الشباب في التغطية الإعلامية للانتخابات: مسح على السطح

الشباب في التغطية الإعلامية للانتخابات: مسح على السطح

  • 2016-10-18
  • 12

قُدرت نسبة الذين كان يحق لهم المشاركة بانتخابات المجلس الثامن عشر من الشباب  بـ 48 % من الناخبين وهم من سن 18– 35 سنة، وفق الأرقام التي اعتمدت عليها الحكومة من دائرة الاحصاءات العامة، وتنخفض هذه النسبة إلى 21 % إذا تم حصر الفئة العمرية بين سن 18 – 24 سنة.

في الأردن الذي يستعد أن ينتقل إلى مرحلة تحول ديمغرافي تسمى "الفرصة السكانية"، أي تحول التركيب العمري لصالح الشباب المنتجين، ما يزال اهتمام وسائل الإعلام بالشباب وقضاياهم متواضعا، وهذا ما كشف عنه رصد التغطية الإعلامية لعشرين وسيلة إعلامية لانتخابات المجلس الثامن عشر.

الانتخابات ليست فقط حق دستوري، بل وسيلة لاختيار أفضل من يمثل المجتمع لمواجهة المشكلات التي يعاني منها الوطن، وهي في أغلبها مشكلات تتعلق بالشباب؛ ابتداءً من فرص التعليم والمسكن والفقر والبطالة وصولا إلى خيارات السياسات الخارجية وغيرها، والانتخابات فرصة لاختيار النائب الأفضل الذي يمكن أن يسهم في حل القضايا الاجتماعية خاصة وأنهم أكثر فئة مستفيدة من التغيير نحو الأفضل وهي الفئة الأكثر تضرراً من وجود مجلس نواب ضعيف.

النص القانوني المعدل في قانون الانتخاب 2016 زاد من حصة الشباب المشاركين في الانتخابات، وتشير المادة (3) من القانون على أنه يحق لكل أردني بلغ ثماني عشرة سنة شمسية من عمره قبل تسعين يوماً من التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع انتخاب أعضاء مجلس النواب، وكان النص في السابق يمنح الحق في الانتخابات لكل من بلغ 18 سنة شمسية في اليوم الاول من الشهر الاول في سنة الانتخاب.

ويختلف تحديد الفترة العمرية المحددة لسن الشباب بين الدول والمنظمات في العالم، فمثلاً: الأمم المتحدة تحدد فئة الشباب بأنهم أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، أما البنك الدولي فيحصر فترة مرحلة الشباب في ما ببن 15 و25 عام، بدوره برنامج الكومنولث للشباب حصرهم بمن تتراوح أعمارهم بين 15-29، فيما يحدد معجم المنجد في اللغة العربية المعاصرة تلك الفترة من حد البلوغ إلى الثلاثين.

وكشف رصد أداء وسائل الإعلام الأردنية لـ 20 وسيلة إعلامية منها 4 صحف يومية مطبوعة هي (الرأي، والدستور، والغد، والسبيل) و4 إذاعات هي (الإذاعة الأردنية "الرسمية"، وإذاعة حياة إف إم، والبلد، وصوت الجنوب)، و4 محطات تلفزيونية هي (التلفزيون الأردني "الرسمي"، والحقيقة الدولية ، واليرموك، ورؤيا)، و8 مواقع إلكترونية ممثلة للصحافة الإلكترونية وهي (عمون، خبرني، سرايا، الوكيل، هلا نيوز، جفرا نيوز، البوصلة، وجراءه نيوز) اهتماما ليس كبيرا في تغطية قضايا الشباب.

وبين الرصد أن الصحف المطبوعة كانت الأكثر اهتماما بقضايا الشباب، وبنسبة 2.4%  من إجمالي تغطيتها للقضايا والموضوعات الانتخابية، ثم الإذاعات وبنسبة 1.5% من برامجها، أما التلفزيون فاحتل المرتبة الثالثة وبنسبة 1.3% ومن ثم المواقع الاخبارية الإلكترونية وبنسبة لا تزيد عن 0.5%.

