في 12 تموز الجاري نُشر تقرير مصور عن لقاء وزيرة التنمية الاجتماعية خولة العرموطي مع المراجعين من طالبي المعونة والمحتاجين مرفق بـ 8 صور يظهر فيها المراجعون في وضع تنتهك فيه خصوصياتهم، وتظهرهم في حالة ضعف انساني، وهو ما يخالف معايير المهنية الإعلامية. ومن الواضح أن الصور التقطت بعلم الوزيرة التي ظهرت في أغلب الصور، فضلاً عن أن مكان التقاط الصور محدود بمكتب وعدد من المقاعد.
المفارقة أن التقرير يقول إن الوزيرة: "احترمت خصوصية المواطنين... وأن المقابلات تجرى فرادى مع الوزيرة وكادرها الفني في مكتب خاص يراعي حاجات الناس وخصوصية مشكلاتهم". لكن الوزيرة سمحت بتصويرهم أمامها وهم يعرضون شكواهم! ثم سمحت بنشر هذه الصور، بل إن الوزارة نشرت المادة على موقعها الرسمي بالمحتوى ذاته باستثناء تقليص عدد الصور، كما نشرته على صفحتها الرسمية على الفيسبوك مع روابطه، مثلما نقلته مواقع أخرى.
يبدأ التقرير بعبارة: "بكى مسن قادم من معان، واخر من ذوي الاعاقة جاء من حي التركمان من اربد حين اوعزت وزيرة التنمية الاجتماعية خولة العرموطي مساعدتهما ، فيما لم تقارق الدموع عيني شابة قادمة من مادبا".
ليس هذا التقرير هو المثال الوحيد على التجاوزات المهنية، فقد نشرت مادة أخرى في قرية القويرة لسيدة في وضع بائس والتقطت لها صور وهي تمد يدها للوزيرة وسط قاذورات منزلها، كما نشرت مادة تحتوي على صور واسم لمسن وهو مسجى عاجزا على سرير مكشوف الوجه مع خبر عن قيام الوزيرة بزيارته، بل إن صفحة وزارة التنمية الاجتماعية أعادت نشر المادة مع تعليق من الصفحة يصف الوزيرة بأنها "وزيرة الانسانية"، كما نشرت مادة ذات صلة بعنوان على شكل سؤال يقول: الآن ....الى أين تتجه وزيرة الانسانية "خولة العرموطي " في يوم إجازتها !!! وتجيب: إنها تتجه إلى دار المسنين لزيارة المسن "فلان".
في الواقع إن الوزيرة قبل تسلمها منصبها الرسمي، كانت نشاطاتها "الخيرية" تغطى بهذه الطريقة، غير أن التجاوزات المهنية حينها كانت مسؤولية وسائل الإعلام التي غطت العديد من القصص وعرضت صورا تنتهك خصوصيات الفقراء والفئات المهمشة، وتظهرهم في حالة ضعف انساني، ومنها مادة نشرت بلا أي نص ولكنها احتوت على 73 صورة تحت عنوان يقول أن السيدة العرموطي "تولم لأيتام حي نزال"، وقد ظهرت صور لأطفال وأسر في وضع يظهر ضعفهم.
كما نشرت مادة أخرى عرضت صورة لطفل محتاج برفقة السيدة العرموطي، كما نشرت مادة من الطفيلة والتقطت صور لها وهي توزع المعونات على المحتاجين في تلك المدينة، وقد نالت في عديد من المواد ألقاباً مثل: أم الفقراء ولقب قديسة الأردنيين ولقب صاحبة الأيادي البيضاء ولقب أم الخير وغيرها.
وكما أشير سابقاً، فإن مسؤولية التجاوزات المهنية الخاصة بتغطيات نشاطات السيدة العرموطي قبل تولي منصب الوزارة تقع على عاتق وسائل الإعلام التي تجري التغطيات، لكن مواصلة ذلك ينقل التجاوزات إلى مستوى جديد من حيث توزيع المسؤولية.
يود مرصد "أكيد" التذكير بنصوص قانون المطبوعات والنشر الذي يؤكد على “احترام الحريات العامة للآخرين وحفظ حقوقهم وعدم المس بحرمة حياتهم الخاصة“. وهي حرمة تشمل من هم في ولاية أولياء أمورهم، مثل الأطفال والمعاقين.
كما ينص ميثاق الشرف الصحفي الأردني على أنه "يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة".
فيما يلتزم الصحافيون طبقا للمادة 14 من الميثاق "بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الأساسية المتمثلة بالرعاية والحماية، ويراعون عدم مقابلة الاطفال أو التقاط صور لهم دون موافقة أولياء أمورهم أو المسؤولين عنهم، كما لا يجوز نشر ما يسيء اليهم أو لعائلاتهم، خصوصا في حالات الاساءة الجنسية سواء كانوا ضحايا أو شهود".
وبالعودة الى المبادئ الاخلاقية المحلية والمتبعة في العالم تضع منظمة اليونسف مجموعة لمبادئ الأخلاقية المتَّبعة في إعداد التقارير الإعلامية حول الأطفال أهمها احترام كرامة جميع الأطفال في جميع الظروف، وعند مقابلة الأطفال أو إعداد التقارير عنهم، ينبغي إيلاء اهتمام خاص بحق جميع الأطفال في الخصوصية الشخصية والسرِّية.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني