خبر قصف الطيران السوري لـ"صبحا وصبحية" غير دقيق

خبر قصف الطيران السوري لـ"صبحا وصبحية" غير دقيق

  • 2014-08-18
  • 12

الشيخ زايد العون أحد سكان صبحا وصبحية يدلي لمندوب أكيد بإفادته عن الحادثة

"أكيد"- صالح الدعجة وعبدالله العضايلة

أثبت تحقق ميداني أجراه مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" أن خبر اختراق الطيران السوري للحدود الأردنية وقصفه مناطق داخل الحدود الأردنية الذي تداولته وسائل الإعلام المحلية وخصوصا الإلكترونية الأربعاء الموافق 12/8/2014، "غير دقيق".

وكانت التغطية الإخبارية لقضية "اختراق الطيران السوري الحدود" وقصفه مواقع "زراعية" أو "عسكرية" في بلدة "الدفيانة وصبحا وصبحية" في محافظة المفرق و"تحليقه فوق البلدة" أثارت اهتمام الرأي العام والمراقبين والصحافيين، خصوصا بعد نفي القوات المسلحة الأردنية الحادثة وإعلانها نيتها إحالة "كل من نشر هذه الأخبار الكاذبة الى محكمة أمن الدولة لأنها تضر بأمن الوطن والمواطن".

"أكيد" أجرى زيارة ميدانية للمنطقة وجال على المنطقة الحدودية المتاخمة للأراضي السورية، وتحقق من سكانها. كما تثبت من بعض ناشري ومحرري المواقع الإلكترونية ومن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة ليتوصل إلى أن ما جرى الأربعاء كان: تحليقا وقصفا من قبل الطيران السوري لأهداف داخل الأراضي السورية القريبة جدا لبلدة "الدفيانة وصبحا وصبحية" وقرية كوم الرف المحاذيتين للحدود السورية.

الخبر الذي تناقلته العديد من وسائل الإعلام، وخصوصا المواقع الإخبارية الإلكترونية، اعتمدت جميعها مصدرا رئيسا واحدا معرفا هو رئيس بلدية الدفيانة وصبحا وصبحية بخيت العيسى، وغير ذلك كان مصادر مجهولة "شهود عيان" أو "عدد من سكان المنطقة".

وانتشر الخبر بسرعة بين هذه المواقع، إلى درجة كان من الصعب التعرف على ما إذا كان المنشور في العديد من المواقع هو حقيقة تصريحات من العيسى لجميع هذه المواقع، أم نقلته مواقع عن أخرى.

وسوى قناة "رؤيا" الفضائية ووكالة أنباء الأناضول، فإن أحدا من وسائل الإعلام، والإلكتروني تحديدا، لم يزر المنطقة ويجُل فيها ويتقصى ميدانيا عن حقيقة ما جرى، وإنما اكتُفي بالاتصالات الهاتفية مع المصدر الرئيس (العيسى).

جولة ميدانية

sabha w subhiya 1
شاحنة تعبر الممر الحدودي من الجانب السوري، وفي المقدمة يظهر السياج والساتر الترابي الذي الواصل مع سوريا. الصورة من أكيد

مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" بعث فريقا إلى المنطقة للتحقق من صحة الخبر المنشور وللوقوف على حقيقة ما جرى ومعاينة المكان والتثبت من سكان المنطقة عما إذا كانت التصريحات المنسوبة إلى رئيس البلدية صحيحة ام لا.

وبددت الزيارة الميدانية لفريق "أكيد" صحة الخبر، وتثبتت من حقيقة ما جرى بالمعاينة والاستماع إلى شهادات من سكان صبحا وصبحية وقرية.

وكانت وسائل الإعلام نقلت عن"بخيت العيسى" رئيس بلدية صبحا وصبحية (محافظة المفرق - شمال المملكة) أن طائرة عسكرية سورية أطلقت صاروخين على أرض زراعية بمحيط البلدة صباح الاربعاء الموافق 12/8/2014

والتقى فريق "أكيد" رئيس البلدية العيسى وتحدث إليه، غير أنه اعتذر نهائيا عن الإدلاء بأي تصريح.

والتقط فريق أكيد صوراَ للشريط الحدودي المحاط بحراسة الجيش الأردني وبساتر ترابي تظهر حركة النقل على الطريق الموجود ضمن الأراضي السورية الذي استهدف بصاروخين وفق ما قال رئيس البلدية.

sabha w subhiya 4
شاحنات تعبر الممر من الجانب السوري الذي أبلغ عدد من سكان المنطقة إلى "أكيد" أنها هي التي قصفت يوم الأربعاء الماضي. الصورة من أكيد

وفي البلدة تحدث عدد من السكان عما شاهدوه وأكدوا أن الطائرة السورية قصفت أهدافا داخل الحدود السورية.

وقال الشيخ زايد العون ان الطائرة السورية "لم تقصف أي هدف أردني ولم يكن بالإمكان تحديد ما إذا كانت تحلق في السماء الأردنية، وما شاهدناه أن طائرة من نوع (ميج) أغارت على منطقة قريبة من الحدود الأردنية داخل سوريا".

وتابع العون، وهو عسكري متقاعد، "استمرت العملية لعشر دقائق تقريباً، وأحدثت الانفجارات دويا شديدا في المنطقة وأثارت سحابة من الغبار والدخان على الشريط الحدودي".

وهو ما أكده عليان العكش السردي، أحد أبناء المنطقة بقوله أن العملية "جرت داخل الحدود السورية، لكن قرب الحدود أشعر الناس بان القصف داخل الاراضي الأردنية".

Sabha w subhiya 2
الصورة التقطت من وسط بلدة صبحا وصبحية وفي الجهة المقابلة تظهر قرية "الذيبين" السورية. الصورة من أكيد

وعلى بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من الشريط الحدودي حيث منطقة كوم الرف تحدث عبدالعزيز الجمعان عن العملية التي حدثت على مقربة من بلدته، وقال ان الطائرة السورية "حلقت فوق أطراف بلدة كوم الرف ومنها وجهت صاروخين لشاحنة كانت داخل الاراضي السورية".

وقال ان أهالي المنطقة اعتادوا على سماع دوي الانفجارات بسبب قرب الأراضي السورية منها لكنهم لأول مرة يشاهدون عملية عسكرية من هذا النوع وبهذا القرب".

التوجيه المعنوي

مدير مديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الأردنية العميد عودة الشديفات أوضح في تصريح إلى "أكيد" النقاط التالية:

- القوات المسلحة تتعامل بشفافية مع قضايا مماثلة، وهي "أعلنت أكثر من مرة عن الخروقات" التي كانت تحدث وكانت تتحقق منها وتتخذ الإجراءات المناسبة الكفيلة بحماية حدود المملكة. وكان آخرها قبل أيام عندما أعلنّا عن قصف للساتر الترابي".

- تحديد اختراق سماء المملكة "لا يتم إلا بالرادار"، وهو ما لم يحدث في الواقعة الأخيرة، فلم يدخل الطيران السوري نهائيا، وإن كان قريبا جدا من الحدود.

- المنطقة حدودية لا يفصلها إلى السياج والسواتر الترابية، والمسافة في بعض الأماكن تكون من أمتار قليلة إلى كيلومترين أو ثلاثة، وسقوط القذائف متوقع في أي وقت في مناطق شمال الرمثا والقرى المتاخمة للحدود والبادية الشمالية.

- لم ننكر في أي وقت سقوط قذائف داخل حدودنا من جراء الاشتباكات، والقذائف التي تطلق وأطلقت سابقا يصعب تحديد ما إذا كان مصدرها الجيش السوري "النظامي أو "الجيش الحر" أو جماعات مسلحة في الاشتباكات الدائرة داخل الأراضي السورية.

- البراميل المتفجرة التي تقذف من الطائرات العمودية أو المقاتلة من ارتفاعات منخفضة تحدث دويا هائلا تجعل السكان المتاخمين للحدود يشعرون بأنها قريبة جدا منهم.

المواقع الإلكترونية

معظم المواقع الإخبارية الإلكترونية حدّثت أخبارها بعد نشر تصريح القوات المسلحة الذي ينفي اختراق الحدود والقصف داخلها، وقدمت خبر النفي، وهو أمر متوقع ومعتاد في الصحافة بداعي "الجِدة" أي نشر أحدث المعلومات المتعلقة بالخبر.

"أكيد" التقى صحافيين مسؤولين عن عدد من المواقع الإخبارية التي نشرت تأكيدات العيسى، وأوضح أكثر من شخص أنهم حاولوا مرات عديدة الاتصال مع المسؤولين المعنيين للحصول على رد أو تعليق أو توضيح منهم على الحادثة دون جدوى.

ومن هؤلاء ناشر موقع "السوسنة" الصحافي طايل الضامن، الذي لفت إلى ان طبيعة عمل المواقع الإخبارية ترتبط إلى حد بعيد بالسرعة في النشر، وأنهم يحاولون قدر استطاعتهم إعمال الدقة في أخبارهم، إلا ان المنافسة على السبق في النشر على الانترنت يجعلهم لا يستطيعون الانتظار طويلا بقية أطراف القصة، خصوصا عندما لا يتلقون إجابة أو استجابة.

ودلل على ذلك بالقول أنه، وغيره من المواقع، نشروا تصريح القوات المسلحة حال صدوره.