تغطية أعداد حالات الطلاق في رمضان.. تضخيم إعلامي وأرقام بلا سياق!

تغطية أعداد حالات الطلاق في رمضان.. تضخيم إعلامي وأرقام بلا سياق!

  • 2025-03-18
  • 12

عمّان 18 آذار (أكيد)- سوسن أبو السُّندس- يتكرر كل عام في شهر رمضان الحديث عن ارتفاع حالات الطّلاق وكأنها ظاهرة حتمية مرتبطة بالصّيام والتوتر والضّغوطات الأسرية. ويلاقي هذا الاتّجاه تغطية إعلامية كبيرة لدرجة تتبع حالات الطّلاق بشكل إسبوعي، الأمر الذي يسهم في تشكيل أزمة غير موجودة، ويكرّس من الصورة النمطية في ارتباط شهر رمضان بارتفاع حالات الطّلاق.

تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطية الإعلامية المرافقة لإعلان دائرة الإفتاء العام عن إصدارها 783 فتوى طلاق في الأسبوع الأول من رمضان منها 208 حالات طلاق واقعة و575 حالة طلاق غير واقعة، حيث اتجهت بعض التّغطيات الإعلامية إلى استخدام عناوين مثيرة تركّز على تضخيم الحدث دون تقديم مقارنة واضحة مع الأشهر الأخرى. ورُصدت عناوين مثل "الأردن على عكس الشهر الفضيل!"، ما قد يعطي انطباعًا بأن هناك أزمة غير مسبوقة.[1]

فضلًا عن ذلك، لم تكن هناك دقة كافية في تقديم المعلومات، فقد خلطت بعض التقارير بين "فتاوى الطلاق"، و"حالات الطلاق الواقعة"، ما أدى إلى تضليل الجمهور حول العدد الفعلي لحالات الطلاق، حيث ذكرت بعض التقارير في عناوينها أن عدد حالات الطلاق بلغ 783 حالة، دون الإشارة إلى أن 575 من هذه الحالات لم تؤدِّ إلى طلاق رسمي، بل كانت مجرد استشارات فقهية، هذا الخلط جعل الأرقام تبدو أكثر خطورة مما هي عليه في الواقع. [2]

 افتقرت بعض التغطيات الإعلامية إلى تحليل عميق للأسباب الحقيقية للطّلاق، حيث ركّزت بعضها على تفسيرات سطحية مثل "الخلافات حول الطعام"، أو "التوتر الناتج عن الصيام"، بينما لم يُبحث في العوامل الأخرى، مثل الظّروف الاجتماعية والاقتصادية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي، والعوامل النفسية المرتبطة بالعلاقات الأسرية.[3]

هل تزداد حالات الطلاق حقيقة بشهر رمضان؟

تُظهر البيانات الرّسمية أن معدلات الطلاق خلال شهر رمضان لم تكن مرتفعة بشكل استثنائي مقارنة بباقي الأشهر، ففي رمضان 2024، جرى الإعلان عن بيانات الشهر كاملة، حيث سُجّلت 2979 فتوى طلاق، منها 736 حالة طلاق واقعة، و2243 حالة طلاق غير واقعة.[4]

وعند مقارنة هذه الأرقام بالمتوسط السنوي لحالات الطلاق في الأردن، نجد أن إجمالي حالات الطلاق المسجلة، بحسب آخر إحصائية في عام 2023، قد بلغ 25,887 حالة، أي بمعدل شهري يبلغ 2,157 حالة طلاق، وهذا يشير  إلى أن الطلاق في رمضان 2024 لم يكن أعلى من بقية أشهر السنة،  بل كان ضمن المعدلات الطبيعية إذا لم تكن أقل، ما يعزّز فكرة أن شهر رمضان لا يشهد زيادة غير طبيعية في الطلاق، وأن الصّورة التي يُروّج لها إعلاميًا مبالغ فيها.[5]

يشير (أكيد) إلى أن الطريق إلى إعلام مهني ومسؤول يبدأ بتقديم محتوى متوازن ودقيق، لا يكتفي بنقل الأرقام، بل يسعى إلى تفسيرها وتقديم صورة متكاملة للجمهور، بعيدًا عن الإثارة والمبالغة، مع ضرورة التّركيز على تقديم الحلول بدل تأجيج المخاوف، حتى يكون الإعلام أداة توعية، وليس مصدرًا للقلق غير المبرر.