أكيد – دلال سلامة
غطّت الصحف الخمس خبر أعمال شغب وقعت في مركز أسامة بن زيد للأحداث، في الرصيفة، ثلاث من هذه الصحف، هي "الرأي" و"السبيل" و"العرب اليوم"[1]، اكتفت بالمعلومات الواردة في بيان وزارة التنمية الاجتماعية، ومفادها أن مشاجرة وقعت بين نزلاء الدار، تدخّل في فضها رجال الأمن، وأن الحالة الصحية للنزلاء ورجال الأمن جيدة. مضيفة أن الوزارة شكّلت لجنة تحقيق في الحادثة، ستعلن نتائجها حين ظهورها. وكما هو واضح، فإن الأخبار المستندة إلى البيان الرسمي، لم تقدم إلا عناوين عريضة للحدث.
صحيفتان فقط، هما "الدستور" و"الغد"[2]، ضمّنتا خبريهما معلومات غير تلك الواردة في البيان، لكنها كانت معلومات متضاربة، والمفارقة أن كلتاهما نسبتا هذه المعلومات إلى مصدر في وزارة التنمية، فقد ذكرت "الدستور" على لسان "مصدر مطلع في وزارة التنمية" أن سبب المشاجرة هو إدخال "أحد النزلاء" مشروبات روحية، وأن عددا من النزلاء تعاطوا الكحول، وتسببوا في إزعاج البقية، ما اضطر موظفي المركز إلى طلب رجال الأمن.
وقد أشارت "الغد" إلى قصة إدخال الكحول إلى المركز، ولكن، وفق خبرها، فإن من أدخلها وقدمها للأحداث كان "أحد مشرفي المركز"، وقد أشارت الصحيفة إلى هذه الحادثة بوصفها "إشاعة"، فقد نسبت إلى مصدر في وزارة التنمية قوله، إن هذه "الإشاعة" كان هدفها "تشتيت مجرى التحقيق". أما السبب الحقيقي لأعمال الشغب، فإنه كما نقلته الصحيفة عن "شهود عيان"، هو احتجاج أحداث من أبناء مدينة معان، على احتجازهم في مركز بعيد عن أماكن سكنى ذويهم، ووفق شهود العيان، فإن هؤلاء الأحداث، كانوا قبل أسبوعين قد أضربوا عن الطعام، احتجاجا على ذلك، ولكنهم علقوا الإضراب، بعد "الاتفاق مع إدارة المركز، لكن الأمور عادت إلى التأزم ظهر أول من أمس، إلى أن وصلت ذروتها فجر أمس، بتكسير ممتلكات المركز". والمعلومة السابقة ينقصها ركن أساسي، كان ضروريا لفهم سياق الحدث، هو فحوى الاتفاق الذي تمّ بين الأحداث، وإدارة المركز، وعلى أساسه علقوا إضرابهم، وإن كانت سبب أعمال الشغب، هو خرق الإدارة لهذا الاتفاق.
الصحيفتان، كما ذُكر نسبتا معلومتين متضاربتين، إلى مصدرين، عُرّف كلاهما بأنه من وزارة التنمية، ولم تقدم أيّ من الصحيفتين، معلومات عن هذين المصدرين، يقرّب هويتهما للقارئ، ويجعله يحكم على مدى اطلاعهما، كي يحكم بالتالي على أهليتهما للإدلاء بما أدليا به من معلومات.
في السياق نفسه، فإنه باستثناء "الغد"، فإن الصحف الأربعة الباقية، اقتصرت على وزارة التنمية، مصدرا وحيدا للمعلومات، في حين استعانت "الغد" بمصدر آخر، هو "شهود عيان"، ولكن هناك تساؤلات حول هذا المصدر، فقد نُسبت إليه المعلومات المتعلقة بإضراب نزلاء المركز من أبناء معان، قبل أسبوعين، وتعليقهم الإضراب بعد توصلهم إلى اتفاق مع إدارة المركز، ثم تأزم الأمور، قبل يوم من الحادثة، ثم وصول الأزمة إلى ذروتها فجر يوم الحادثة، وتحوّلها إلى أعمال شغب وتكسير لممتلكات المركز. فالخبر، لم يقدّم أي معلومات عن شهود العيان هؤلاء، تفسّر للقارئ آلية وصولهم إلى هذا النوع من المعلومات الدقيقة الداخلية، التي لا يمكن "مشاهدتها" من مراقب خارجي. وكان ضروريا، بالتالي، تزويد القارئ بمعلومات تقرّب هوية شهود العيان، وتقدم تفسيرا منطقيا لكيفية وصولهم إلى معلومات داخلية كهذه، فذلك كان سيعزز مصداقية المعلومات التي نُسبت إليهم، والذي كان سيعزز بدوره، مصداقية نفي رواية المصدر الوزاري الآخر في خبر "الدستور"، الذي ذكر أن أحد مشرفي المركز، أدخل مشروبات كحولية إلى الأحداث.
إضافة إلى ما سبق، أهملت الصحف جميعها الاستعانة بمصدر أساسي في هذه الحادثة، وهو جهاز الأمن العام، الذي استُدعي أفراده لفض الشغب، والذي تضمنت الأخبار تأكيدات بأن الحالة الصحية لأفراده "جيدة"، بما يوحي بعنف الأحداث، ورغم ذلك، لم تُسمع روايته.
[1] "تشكيل لجنة تحقيق بمشاجرة أحداث مركز أسامة"، "العرب اليوم"، 29/9/2014، غير منشور على الموقع الإلكتروني.
[2] "الرصيفة للأحداث": فوضى وشغب وتكسير .. و"الأمن" يستخدم القوة للسيطرة على الوضع، "الغد"، 29/9/2014، غير منشور على الموقع الإلكتروني.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني