لا يتناسب الاهتمام الإعلامي بقضية عمالة الأطفال في الأردن، مع حجم المشكلة التي أصبحت أقرب إلى الظاهرة، فقد أشارت مواد منشورة في الصحافة المحلية إلى أن حجم عمالة الأطفال في الأردن وصل إلى 100 ألف طفل بعد أن كان يقدر بـ33 ألف طفل قبل أربعة أعوام، وهو ما يعني ان حجم هذه الظاهرة ارتفع بنسبة 300% خلال هذه الفترة.

وينطبق مفهوم عمالة الأطفال على فئتين، الاولى تتمثل في الأطفال دون سن 16 عاما، ويحظر تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، والشريحة الثانية تتمثل في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين (16-18) عاماً، يسمح بتشغيلهم في مهن غير خطرة وغير مضرة بالصحة.

و كشفت دراسة متخصصة اصدرها مركز تمكين للدعم والمساندة أن غالبية الأطفال العاملين الذين تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة، يعملون بظروف عمل غير قانونية، ويغيب عنها العمل اللائق، مع وجود أطفال تتراوح أعمارهم بين 5-15 عاماً بكثرة في سوق العمل يواجهون ظروف عمل سيئة، وأن غالبيتهم لا يتقاضون أجراً عادلا، ويدفع لهم أقل من الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى عملهم لساعات طويلة دون تعويضهم عن ذلك.

اتساع حجم الظاهرة، وارتفاع عدد الأطفال الملتحقين بسوق العمل، لا سيما في أوساط اللاجئين، لم يرافقه اهتمام إعلامي كمي ونوعي مناسب.

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصد ما نشرته أربع صحف يومية (الرأي، الدستور، الغد، السبيل) خلال عام كامل حول عمالة الأطفال في الفترة بين 27 حزيران (يونيو) 2015 إلى 27 حزيران يونيو 2016، حول عمالة الأطفال في الاردن.

واعتمد الرصد على البحث المتقدم عبر محرك جوجل باستخدام الكلمة الدالة (عمالة الأطفال)، وأبرزت النتائج أن الصحف الأربع نشرت 50 مادة صحفية حول الظاهرة خلال فترة الرصد، أي بمعدل مادة صحفية واحدة شهريا في كل صحيفة، وهو مؤشر يكشف عن ضعف تغطية هذا الموضوع.

الجدول رقم (1) عدد المواد الصحفية

• لم يكشف الرصد عن تباين ملحوظ بين الصحف الأربع في عدد المواد المنشورة، فقد بلغت النسبة في صحيفة الرأي 28% من مجمل المواد المنشورة، ثم الغد بنسبة 26%، فالدستور بنسبة 24%، والسبيل بنسبة 22%.

الجدول رقم (2) فئة الهوية الجغرافية

* تناولت 86% من المواد المنشورة موضوع عمالة الأطفال كقضية عامة "خبراء: وجود 100 ألف طفل يعملون في الأسواق أمر خطير يستحق الوقوف أمامه"، اللجوء السوري وتسرب الأطفال أعاد الأردن إلى خريطة عمالة الأطفال، فيما تم التركيز على خصوصيتها في المحافظات بنسبة 14%، ومن ذلك نقرأ العناوين التالية: "9 آلاف طفل عامل في إربد منهم 6 آلاف لاجئ سوري"، "الغور الجنوبي: أطفال سوريون يجهدون بالعمل بأجور متدنية"، "أطفال البترا لا يجيدون العربية ويتحدثون عدة لغات أجنبية" يتحدث عن تسرب الاطفال من المدارس واستبدالهم التعليم بالعمل في القطاع السياحي.

* اللجوء السوري، وكثافة عدد اللاجئين في الشمال، وارتباط ذلك بعمالة الأطفال "9 آلاف طفل عامل في إربد منهم 6 آلاف لاجئ سوري" لم ينعكس على  التغطية الصحفية لإخبار محافظات الشمال بشكل عام الا بعدد محدود من الأخبار والتقارير.

*  نشرت الصحف 7 مواد اعلامية حول عمالة الأطفال السوريين أي ما نسبته 14% من مجمل المواد المنشورة، وبعناوين: " الغور الجنوبي: أطفال سوريون يجهدون بالعمل بأجور متدنية"، نصف أطفال اللاجئين السوريين في الأردن يعيلون أسرهم، واللجوء السوري وتسرب الأطفال أعادا الأردن إلى خريطة عمالة الأطفال، اللاجئون السوريون أبرز أسباب ازدياد عمالة الأطفال،9 آلاف طفل عامل في إربد منهم 6 آلاف لاجئ سوري، منظمة كير تحذر من استغلال الأطفال اللاجئين، تـقـريـر دولـي: 60 ألـف طفــل سوري لاجئ يعملون في الأردن.

