الدروس الإعلامية من "عملية إربد".. حماية "المهنية" حماية للوطن

الدروس الإعلامية من "عملية إربد".. حماية "المهنية" حماية للوطن

  • 2016-03-04
  • 12

تفاعلت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية بسرعة مع الحملة الأمنية النوعية، التي نفذتها الأجهزة الأمنية الأردنية، مساء الثلاثاء (1/3/2016)، في أحد أحياء مدينة إربد، لإفشال مخططات لمجموعة إرهابية. وفي الوقت الذي وفرت فيه وسائل الإعلام إحاطة جارية بالأحداث من خلال التدفق السريع للمعلومات، فإن بعض التغطيات الإعلامية وقعت في أخطاء  مهنية وأخلاقية، إلى جانب أن تغطيات أخرى عبرت بشكل موارب عن أجندات سياسية.

 ولأن التغطية الإعلامية للحملات الأمنية تُعدّ من التغطيات الحساسة، يقدم مرصد مصداقية الإعلام الأردني " أكيد" رصدا لأهم ملامح هذه التغطية، والدروس المهنية المستفادة منها، والمبادئ التي يجب الالتفات إليها في مثل هذه الحالات؛ انطلاقا من أن حماية المهنية الإعلامية، وحق المجتمع في معرفة نزيهه، هو جزء لا يتجزأ من حماية الوطن.

إحاطة إخبارية وتأخر معلوماتي رسمي

قامت وسائل الإعلام الأردنية بمواكبة مكثفة للعملية الأمنية النوعية، وإن تأخرت هذه المواكبة لساعات نظرا لتأخر المعلومات الرسمية، فيسجل لهذه الوسائل متابعتها المكثفة للعملية الأمنية وتداعياتها، سواء بالخدمة الإخبارية المعلوماتية من المصادر المتاحة وشهود العيان، أو بالتحليلات ومواد الرأي، وبرصد التداعيات على مختلف المستويات.

  ويلاحظ أن أبرز ملامح هذه التغطية أنها  كانت مشحونة  بالكثير من العاطفة الجماعية، تحديدا فيما يخص خبر استشهاد الرائد راشد الزيود، ثم خبر وتفاصيل التشييع، وصولا إلى متابعة الأخبار من ديوان العزاء.  فقد أسهم الإعلام في عكس وتدعيم صورة وطنية متماسكة ضد الإرهاب، والوقوف إلى جانب القيم الإيجابية التي تحرص عليها الصحافة الاندماجية. ومن هذه الزاوية بالذات، فإن الأداء الإعلامي لم يناقض  مبادئ المهنية، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة الأدوار التي يقوم بها الإعلام على مستوى العالم عند تناول القضايا المماثلة.

نشرت الصحف اليومية الصادرة باللغة العربية في الأيام الثلاثة الأولى (الأربعاء والخميس والجمعة)، في تغطية الحملة الأمنية وتداعياتها، نحو 295 مادة صحفية إخبارية، ونحو 87 مادة رأي، على شكل مقالات وتحليلات، فيما نشرت المواقع الإلكترونية الإخبارية، في الأيام ذاتها، نحو 870 مادة إخبارية وتحليلة، تناولت الحملة الأمنية وتداعياتها، رُصدت في  حوالي 25 موقعا إخباريا، هي الأكثر مشاهدة، حسب قواعد بيانات "أكيد" مع مطلع عام 2016.

الاستجابة الإعلامية الرسمية جاءت متأخرة، فالملاحظة الأبرز تكمن في تأخر صدور موقف رسمي واضح عدة ساعات، على الرغم من تسرب معلومات منسوبة إلى مصادر رسمية، إلا أن الملمح الواضح كان غياب سرعة الاستجابة الإعلامية الرسمية، فقد بدأت العملية بُعيد الخامسة مساء الثلاثاء، ونُقلت الأخبار الأولى في بعض المواقع منسوبة إلى "مصادر"، أو إلى "شهود عيان". ولم تقدم معلومات رسمية إلا في ساعة متأخرة قبيل منتصف الليل. وإلى تلك اللحظة ظلت شاشة التلفزيون الرسمي تنقل على شريطها الإخباري عبارة غير مفهومة، تدعو  المشاهدين إلى انتظار بيان رسمي، كما لم يُمنح الخبر أهمية تذكر خلال نشرات ذلك المساء.

الخبر الأول عن الحملة  بُثّ من قبل مواقع إلكترونية بعد السادسة والنصف مساء يوم الثلاثاء، واستند في أحدها إلى شهود عيان في المنطقة قالوا: أغلقت الأجهزة الأمنية  منطقة في مدينة إربد شمالي الأردن مساء الثلاثاء، إثر مداهمة تنفذها قوات خاصة لاعتقال مطلوبين في مخيم إربد، وإن اشتباكات مسلحة وقعت أثناء مداهمة القوات  لمطلوبين، يُعتقد انهم إرهابيون، قرب دوار شركة الكهرباء ومنطقة شارع الهاشمي، وأدت لانقطاع الكهرباء تزامنا مع هذه الاشتباكات. وأن الأجهزة الأمنية أغلقت المنطقة المستهدفة، وسط أنباء عن وقوع إصابات بين الأجهزة الأمنية. ونُقل عن شهود قولهم إنه تم إغلاق مخيم إربد، وتم تنفيذ إنزال مظلي. وهي تفاصيل لم تثبت صحتها بشكل كامل لاحقا.

صحيفة " الغد"  نشرت في الساعة السابعة و40 دقيقة مساء الثلاثاء  خبرا بعنوان "اعتقال نحو 20 متطرفا في مداهمات مستمرة في إربد، وقالت فيه: علمت "الغد" أن الأجهزة الأمنية اعتقلت أكثر من 20 شخصا ينتمون لتنظيمات متطرفة.

وفي تحديث للخبر حوالي العاشرة مساء جاء في الصحيفة: "وردا على استفسارات "الغد"، قال مصدر أمني مسؤول إن المداهمات مستمرة حاليا، بدون إعطاء مزيد من التفاصيل". وقد حصل هذا مع أن مواقع أخرى كانت تنقل عن مصادر أمنية، وُصفت أحيانا بأنها "مأذون لها". وهذا قد يشير إلى أن مصادر الأمن لم تقدم معلومات مركزية موحدة. فيما استطاعت صحيفة " الغد" صبيحة يوم الأربعاء (حوالي الثانية فجرا) من تقديم مادة بصيغة أكثر وضوحا، قالت فيها إن "مصادر مطلعة" أوضحت أن العملية بدأت منذ أكثر من أسبوعين، وأن المعتقلين 20، بينهم 10 على الأٌقل اعتُقلوا يوم الحادث، كما نقلت روايات شهود عيان من الميدان.

بيان الأمن العام الأول مساء الثلاثاء نوّه إلى أن "بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي تنشر معلومات تؤثر  سلبا على العملية الأمنية بما في ذلك عرض بعض الأسماء، وستتخذ بحقها أشد الإجراءات القانونية".

الحكومة لم تعلن أي موقف إلا صباح يوم الأربعاء في تصريح للناطق الرسمي وزير الدولة لشؤون الاتصال، الدكتور محمد المومني، قدم فيه حصيلة الحملة الأمنية كما قيّم الأداء الإعلامي  قائلا إن "الغالبية العظمى من التغطية الإعلامية التي تبعت العملية كانت بصف الوطن، باستثناء موقعين قاما بنشر اسم شهيد الوطن قبل تبليغ ذويه، وسيتم اتخاذ الاجراءات بحقهم".

بيان "الأمن العام" عن حصيلة الحملة صدر صباح الأربعاء، تبعه بيان  دائرة المخابرات العامة  الذي ذكر لأول مرة أن متابعة دائرة المخابرات العامة للمجموعة الإرهابية سبقت حادث المداهمة، وأن اعتقال 13 عنصرا متورطا بالمخطط الإجرامي تم قبل ذلك، كما ذكر أن المداهمة نفذتها أجهزة الأمن.

 الاستجابة الإعلامية الرسمية في ميزان المهنية وحماية الوطن.

هل كان من الممكن أن تكون الاستجابة الإعلامية في توفير المعلومات لوسائل الإعلام مبكرة وأكثر إحاطة؟ وهل كان تأخر المعلومات الرسمية لخدمة أهداف الحملة الأمنية؟ ولم يكن تأخر البيان الرسمي أكثر من إجراء احترازي؟

قد تتطلب الحاجات الأمنية في مثل هذه الأحداث التأخر في تدفق المعلومات إلى الجمهور، لكن الرصد السابق يظهر أن جهات رسمية قدمت معلومات وصفت بـ" المأذونة " لبعض وسائل الإعلام، ما يفيد أنه لم يكن هناك رواية مركزية لتدفق المعلومات. في حين أن إدارة المعلومات الرسمية في هذا النوع من التغطيات، يحتاج في العادة إلى رواية رسمية مركزية وشبه موحدة، إلا إذا كانت التسريبات والمعلومات المتعددة المصادر تخدم أهدافا أمنية.

من المنظور الإعلامي، فقد فتح تأخر الرواية الرسمية المجال واسعا أمام الإشاعات والتكهنات، التي انتشرت، خصوصا على شبكات الإعلام الاجتماعي، في حين أن استجابة إعلامية رسمية موحدة ومتماسكة، كان يمكن أن توفر رواية حاسمة، تليق بالأداء الأمني الرفيع، الذي اتّسمت به العملية الأمنية.

إن الاستجابة الإعلامية الرسمية السريعة في  مثل هذه الظروف، علاوة على أنها تحقق نوعا من ملء الفراغ الإعلامي والمعلوماتي، فإنها أيضا توفر مادة للتفاعلية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تُعدّ اليوم الأداة الأخطر في توجية الرأي العام من جهة، أو في توفير بيئة للأجندات السياسية المناوئة من جهة من أخرى.

وإلي اليوم، ما يزال هناك فقر معلوماتي بخصوص خلفية الحملة الأمنية وأبعادها، وخلفية الخلية الإرهاية وانتماءات عناصرها.

تجاوزات مهنية كان من الممكن تجاوزها

وقعت بعض التغطيات الإعلامية في تجاوزات  مهنية وأخلاقية كان يمكن تجاوزها، ويرصد "أكيد " أبرز هذه التجاوزات:

  • السرعة على حساب الدقة: أظهرت بعض التغطيات تغليبها عنصر السرعة على الدقة، ما أوقعها في أخطاء مهنية، فقد نشر أحد المواقع متابعة بعنوان "خاص"، قدم من خلالها صورا لا علاقة لها بالحملة الأمنية، كما نشرت مواقع أخرى معلومات عن جنسيات عناصر الخلية، ثبت لاحقا عدم صحتها. في الوقت الذي نشر فيه  أحد المواقع خبرا  بعنوان "صورة حصرية: "القبض على مطلوبين في منازل بإربد". ولكنها لم تكن ذات صلة بما حدث، وحذف الموقع بعضها لاحقا.

  • ضعف التحقق: بعيدا عن القاعدة المهنية التي تتطلب االفحص والتحقق من المعلومات والصور، فقد تعددت أخطاء عدم التحقق، منها نشر بعض الصور التي وصفت بأنها من الحملة الأمنية، وثبت أنه لا علاقة لها بها. وبثّت بعض وسائل الإعلام، من بينها التلفزيون الرسمي وبعض صفحات التواصل الاجتماعي،  صورة مغلوطة لشاب باللباس العسكري، كانت في الأصل منشورة مع خبر آخر على أحد المواقع، بوصفها صورة للشهيد الرائد راشد الزيود. وفي السياق نفسه، انتشر فيديو قيل إنه لإرهابيين من "داعش" وقعوا في قبضة الجيش، ليتبين أنه فيديو قديم يعود للعام 2014، ولم يُصوّر في الأردن أصلا.

  • نشر بعض المواقع الإلكترونية اسم الشهيد الرائد راشد الزيود، قبل تبليغ ذوية، وهذه مخالفة أخلاقية وقانونية، تمس مشاعر ذوي الشهيد. وقد أشار وزير الدولة لشؤون الإعلام، الدكتور محمد المومني، إلى أنه سيتم محاسبة موقعين إخباريين لنشرهما اسم الشهيد قبل إبلاغ عائلته.

  • ضعف التغطية والمتابعات المعمقة: في الوقت الذي يسجل لوسائل الإعلام كثافة التغطية والمتابعة، الا أن أحد أبرز الملامح المهنية كان ضعف التغطيات المعمقة، خصوصا من ميدان الأحداث، فالمواقع الإلكترونية اعتمدت بنسبة تقريبية تجاوزت 80% -حسب رصد أولى- على مواد مكررة ومنقولة سواء عن الصحف اليومية، أو عن مواقع أخرى، أو عن وكالة الأنباء الرسمية "بترا"، في حين استطاعت بعض المواقع الإخبارية الحصول على صور خاصة بها.

أما الصحف اليومية، فقد اكتفى بعضها بمواد صحفية  ترصد التداعيات وردود الأفعال عن بُعد، مع ندرة في التقارير والقصص الإخبارية من موقع الأحداث ومن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، أن "الرأي" نشرت يوم الخميس (3/3/2016) نحو 38 مادة صحفية، من بينها مادة واحدة من إربد، بينما نشرت " الغد " في اليوم ذاته (3) تقارير من مدينة إربد، في حين لم تنشر صحف يومية أخرى أي مادة ميدانية من موقع الأحداث.

 بشكل عام اتسمت التغطية الميدانية من موقع الحدث بالضعف، فلم يحصل المتابع من خارج المدينة على إجابات أسئلة تخص الموقع والجغرافيا والحياة اليومية وخلفية الأحداث. وقد وصلت مادة صحفية وحيدة في "الغد" إلى موقع الحدث، والتقطت صورا، وقابلت مجاورين للمبنى، الذين قدموا شهاداتهم عمّا سبق العملية، وطبيعة سكان العمارة الذين تبين لاحقا أنهم من الإرهابيين.

  • نشر بعض وسائل الإعلام صور الإرهابيين القتلى في مشاهد تعد مخالفة أخلاقية، ولا قيمة إخبارية لها.

دروس إعلامية من حملة إربد

في سبيل نشر أفضل الممارسات المهنية والأخلاقية في تغطية الحملات الأمنية، التي توصف أحيانا بالتغطيات الحساسة، وفي ضوء الدروس المستفادة من تغطية الأيام الثلاثة الأولي من الحملة النوعية في إربد، يقدم مرصد " أكيد" بعض المبادئ المهنية التي تتطلبها تغطية الحالات الأمنية المشابهة.

  • التوازن بين حق المجتمع في معرفة ما يحدث وحق المؤسسات الأمنية في القيام بأداء واجبها الأمني، بالطريقة التي تراها مناسبة، وبالطريقة التي لا تجعل تدفق المعلومات يضر بالأهداف الأمنية أو بحق أي طرف بالحياة.
  • إن الأحداث والحملات الأمنية تميل في التقاليد الصحافية العريقة إلى الالتزام بالمصادر ذات العلاقة، في مقدمتها المصادر الأمنية الرسمية، وتبتعد قدر الممكن عن المصادر غير المعرفة. وفي الوقت الذي يرى فيه “أكيد” أن استخدام المصادر المجهولة، مهم لحماية المصادر التي ينطوي نشر أسمائها على مخاطر تهدد حياتهم أو مستقبلهم الوظيفي والاجتماعي، خصوصا إذا كان النشر ينطوي على مصلحة عامة، إلا أنه في الحالات الأمنية وتغطيات قضايا الإرهاب، فإن المصادر المجهولة تثير حساسيات مهنية عالية، ورغم أن وسائل الإعلام العالمية تستخدم المصادرالمجهولة ضمن ضوابط محددة، إلا أنها تحرص على عدم التوسع في ذلك حفاظا على مصداقيتها، وتلجأ عادة إلى مصادر أخرى لتأكيد المعلومة.
  • اذا كانت القاعدة المهنية التقليدية تقول إن التحقق أساس المصداقية المهنية، فإن التغطيات الأمنية تحتاج إلى المزيد من الحرص على التحقق والدقة، حتى إن كان ذلك على حساب السرعة.
  • الحذر من استخدام مواقع الإعلام الاجتماعي مصادر للأخبار والمعلومات في ظروف الحملات والعمليات الأمنية، فقد تكون هذه ساحة مفتوحة لتمرير الرسائل والمعلومات ذات الأهداف المناوئة، أو نشر الإشاعات والأكاذيب.

إن  وسائل الإعلام، في أوقات دقيقة كهذه، تنزلق أحيانا إلى ترديد الشائعات، وغيرها من أخطاء وممارسات،  قد لا تكون مقصودة، لكنها قد تخدم أهداف الإرهابين أو المجرمين والخارجين عن القانون، أو تُضعف، وربما تُفشل العمليات الأمنية.

  • على وسائل الإعلام تجنب البث الحيّ لأي عمليات أمنية أو مداهمات أثناء تنفيذها، فقد يوفر البثّ الحيّ، في هذه الحالة، معلومات أو إحداثيات تفيد الخارجين عن القانون، إذ لا يمكن لأحد التنبؤ بما يحدث على الأرض.
  • عدم نشر أسماء الضحايا في العمليات الأمنية، سواء الشهداء أو المصابين وغيرهم، قبل تبليغ عائلاتهم من قِبل الجهات المعنية، لما لذلك من أثر سلبي على ذويهم. إضافة إلى عدم نشر أسماء المطلوبين قبل التثبّت من الجهات المعنية، فنشر أسماء المطلوبين قبل التأكد منها قد يسبب لهم ولذويهم الحرج، بخاصة إذا كان المطلوب بريئا، أو قد يساعدهم على الاختباء إذا علموا أن الجهات المختصة تبحث عنهم، وبذلك يكون الإعلام قد ساهم بطريقة غير مباشرة في مساعدتهم على الفرار.
  • الانتباه إلى استخدام المصطلحات والتوصيفات التي تتفق مع الوقائع ومع السياسة التحريرية للوسيلة الإعلامية وأسلوبها في استخدام المصطلحات والتسميات، وعدم الوقوع في النقل العشوائي للمصطلحات والتوصيفات التي قد تطلقها وسائل إعلام أخرى، خصوصا إذا كانت وسائل إعلام خارجية، فقد استخدم موقع BBC الإنجليزي كلمة "معركة" لوصف العملية الأمنية في إربد، واستخدم موقع الجزيرة عبارة "السلفيين الجهاديين" لوصف الإرهابيين.

ويذكّر " أكيد " بالمعايير الدولية لحجب المعلومت وتداولها على أساس حماية مصالح الأمن الوطني،  فطبقا للمعايير الدولية، تم النص على الآتي[i]:

  1. يحق للأفراد بحث وتلقي ونقل المعلومات والأفكار، من كافة الأشكال، وبأي وسيلة سواء شفهيا أو كتابيا أو بواسطة أي وسيلة إعلامية أخرى، كما تنص على إمكانية تقييد هذا الحق بهدف حماية الأمن القومي للبلاد ولكن بالشروط التالية:
    • أن يصدر قرار حظر إتاحة بعض المعلومات بواسطة القانون، وأن يكون هذا القرار واضحا ومحددا ومعرّفا تعريفا دقيقا. كما ينبغي توافر وسائل حماية ضد الاستغلال السئ لهذا الحظر، عن طريق وجود المحاكم المستقلة.
    • أن يهدف إصدار قرار الحظر إلى حماية مشروعة لمصالح الأمن القومي.
    • يجب على الحكومة قبل إصدار قرار الحظر، أن تقدم ما يفيد بأن تلك المعلومات المحظورة تمثل تهديدا لمصالح الأمن القومي.
    • وجوب تطبيق هذا الحظر في أضيق الحدود وبما يراعي المبادئ الديموقراطية.
  2. في سبيل تعريف ماهية المصالح المشروعة للأمن القومي، ذهبت المعايير الدولية إلى ربط مشروعية تلك المصالح بأهداف تختص بحماية الدولة ووحدة أراضيها أو قدرتها على الرد على استخدام القوة، سواء من مصادر خارجية، مثل تهديد عسكري، أو مصدر داخلي، كما نصّت على عدم مشروعية تلك المصالح إذا كان الغرض منها حماية الحكومة من كشف الأخطاء، أو التستر على قضايا الفساد، أو إخفاء لمعلومات تتعلق بأداء المؤسسات الحكومية والعامة، أو لتعزيز فكر معين، أو لقمع مظاهرات مشروعة.
  3. يجوز للدولة أثناء حالات الطوارئ أن تفرض القيود على حرية تداول معلومات ولكن فقط إلى الحد الذي تتطلبه مقتضيات الحالة، طالما أن ذلك لا يتعارض مع الالتزامات الحكومية الأخرى بموجب القانون الدولي.
  4. فإذا تم توافر المعايير السابقة، أصبح مشروعا لأي دولة أن تفرض القيود على حرية تداول المعلومات، على أساس حماية مصالح الأمن القومي، بحسب ما تقتضيه الحاجة لديها. ولكن تحديد تلك المعايير لا يكتمل دون تحديد خصائص المعلومات التي يمكن حظر تداولها على أساس حماية الأمن القومي؛ لذلك تم تقسيم المعلومات إلى نوعين:

معلومات يجوز حجبها (لمدد محددة ومعلنة)، وتشمل الآتي:

  • الخطط والعمليات والقدرات العسكرية أو الأمنية الحالية، أو ما يطلق عليها ذات الفائدة التشغيلية (لدرجة أن تتصل هذه المعلومات بالمنازعات المسلحة)، وكذلك البيانات التكنولوجية والاختراعات عن إنتاج الأسلحة أو استخدامها أو قدراتها.
  • تدابير محددة لحماية البنية التحتية والمؤسسات الحكومية وأراضي الدولة، وكذلك المعلومات الاستخبارتية الخاصة بجمع وتحليل المعلومات الخاصة بالفئات السابقة.
  • المعلومات المتعلقة بمنع الهجمات الإرهابية، والتحقيق فيها.
  • الاتصالات الدبلوماسية، سواء من قبل دبلوماسيين قوميين أو من دول أخرى، طالما أنها تثير مخاوف مشروعة بشان الأمن القومي.
  • المعلومات التي تم توفيرها من قِبَل دولة أجنبية، أو هيئة حكومية، مع توقيع صريح بالسرية

2معلومات ينبغي الإفصاح الفوري عنها، وتشمل المعلومات الخاصة بالمشاركة السياسية في عمليات صنع القرار، والمعلومات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، التي لا يجوز حجبها على أساس حماية مصالح الأمن القومي أو منع محاسبة من قاموا بتلك الانتهاكات