بشكل واضح على الصفحة الرئيسية على الموقع.

إن المواقع الإخبارية الإلكترونية التي تنشر مثل هذه المواد، وفي أغلب الأوقات بدون علم أنها مجرد مفارقات ساخرة تقع في عدة مغالطات مهنية وأخلاقية، منها:

  • ضعف ممارسة قواعد التحقق من المصادر، فنشر المادة كما هي بدون التحقق من المصدر، سواء مصدر المادة الإعلامية بشكل كامل، وهي "شبكة الحدود" الساخرة، أو التأكد من المصادر الموجودة داخل المادة الإعلامية التي افترضت أنها تعتمد على "دراسات" أو "دائرة المكافحة"، كل ذلك أضر بمعيار الدقة في الاعتماد على مصادر غير موثوقة.
  • لم تتحقق المواقع الإلكترونية من المعلومات المغلوطة التي تضمنتها المادة، ومنها أن "انتشار تعاطي الجميد على مدى السنوات العديدة الماضية أدى إلى عدد كبير من حوادث السّير" وأن "الحكومة الرشيدة اضطرت إلى تشديد إجراءاتها لحماية المواطنين من أنفسهم" وأعراض أكل الجميد "كالغباء المؤقت والتدهور في الوظائف البدنية وانتفاخ البطن والإغماء المفاجئ"، فوقعت تلك الوسائل في أخطاء المعلومات ونشرتها على أنها حقائق علمية بناءً على دراسات مبهمة، وغير موجودة في الأصل.