القذائف السورية على الرمثا.. تضارب في الأرقام وتصريحات لغير المختصين

القذائف السورية على الرمثا.. تضارب في الأرقام وتصريحات لغير المختصين

  • 2016-02-13
  • 12

تتداول وسائل الإعلام، منذ ثلاثة أيام، أخبار القذائف، التي سقطت يومي الجمعة والسبت 12 و13 شباط (فبراير) على منازل مواطنين في مدينة الرمثا الحدودية، قادمة من الجانب السوري. ورغم أن الأمر يتعلق بواقعة أمنية، على درجة عالية من الخطورة، يُتوقّع فيها من الإعلام أن يلتزم أعلى درجات الحذر في التثبّت من دقة ما يبثه من معلومات، إلا أن تتبع التغطية الإعلامية لها يكشف "فوضى" في تداول المعلومات، لا تتناسب البتة مع الحساسية الأمنية للحدث. إذ نجد أن وسائل الإعلام قد اختلفت، بدرجة كبيرة، على معلومة أساسية، هي عدد القذائف الساقطة على المدينة، كما ضمّنت تغطياتها العديد من المعلومات التي تتطلب خبرة عسكرية، لكنها كانت في هذه التغطيات، منسوبة إلى مواطنين عاديين.

القذائف الأولى كانت قد سقطت، بحسب وسائل الإعلام، فجر الجمعة، عندما بدأ التضارب في المعلومات، فقد نشرت صحيفة "الرأي"، إضافة إلى مواقع إلكترونية، يوم الجمعة، خبرا ذكرت فيه أن قذيفة" سقطت على منزل مواطن في المدينة، و"استقرت" في جدار مطبخ منزله، من دون أن تنفجر، أو تخلّف إصابات. وقد التزمت "الدستور" هذه الرواية في خبر نشرته يوم السبت على نسختها الورقية.

أما "السبيل"، فقد نشرت يوم السبت تقريرا أشارت فيه إلى "سقوط قذيفتين على الأقل على منزلين" يوم الجمعة. والمفارقة هنا، هي أن التقرير الذي أشار إلى أن القذيفتين سقطتا "يوم أمس"، أُعيد نشره على النسخة الورقية يوم الأحد، من دون تغيير الـ"يوم أمس"، وهذا يعني أن سقوط القذيفتين، كان بحسب الموقع الإلكتروني، يوم الجمعة، أما بحسب النسخة الورقية، فقد كان يوم السبت.

"الغد"، من جهتها، مع مواقع إلكترونية أخرى، نشرت أن "قذائف سقطت داخل منازل في الرمثا"، من دون أن تحدد عددها، مضيفة انها أدت إلى "وقوع أضرار مادية بالمنازل دون وقوع إصابات بشرية".

هذا التضارب، استمر مع الدفعة الثانية من القذائف، التي سقطت يوم السبت، فقد خرجت وسائل الإعلام،هنا أيضا، بأرقام متضاربة.فالـ"الغد" ومواقع إلكترونية، نشرت اليوم الأحد، أن "3 قذائف [سقطت] على منزلين"، في حين ذكرت "السبيل" في خبر نشرته أمس السبت، على موقعها الإلكتروني، نقلا عن "بترا"، أن "5 قذائف سقطت في الرمثا من الجانب السوري السبت". أما "الدستور"، فقد أشارت في خبر، نشرته اليوم الأحد، إلى "سقوط 6 قذائف على منازل في الرمثا".

وإمعانا في التضارب، ذكر موقع "جراءة نيوز" اليوم، أن عدد القذائف التي سقطت "منذ ليل أمس" هو "8 قذائف"، لكن الواضح أن الأمر يتعلق بخطأ مشابه، للخطأ الذي سبقت الإشارة إليه في خبر "السبيل، فهذا الخبر تداولته عدة مواقع إلكترونية أمس، وهذا يعني أن المقصود بـ"ليل أمس" في تلك الأخبار كان الجمعة، لكن نسخ الخبر حرفيا، من دون تغيير هذه العبارة، حوّل هذا في خبر "جراءة نيوز" إلى السبت.

والمفارقة هي أن مصدر هذه المعلومة المتعلقة بكون عدد القذائف "8"، التي تداولتها مواقع إلكترونية بوصفها حقيقة، هو، بحسب ما ذكر موقع "البوصلة" "مواطن" يقيم في الرمثا، كان نشرها على صفحة "الرمثا" على "فيسبوك". وهذا يقود إلى اختلال آخر في التغطية، هو المعلومات التي نُسبت في هذه التغطيات إلى مصادر غير مختصة. ففي ما يتعلق بعدد القذائف، يمكن لشخص غير مختص، كان شاهد عيان، أن يصرّح بعدد ما سمعه هو من قذائف، لكن لوحظ أن العديد من التغطيات، كانت تعتمد الأرقام التي يدلي بها مواطنون، وتقدّمها في هذه التغطية بوصفها عدد القذائف التي سقطت على المدينة، وهي معلومة لا يمكن قبولها إلا من مصدر أمني مختصّ.

وقد لوحظ، في السياق نفسه، أن تصريحات تحتاج إلى خبرة عسكرية، نُسبت ببساطة إلى مواطنين عاديين. من ذلك ما ورد في وسائل إعلام عن أن "الانفجارات تصدر عن قذائف طائرات حربية ومروحية- هليوكبتر ومدفعية دبابات". ومثل ذلك الحسم بأن مصدر القذائف هو "الاشتباكات بين الجيشين السوريين النظامي والحرّ"، والحسم أيضا بأنها "قذائف نظام الأسد"، وجميعها كانت إفادات منسوبة إلى مواطنين عاديين، لكن التغطيات عرضتها بوصفها حقائق.

كما هو واضح، فقد أخلّ جزء من التغطية الإعلامية لهذه الواقعة بمعيار "الدقة"، إذ أن التضارب في تحديد عدد القذائف التي سقطت على مدينة الرمثا، يعني أن بعض هذه الوسائل قدّم للجمهور معلومات خاطئة. يُضاف إلى ذلك نسبة المعلومات إلى مصادر غير مختصة، ما يخلّ بالمعيار ذاته.