ونشرت الصحف المطبوعة والمواقع الإلكترونية بشكل عام ما يزيد عن 150 مادة صحفية حول الشباب والانتخابات، تنوعت مضامينها، ولكن التركيز الأكبر كان حول المشاركة في الانتخابات النيابية، ودور الشباب في هذا الجانب، ومن هذه الأخبار "استطلاع: 48 % من الشباب سيشاركون في الانتخابات".

وفيما يلي أبرز ملامح تغطية وسائل الإعلام لشؤون الشباب في الانتخابات الأخيرة:

اولا: ضعف الاهتمام الكمي بتغطية قضايا الشباب التي لم تتجاوز 3% في أحسن الأحوال من مجمل المحتوى الانتخابي رغم حجم الشباب من إجمالي مجتمع الناخبين، وهو ما أشارت إليه بعض التغطيات مثل نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز عالم الآراء لاستطلاعات الرأي، بالتعاون مع مركز "الأمة للدراسات" على عينة من الشباب مكونة من 300 بين 18-35 عاماً، وأشار إلى أن حوالي ثلثي الشباب الأردني يرون أن الانتخابات النيابية المرتقبة "مهمة" بنسبة بلغت (57.7 %)، فيما أعتبر (37.3 %) من المستطلعة آراؤهم أنها "حدث غير مهم"، فيما أكد (47.6 %) من العينة المستطلعة أنهم سيشاركون بالانتخابات، وأن نصف الشباب لا يثق بضمان نزاهة الانتخابات.

ثانيا: المبالغة وغياب التقديرات الموضوعية في تغطية شؤون الشباب: بعض المواد الإخبارية حملت في طياتها توقعات مبالغا بها، حول مشاركة الشباب في الانتخابات دون استحضار  نسب المشاركة في الانتخابات السابقة من أجل ان تكون التوقعات منطقية، ولا تتسبب بخداع المتابع. فقد نشر تحت عنوان "مليونا شاب يشاركون في الانتخابات النيابية" ما يلي: يستعد نحو مليوني شاب وشابة للمشاركة، معتبرين المشاركة في الانتخابات النيابية واجباً وطنياً وتتيح لهم المشاركة في صنع القرار ووضع الخطط التنموية لمستقبلهم. وهذه المادة أعيد نشرها بكامل تفاصيلها تحت عنوان "أعداد الشباب المشاركين في الانتخابات النيابية.. تفاصيل"

ومن أبرز الأخبار التي حثت الشباب على المشاركة بالانتخابات كان تحت عدد من العناوين ومنها:

"شغف" مبادرة أردنية لتوعية الشباب في الانتخابات

الشباب.. رهان التغيير في الانتخابات البرلمانية المقبلة

لقاء لحث الشباب على الانتخابات في "ثقافة جرش"

مؤتة .. الصرايرة مشاركة الشباب في الانتخابات وسيلة للتعبير عن تطلعاتهم

السرحان: مستمرون في تحفيز الشباب للمشاركة في الانتخابات

وريكات يدعو الشباب لممارسة حقهم الانتخابي

انطلاق معسكر "تعزيز مشاركة الشابات في الانتخابات النيابية 2016"

"البديل" و"التنمية السياسية" يعقدان ورشة حول الانتخابات في الحصن

قادة الغد تنظم نشاطا لتشجيع الشباب على المشاركة في الانتخابات

فيديو يخاطب الشباب الأردنيين حول الانتخابات النيابية

الشباب.. رهان التغيير في الانتخابات البرلمانية المقبلة

(نائب البرلمان) مبادرة لتشجيع الشباب على المشاركة بالانتخابات

دعوات للشباب للانخراط بالعملية الانتخابية

ثالثا: ضعف التغطيات المعمقة حول حضور الشباب في البرامج والشعارات الانتخابية: لم تلتفت التغطية الإعلامية كثيرا لضعف حضور الشباب في البرامج والشعارات الانتخابية، فيما نشرت وسائل الإعلام مواد محدودة في هذا المجال؛ ومن الأمثلة على ذلك:

المفرق: شباب يأملون ببرامج عملية تسهم في حل مشكلتي الفقر والبطالة

عجلون: الفقر والشباب والمستقبل تتصدر الدعاية الانتخابية

رابعا: تواضع حضور الشباب في صناعة المحتوى الإعلامي: سواء كمصادر للمعلومات أو الآراء، أو كمعدين ومذيعين للبرامج التلفزيونية والاذاعية الانتخابية أو مشاركين في البرامج والحوارات التي تناولت قضايا انتخابية، وهذا يعني أنه لا يكفي أن تتحدث عن قضايا الشباب والانتخابات على وسائل الإعلام بل المطلوب أن يشارك الشباب في إنتاج هذا المحتوى.

خامسا: الاهتمام بالمبادرات الشبابية: اهتمت وسائل الإعلام بمراقبة الانتخابات، ودور المتطوعين الشباب في العملية الانتخابية، وأبرزت الصحافة والمواقع الإخبارية الجانب الإيجابي في مبادرات الشباب واهتمامهم بالمسؤولية الإجتماعية تحت عدد من العناوين:

تدريب 1000 شاب وشابة في المفرق كمتطوعين في الانتخابات

مشاركة 235 متطوعا ومتطوعة في الانتخابات من شباب كلنا الاردن

3200 شاب وفتاة لمتابعة الانتخابات

10 آلاف شاب وشابة يتطوعون لتسهيل مجريات العملية الانتخابية

من جهة أخرى حاول عدد من المترشحين إبراز دعم الشباب لهم، وظهرت مبادرات شبابية لدعم مرشحين، أحيانا على مستوى ضيق وفي أوقات أخرى على مساحات جغرافية وقوائم انتخابية أكثر اتساعا ومنها:

مبادرات شبابية تستعد للإعلان عن اجماعها ودعمها "للعمري" خلال الساعات المقبلة

توجه شبابي لدعم مرشح الشباب المهندس بشار زريقات

مهرجان شبابي حاشد لشباب منطقة خيط اللبن لدعم قائمة خيط الذهب النيابية

"قادر" يعلن عن دعمه للقوائم الانتخابية التي تلبي تطلعات وطموح الشباب

فيما برز دور الشباب بعد انتهاء الانتخابات في بعض الأخبار، والثناء على دورهم ومن تلك الأخبار:

معتز أبو رمان يهدي فوزه بمقعد البلقاء الأول إلى الشباب كما تم نشر خبر حول الشابة "زينب الزبيد أصغر نائب تتصدى لملف التعليم في البادية الشمالية"

سياسيا كان من أبرز مطالب الشباب في المواد الإعلامية، زيادة مشاركة الشباب في الانتخابات والتي من وجهة نظرهم هي: كوتا شبابية، خفض سن الترشح، نزاهة الانتخابات، تمكين الشباب، زيادة التوعية السياسية للشباب، مخاطبة الشباب من غير وسطاء، الاهتمام بمشاكلهم وأوضاعهم المعيشية، وتضمين المقررات الدراسية المدرسية والجامعية مواد عن المشاركة السياسية للشباب.

ومن خلال المواد المنشورة حول الشباب يمكن الملاحظة أن التغطيات الإعلامية لقضايا وأخبار الشباب ابتعدت عن الممارسات المهنية السلبية البارزة، وقدمت وسائل الإعلام معلومات مهمة وشاملة حول العملية الانتخابية.

كما يلاحظ أن حجم وعدد المواد المنشورة حول الشباب لا يتناسب مع حجم القوة والكتلة الانتخابية للشباب، ودورهم الحاسم في الانتخابات. كما ان أغلب المواد المنشورة كانت تشير إلى انحياز وسائل الإعلام لدعم تشجيع الشباب على المشاركة في الانتخابات باعتبارها واجبا وطنيا -وفق هذه الوسائل- ولكن بدون عمق في بناء فرضيات تربط بين الصالح العام والمشاركة الشبابية حيث بقيت قضايا الشباب على السطح.