"بسطة شادي".. مثال على قوة الإعلام الاجتماعي في مجالات أخرى

"بسطة شادي".. مثال على قوة الإعلام الاجتماعي في مجالات أخرى

  • 2016-10-17
  • 12

أكيد – آية الخوالدة

"بسطة شادي".. التواصل الاجتماعي يقول كلمته. فبعد قيام بلدية اربد بإزالة بسطة الكتب التي يملكها الشاب الأردني شادي أبو ناصر من أمام البوابة الشمالية لجامعة اليرموك، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر" مطالبات بإعادتها، وتبنتها المواقع الإلكترونية، لحين عودتها مجددا. وعلى الرغم من الاختلاف والاتفاق حول الحادثة وردود الافعال حولها إلا أنها تقدم مثالا مختلفا عما يمكن أن تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي.

انتشر هاشتاغ #رجعوا_بسطة_شادي بشكل كبير بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا بسطة شادي أحد أهم معالم المدينة التي تشير إلى وجود جامعة في وسط المطاعم والكافيهات، وقال مهتمون أن البسطة مشروع ثقافي افتتح منذ تسعة أعوام ويتردد أنه شارك فيما يقارب الـ 60 معرضا للكتاب، وفق ما ذكرته التعليقات.   

الهاشتاغ الذي حصل على الترتيب الأعلى تغريدا بعد نشره بساعات، لاقى اهتماما واسعا من قبل المواقع الالكترونية التي تناولت تغريدات رواد المواقع بالإضافة إلى الاستفسار عن موقف بلدية اربد وتفسيرها لقرار الإزالة.

ومن بين التغريدات نذكر:

- كتبت أحلام الزعبي عبر "تويتر": "بسطة الثقافة في إربد "بسطة شادي" كان أحد ضيوف أحد البرامج الوثائقية على قناة الجزيرة كونه معنياً بالثقافة والمثقفين".

- وكتب مصطفى: "عطوفة رئيس بلدية اربد الكبرى، أليس أجدر بك انك تحارب بسطات الاسلحة البيضاء بدل بسطات الكتب؟".

- أما محمد الخمايسة فكتب على موقع "الفيسبوك": "#بسطة_شادي للكتب على البوابة الشمالية لجامعة اليرموك؛ هي الوحيدة التي من الممكن أن تُدلّل على وجود جامعة في تلك المنطقة.

وفيما يخص موقف بلدية أربد، قدمت روايتان، الأولى تحدثت عن إزالة البسطة كونها غير مرخصة، وأنها تلقت العديد من الشكاوى حول عدم مراعاة النظافة في المكان، والثانية صرحت البلدية بها بعد إعادة البسطة وتقول إن الحادثة فُهمت بطريق خطأ فالشاب الذي يبيع الكتب لم يكن معنيا ولا مقصودا بما قامت به البلدية من إزالات للبسطات والأكشاك غير المرخصة في المنطقة، وإنما طلب منه إزالة البسطة مؤقتاً بسبب أعمال الصيانة التي تقوم بها البلدية للمقاعد والمظلات المتواجدة على الرصيف والتي تهدف لخدمة المارة والطلاب في الموقع الملاصق لجامعة اليرموك.

ولاحظ مرصد "أكيد" من المواد الإخبارية التي نشرت في المواقع الالكترونية، أن معظمها رصد ما تناولته مواقع التواصل الاجتماعي من معلومات عن البسطة وصاحبها، فيما اعتمدت مواقع أخرى على مصادر خاصة بها وحاورت صاحب البسطة.  

ونشرت معظم المواقع الإلكترونية التي تناولت خبر الإزالة، خبر إعادة البسطة، حيث أعادت البلدية لشادي كتبه المصادرة وسمحت له بالعودة إلى المكان الذي كان يضع بسطته فيه، عند أحد مداخل جامعة اليرموك.

بينما نشرت كل من صحيفتي الغد والرأي خبر موافقة البلدية على البدء بإجراءات منح رخصة "كشك" لشادي أبو ناصر الذي أكد أن تكاتف مختلف فئات المجتمع مع قضية إزالة بسطته ودور وسائل الإعلام المحلية والخارجية في عرض قضيته، هو الدافع الرئيس الذي أسهم في إعادة البسطة إلى مكانها بعد أيام من إزالتها. فيما اقترح رئيس البلدية حسين بني هاني تسميته بـ"كشك اربد الثقافي". وتناقلت مواقع عدة الخبر من الصحيفتين.

يقول مدير العلاقات العامة في بلدية اربد اسماعيل الحوري لـ "أكيد": إن ما صدر عن البلدية من تفسيرات فيما يخص بسطة شادي منسجم، إذ أن البلدية في العادة لا تمنح تراخيص لبسطات في مواقع استراتيجية ومهمة مثل محيط دائرة جامعة اليرموك".

وأشار الحوري إلى أن بسطة شادي كانت مفروشة على الأرض جوار إحدى المظلات المخصصة لانتظار طلاب الجامعة، وإن شادي استغلها ليعرض فيها جزءا من الكتب، مما أضر بالطلاب. وتابع حديثه "ازالت البلدية الكتب الموجودة في المظلة فقط، والتي كانت تبعد عن سور الجامعة ما يقارب المتر ونصف وأرجعت البلدية المظلة إلى الخلف وألصقتها بالسور، بينما لم يتم المساس بالبسطة الرئيسية التي تفترش الأرض".

ويرى الحوري أن الموضوع حاز اهتماما أكثر من اللازم، ولو انتظر رواد مواقع التواصل والجهات الاعلامية يومين فقط، لعادت المياه إلى مجاريها بعد إتمام صيانة المظلات المتواجدة هناك، إلا أن أغلب مستخدمي الفيس بوك وتويتر اعتمدوا في حديثهم على روايات وصلتهم من دون أن يكونوا شهود عيان".

وقرار إعادة الكتب وتحويل البسطة إلى كشك، لم يكن تحت ضغط من مواقع التواصل، بحسب الحوري.  

ويرى المدرّب الأردني في مجال الإعلام الاجتماعي خالد الأحمد في حديثه لـ "أكيد" أن مواقع التواصل الاجتماعي تمارس الضغط في قضية عامة وتفرض التغيير من خلال الإعلام في حال كانت القضية صحيحة وكان مطلبهم سهل المنال.

ويضيف الأحمد: "يراقب الإعلام ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ويرصد القضايا التي يبحث فيها وعدد المشاركين والمتابعين لها واحتمالية حدوث أية مشاكل جراء هذه القضية، وخصوصا حينما يكون الحديث عن قصة نجاح صغيرة، تلقى القصة قبولا كبيرا من العديد".

واذا طالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأمر صعب المنال ولا يصب في مصلحة العموم، فلن يجدوا تجاوبا جماهيريا ما عدا من أصحاب المصالح، فالجمهور لن يتعاطف مع القضايا المتطرفة ومعظم هذه الحملات الافتراضية تختفي لوحدها بعد فترة.

ويلعب الاعلام المجتمعي اليوم دورا كبيرا في التغيير، حيث انتقل دوره من متلقي للمعلومة إلى صانع لها، وأوضح الأحمد: "يتم دراسة ورصد كلمات مفتاحية معينة من أجل استنتاج أنماط لسلوكيات معينة، والتطبيقات الجديدة جميعها تشترط رصد سلوكيات مستخدمها من خلال شروط نقرأها ولا يقرأها البعض الاخر. وهذه السلوكيات تقدم الكثير من المعلومات عن المستخدم وطريقة حياته وتحدد مشاعره وأراءه تجاه العديد من القضايا، لذلك يمكن القول ان هذه التطبيقات ومواقع الاعلام المجتمع تستطيع ان تعكس الرأي العام وتعبر عنه".