لعلها المادة الأجرأ في نقد أداء المواقع الالكترونية الإخبارية الأردنية، وبالذات في مجال صناعة الإشاعة التي صارت تعد منتجاً رئيسياً من منتجات بعض هذه المواقع.
قصة السكسك؛ فيديو قصير مدته خمس دقائق ونصف الدقيقة، يعرض مشهداً كوميدياً لاجتماع هيئة تحرير موقع اخباري الكتروني مفترض: يبدأ رئيس تحرير الموقع بالشكوى من تراجع أداء الموقع، ويطلب من محرريه قصة مثيرة، تجذب القراء.
يستمع في البداية إلى ثلاثة اقتراحات لأخبار خيالية لكنها لا تشفي غليله، إلى أن يقدم أحد المحررين مطلعاً لأغنية حول قصة سائق قلاب اسمه "السكسك"، يهرب ممنوعات على طريق العقبة، ثم يتحمس المحررون الزملاء ويبدأون بإضافة مقاطع جديدة للأغنية/ الإشاعة التي تكتمل مع نهاية الأغنية. ويكررون في الأغنية لازمة تقول: "السكسك قصته كثير قوية.. بتجيب لايكات.. ومشاهدات".
يُعجب رئيس التحرير بالفكرة ويسهم في إضافة على الإشاعة يغنيها بصوته، ويطلب تعميم القصة على وسائل التواصل.. (في الأسفل تقرأون نص الأغنية).
الفيديو من إعداد فريق اسمه: فوق السادة يعرّف نفسه على موقعه الالكتروني كالتالي: "شركة مختصة بنشر الأفكار الاصيلة والجديدة والمبدعة على شكل فيديوهات قصيرة موجودين في اربد الاردن". وتضم مجموعة من الشباب الأردنيين بعضهم متعدد المواهب، وقد بث الفيديو على قناة "رؤيا" التي تبث منتجات الشركة من الفيديوهات الكوميدية الأخرى.
ناصر جعرون أحد أعضاء فريق "فوق السادة" قال في اتصال مع "أكيد" إن كلمات الفيديو تأليف جماعي، وأنهم في الأصل كانوا ينووون انتاج فيديو عن الإشاعات، ثم لاحظوا أن أغلب الإشاعات تروجها بعض المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، أما اسم السكسك وشخصيته، فهي من انتاجهم وسبق أن استخدموها في فيديوهات أخرى. وأضاف جعرون أنهم ركبوا النص على لحن أغنية أجنبية شهيرة قديمة نسبياً.
جعرون لاحظ أن هذا الفيديو لم تنشره المواقع الالكترونية، غير أنه أفاد أن فريقهم لم يتلق أي اعتراض من أي موقع على النقد المتضمن فيه.
ما الذي يعنيه إخضاع وسائل الإعلام للنقد والتهكم بهذه الطريقة القاسية؟
عبدالحكيم الحسبان أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة اليرموك قال إن التهكم يكسر التابوهات وينقض التقديس الذي تحيط به بعض الظواهر نفسها، وفي حالة وسائل الإعلام، فإن إخضاعها للتهكم هو دعوة للتماس معها والاقتراب منها وكشف خفاياها. ويضيف أن ممارسات بعض وسائل الإعلام تتضمن الإيذاء للمجتمع وللناس، ويلعب التهكم دوراً في رد الأذى لمصادره عن طريق تحويلها إلى موضوع سخرية.
الحسبان يرى أن التهكم إذا أصبح جزءاً من الممارسة النقدية وارتفع لكي يصبح معبرا عن عقل نقدي عام فإنه يتحول إلى ظاهرة إيجابية، غير أنه لفت إلى خطر الانتقائية، عن طريق اقتصار النقد (والتهكم) على ظواهر معينة واستثناء أخرى، وقال إن ذلك يعني شكلاً من أشكال التسييس لممارسة النقد.
مرصد مصداقة الإعلام الأردني "أكيد"، يرى أن هذا الفيديو، يعبر عن ارتفاع مستوى الوعي تجاه ما يقدم في المشهد الإعلامي، وهو يصب في الدعوة إلى تنشيط المساءلة الإعلامية. الفيديو قدم مشهداً قاسياً فيه قدر من المبالغة التي تتطلبها الكوميديا، لكنه لم يبتعد عن الواقع كثيراً.
فيما يلي نصل الأغنية الواردة في الفيديو:
هاي قصة السكسك أبو الشنبات
شوفير مْقلّى بسوق قلابات
كان عنده نَقْلِة.. شحنة شنتات
السكسك زلمة خطير وبِهرّب ممنوعات
عطريق العقبة فيه دوريات
والسكسك صار يبتْوِن بين السيارات
كمسره شرطي وطخة سبع طلقات
لَبّس بتريللا جنبه وقلب خمس قلبات
السكسك قصته كثير قوية
بتجيب لايكات ومشاهدات
بعد ما لَبّس.. فتحوا الشنتات
بشنته فيه زرافة وفيه ثلاث فقمات
وثور هايج هاجم عالبقرات
كانوا بستنوا يروحوا بموقف الباصات
والجو تغير وصار جو غابات
السكسك زلمة خطير وبيهرب حيوانات
جابوا له كتيبة وهيلوكبترات
نزلوله مظليين وخمس دبابات
السكسك قصته كثير قوية
بتجيب لايكات ومشاهدات
خذها وانشرها على كل البيجات
واعمل هاشتاغ مرتب انه السكسك مات
واعمل هاشتاغ ثاني انه السكسك ما مات
وخلي الناس تؤلف قصص وحكايات
على تويتر شيرها وعلى سنابشات
ما بيهم المصداقية بدنا مشاركات
عالفيس نزلها وكثر شيرات
السكسك عرطة كثير قوية.. بتجيب لايكات ومشاهدات
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني