خبر إضراب مالكي حافلات عمومية في الكرك.. تغطية إعلامية منحازة "كمياً" للمحتجين وغير كافية لإيضاح دوافعهم

خبر إضراب مالكي حافلات عمومية في الكرك.. تغطية إعلامية منحازة "كمياً" للمحتجين وغير كافية لإيضاح دوافعهم

  • 2015-09-13
  • 12

أكيد – دلال سلامة

غطّت وسائل إعلام يوم الأحد 13 أيلول (سبتمبر) الجاري، توقّفا جزئيا عن العمل، كان نفّذه، قبلها بيوم، مالكو حافلات عمومية عاملة على خطوط النقل الداخلية والخارجية في محافظة الكرك، احتجاجا على تعليمات، أصدرتها هيئة تنظيم النقل البري، تخص تشغيل الخطوط التي يعملون عليها، وفق شروط جديدة، تنتقص حسب ما نقلت التغطيات عنهم، من حقوقهم.

ورغم أن 60% من مساحة مجمل التغطيات التي رُصدت في إطار هذا التقرير، وهي تغطيات "الرأي" و"الغد" و"الدستور" و"السبيل" و"عمون" و"بترا"، قد خُصصت لعرض رواية المحتجين، مقابل 9% فقط، خُصّصت لوجهة نظر الجهة الرسمية المسؤولة، وهي هنا وزارة النقل، وهيئة تنظيم النقل البري، اللتان تمثلان الطرف الأساسي الآخر في هذه القضية، إلا أن هذا، للمفارقة، لم يساهم في توضيح دافع الاحتجاج، ذلك أن التغطيات لم تقل بشكل محدد وواضح، ما هو التحوّل الذي حملته التعليمات الجديدة، وأثار هذه الاعتراضات.

هذا التحوّل، كما قال لـ(أكيد)، مدير مكتب أصحاب الحافلات العمومية العاملة على خطوط الكرك، سالم النوايسة،  يتلخص في أن مالكي المركبات العاملة على خطوط النقل، امتلكوا، تاريخيا حقوق ملكية لهذه الخطوط. ولم يكن حق الملكية هذا، كما يقول، محددا بفترة زمنية معينة، بل كان مفتوحا. وهذا ما غيّرته التعليمات الجديدة، التي ألزمت مالكي المركبات توقيع عقد مع هيئة النقل البري، مدته 10 سنوات. ما يضع، عمليا، سقفا زمنيا لحقهم في الاستفادة من هذه الخطوط.

إضافة إلى وضع سقف زمني، فإن التعليمات الجديدة تنص على أن مالك المركبة الذي مُنح تصريحا للعمل على خطّ معين فإنه ممنوع من "التنازل عنه [التصريح] أو تحويله للغير كليا أو جزئيا إلا بموافقة هيئة تنظيم النقل البري"، كما أنه يفقد حقه في التصريح في حالة "بيع واسطة النقل (...) أو نقل ملكيتها بأي صورة كانت أو شطبها". وهذه التعليمات تغيّر ما كان سائدا لعقود، مما يؤثر على مجمل حالة قطاع النقل.

إن التغيير الذي تسعى إليه التعليمات الجديدة، هو "مصادرة" ملكية خطوط النقل العام، التي احتفظ بها أفراد، وتداولوها بيعا وشراء طيلة عقود. وهذا ما نقلته التغطيات فعليا عن المحتجين، لكن من دون أن تشرحه.

تغطيتا "عمون" و"بترا"، وتغطية الموقع الإلكتروني لـ"السبيل"، المنقولة عن "بترا"، اقتصرت على رواية مالكي الحافلات، ولم تعرض إلا جانبهم من القصة. لكنه كان عرضا ناقصا، إذ نقلت عن المحتجين رفضهم للتعليمات، لكن من دون توضيح لسبب هذا الرفض، فنقلت "بترا" وصفهم للتعليمات الجديدة بأنها "مجحفة"، وأنها "تجبرهم على التنازل عن حقوقهم". كما نقلت اتهامهم لهذه التعليمات بأنها "تخدم شركات النقل الكبرى"، من دون أن أي توضيح لما سبق. وكان هذا متطابقا مع تغطية "عمون"، التي نقلت عن المحتجين وصفهم لشروط العقد الجديد بأنها "اتفاقية إذعان"، قالوا إن هدفها "تطفيش المالكين (...) لصالح شركات النقل الكبرى". وهنا أيضا لم يُقدّم أي تفسير.

"الدستور" اشتركت مع التغطيات السابقة في أنها، هي أيضا، نقلت الاحتجاج من دون أن توضّح أسبابه، لكنها وازنت تغطيتها بنقل تصريح لوزيرة النقل، لينا شبيب، ردّت فيه على الاحتجاج بقولها إن "خطوط النقل ملك عام"، وإن "الشروط الجديدة تأتي للحفاظ على سلامة المواطنين". وهو تصريح لم يسهم هو أيضا في توضيح الصورة، لأنه لم يشر إلى التغيير الذي جاءت به التعليمات وأثار الاحتجاج.

"الغد" قدّمت تغطية أكثر تحديدا، عندما نقلت عن أحد المتضررين إشارته أن التعليمات الجديدة، تلزم مالكي الحافلات بتوقيع عقد تشغيل مع الهيئة مدته عشر سنوات "تصبح بموجبه خطوط النقل التي اشتراها أصحابها بمبالغ مالية كبيرة ملكا للهيئة وليس لأصحاب الحافلات". لكن هذا التصريح لم يسهم في توضيح سبب الاحتجاج، لأنه لم يترافق مع أي شرح.

أما "الرأي" التي كانت الوسيلة الوحيدة التي ضمّنت تغطيتها نصوص التعليمات الجديدة، فإن هذا لم يساعد على توضيح دوافع الاحتجاج، ذلك أن التغطية، التي نقلت مثل التغطيات الأخرى عبارات الرفض للتعليمات الجديدة، من دون ان تشرح لماذا، أضافت إلى ذلك سرداً حرفياً وتفصيلياً لمختلف بنود عقد التشغيل، من دون أن تحدد أيّ هذه البنود كان موضوع خلاف، ولماذا. ومع ذلك، فقد تضمنت تغطيتها ردّا من هيئة تنظيم قطاع النقل البري، تضمن معلومات كانت جميع التغطيات الأخرى قد أغفلتها، مفادها أن اجتماعا للهيئة مع المالكين أسفر عن توافق على تعديل البند المتعلق بمدة صلاحية عقد التشغيل، وتعديل بند آخر يتعلق بإلزام المالكين تقديم كفالة بنكية في أحوال معينة.

 يتضّح مما سبق أن التغطيات السابقة أخلّت بمعيار "الوضوح"، إذ لم يكن محتواها محدداً وواضحاً في عرض المشكلة. كما أن بعضها أخلّ بمعيار "التوازن"، عندما أغفل رواية طرف أساسي في القصة.