الجدول رقم (3) نوع المصادر في المادة المنشورة

*اظهر الرصد ان أغلب المواد الصحفية كانت منسوبة إلى مصادر معرفة وذلك بنسبة 92% من مجمل المواد المنشورة، مقابل 8% كانت من دون مصادر وتركزت في فئة المقالات الصحفية.

الجدول رقم (4) فئة الفاعلين

* تحتل مؤسسات المجتمع المدني مكانة مميزة في فئة الفاعلين بخصوص عمالة الأطفال وبنسبة 32%، وتشكل مصدراً مهما للمعلومات والأخبار والانشطة المتعلقة بمواجهة هذه الظاهرة.

* صحيفة "السبيل" كانت الأكثر اعتماداً على مؤسسات المجتمع المدني وبنسبة 45% ثم الغد 38%، ثم الرأي 28% واخيرا الدستور.

* الحكومة احتلت مكانة موازية لمؤسسات المجتمع المدني في فئة الفاعلين بنسبة 32%.

* احتلت الحكومة المرتبة الأولى في فئة الفاعلين في المواد المنشورة في صحيفة الدستور وبنسبة 50%، ثم الرأي 43%، والغد 32% والسبيل 9%.

* شكلت فئات الفاعلين "الأخرى"، كالجهات الخارجية، واللاجئين، والمواطنين، والخبراء والمختصين  38% من فئة الفاعلين بالنسبة لمجمل المواد المنشورة خلال فترة المسح.

الجدول رقم (5) القالب الصحفي

* شكلت الاخبار 60% من المواد المنشورة في الصحف، وكانت أغلب الأخبار من متوسطة إلى طويلة وفي المعدل لا تقل عدد كلمات الخبر عن 500 كلمة.

* أظهر الرصد أن التقارير شكلت 28% من المواد المنشورة حول عمالة الأطفال وهي نسبة جيدة مقارنة مع موضوعات أخرى تسيطر على اهتمامات الصحافة المحلية.

* المقالات شكلت 12% من المواد المنشورة خلال فترة المسح، وهذا يشير إلى وجود اهتمام نسبي من قبل كتاب الرأي بموضوع عمالة الأطفال.

* شكلت التقارير الصحفية ما نسبته حوالي 38% من المواد المنشورة في كل من "الرأي" و"الغد"، فيما شكلت المواد الإخبارية 75% من المواد المنشورة في الدستور، وهي النسبة الأعلى بين الصحف الأخرى، تلتها السبيل بنسبة 72%، ثم الرأي بنسبة 63% واخيرا الغد بنسبة 30%.

الجدول رقم (6) وظيفة المحتوى الإخباري

* كشف الرصد أن 40% من المواد المنشورة حول عمالة الأطفال تجاوزت هدف الإخبار ونقل المعلومة المجردة، إلى تقديم معلومات وتفاصيل إضافية حول الجوانب المتعلقة بالموضوع.

إن الاهتمام بظاهرة عمالة الاطفال يشكل أحد المهمات الإنسانية الهامة التي يقوم بها الإعلام في حماية المجتمع وأفراده من الوقوع ضحية للاستغلال، وينص ميثاق الشرف الصحفي  في المادة 14 منه على التزام الصحفيين بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الأساسية المتمثلة بالرعاية والحماية.

وتضع منظمة اليونسف مجموعة من المبادئ التي يجب مراعاتها في إعداد التقارير الإعلامية عن الأطفال، أهمها احترام كرامة جميع الأطفال في جميع الظروف.

وتؤكد توجيهات المنظمة الأممية على أنه ينبغي حماية المصالح الفضلى لجميع الأطفال وإعطاؤها الأولوية على أي اعتبار آخر، بما فيها اعتبارات كسب الدعم والتأييد لقضايا الأطفال وتعزيز حقوقهم، وعند محاولة تقرير المصالح الفضلى للطفل، ينبغي إعطاء حق الطفل في أَخذ وجهات نظره بعين الاعتبار، ما يستحقه من الاهتمام الواجب وفقاً لعمره ومستوى نضجه.