صورٌ لحفلٍ حدث في دولة عربية قبل سنوات، أرفقتها وسائل إعلام أردنية مع خبرٍ عن حفل زفاف نجل رئيس الوزراء الأسبق، نادر الذهبي. هذا الخبر، الذي يتصل بالحياة الخاصة للأسرة تصدر اهتمام الرأي العام الأردني، نتيجة تسليط الضوء عليه من الإعلام.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني " أكيد"، تلقى طلب تحقق من أحد المواطنين عن الخبر، ومن خلال عمليات التحقق التي أجراها، تبين أن الخبر انطوى على مخالفات عديدة للمعايير التي يتبعها المرصد في التحقق من المحتوى الذي تنتجه وسائل الإعلام الأردنية، وأهمها المبادئ الأخلاقية التي تنص على الابتعاد عن الإساءة للحياة الخاصة للأفراد وعدم التعرض لها.
ومن خلال المتابعة التي قام بها "أكيد"، تبين أن الخبر انطوى على معلومات عن تكاليف الحفل وتفاصيله، دون الرجوع لمصادر حقيقية، كما أن الخبر يعد من باب التعدي على الحياة الخاصة للأشخاص والأسر، حيث من المفترض أن تحرص وسائل الإعلام على صونها وحمايتها استنادا للمعايير القانونية والاخلاقية والمهنية، التي نصت عليها القوانين ومواثيق الشرف الصحفية.
إن وسائل الإعلام التي نشرت الخبر عن الحفل الذي أقامته عائلة الذهبي بتاريخ 4 حزيران2015، استندت إلى تغريدة على موقع "تويتر" نشرها الفنان راغب علامة، قال فيها "صباح الخير من الأردن عائدا إلى بيروت بعد إحيائي حفل زفاف أمجد الذهبي، نجل رئيس الوزراء الأردني السابق الصديق نادر باشا الذهبي.. ألف مبروك أمجد وفرح ".
ولم يصدر ما يشير أو يلمح إلى أن عائلة الذهبي أصدرت تصريحات أو أعلنت لوسائل الأعلام عن الحفل، ما يعني أن النشر، وإرفاق صور منشورة مسبقا في مواقع لبنانية ومصرية قبل نحو 3 سنوات، لم يكن بموافقة الأسرة، وهذا يشكل تعديا على الحرية الشخصية، ولا يحمل أية قيمة إخبارية، ويخالف ميثاق الشرف الصحفي الذي يلتزم الصحفيون "باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد، وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة".
وبدأت مواقع الكترونية، بتاريخ 10حزيران2015، بنشر فيديو التقطه أحد الحضور في الحفل، وأدرج الفيديو تحت عناوين إخبارية مثيرة، ولا تحمل قيمة اخبارية تهم الجمهور.
ووفقاً للمعايير التي يطبقها "أكيد" فإن حق المجتمع في المعرفة باعتباره حقا من حقوق الإنسان هو ما يشكل المهمة الأساسية لوسائل الإعلام، وهو الأساس المتين لعمل الصحافة ووسائل الإعلام بنقل الأخبار ذات القيمة الخبرية التي من شأنها تكريس حق المجتمع في المعرفة الحقيقية البعيدة عن نقل الأخبار ونشر الصور التي لا تحمل قيمة خبرية، مع مراعاة المعايير المهنية ومن بينها الإنصاف والنزاهة التي تعني عدم توظيف انتهاك خصوصيات الأفراد في الصراعات والتنافس السياسي .
نقيب الصحفيين طارق المومني والمستشار القانوني في النقابة المحامي محمود خليفات اتفقا على أن نشر هذا الخبر يشكل تجاوزا أخلاقيا ومهنيا، وذلك في تصريحات هاتفية لـ " أكيد". حيث قال خلفيات: إن نشر الصور على أنها مرتبطة بالحدث يقع في خانة التزوير، الذي يعني وضع مستند على أنه حقيقي، وهو مخالفة قانونية ذات طابع جزائي يترتب عليها تعويضات تنسجم مع حجم الضرر الذي وقع".
ووفق وجهة نظره فإن ما حديث أوقع "ضررا جسيما، وبالتالي فإن التعويض في هذه الحالة سيكون عاليا جدا"، في حال لجأت الأسرة إلى القضاء.
ورأى خليفات أن على وسائل الإعلام التي نشرت الصور أن تقدم اعتذارا وأن توضح حقيقة ما جرى؛ لأن المواطن حصل على معلومات مزورة ومضللة، مثلما أن الإساءة طالت الحياة الخاصة للأسرة". وبين أن جميع وسائل الإعلام التي نشرت الصور، والمعلومات المزيفة، التي لا تستند إلى مصادر واضحة، هي شريكة في الجرم حتى وإن كانت معلوماتها منقولة عن مواقع أخرى.
واعتبر نقيب الصحفيين أن هذا العمل يتنافى مع اخلاقيات المهنة، وينتهك مبدأ الخصوصية التي نصت عليها التشريعات ومدونات السلوك المهني، مبينا أن الأصل في النشر فيما يتعلق بالقضايا الخاصة هو أخذ الموافقة من القائمين على الحفل.
وقال: إن على وسائل الإعلام التي تقوم بهذا الفعل أن تمارس دورها في إطار مهني، وأن تكون واعية لآداب المهنة وأخلاقياتها، فالأصل أن الحياة الخاصة مصونة، ويتوجب توخي الدقة في النشر. وأشار إلى أن النقابة تأمل أن يتم تأسيس مجلس للشكوى، حيث قدمت تصورا بهذا الخصوص، من أجل وضع معايير وأدوات للحد من الانتهاكات التي ترتكبها بعض وسائل الإعلام، مثلما يجري العمل على تأسيس لجنة مهنية لرصد التجاوزات في وسائل الإعلام، إذ نعول أن تستطيع هذه اللجنة الحد من مثل هذه التجاوزات.
وتنص المادة (48) من القانون المدني التي اعتبرت أن الصورة من الحقوق الملازمة لشخصية الفرد على أن ” من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر”
أما قانون العقوبات الأردني فقد نصت المادة (348) على أن "يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باستراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار، وتضاعف العقوبة في حال التكرار"
في حين يؤكد قانون المطبوعات في المادة (4) على أن "تمـــارس الصـــحافة مهمتهـــا بحريـــة فـــي تقـــديم الأخبار والمعلومات والتعليقات، وتسهم في نشـر الفكـر والثقافـة والعلـوم في حـدود القـانون، وفـي إطـار الحفـاظ علـى الحريـات والحقـوق والواجبـــات العامـــة واحتـــرام حريـــة الحيـــاة الخاصـــة للأخرين وحرمتها". كما تنص المادة (7) منه على أن "آداب مهنة الصحافة ومصداقيتها ملزمة للصحفي وتشمل احتــرام الحريــات العامــة للآخرين وحفــظ حقــوقهم وعــدم المس بحرمة حياتهم الخاصة".
وتنص المادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي على أن "يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة".
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني