خلافات "الإسلاميين".. جاذبية إعلامية لا تقاوم

خلافات "الإسلاميين".. جاذبية إعلامية لا تقاوم

  • 2016-01-10
  • 12

مرت أكثر من ثلاث سنوات على آخر موجة خلافات داخلية في صفوف الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمون وجبهة العمل الإسلامي)، وهي الموجة التي يمثل إعلان مبادرة "زمزم" في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 بداية لها. وخلال هذه الفترة لم تغب المتابعات الإعلامية لهذه القضية، وقد شملت المتابعات شتى أنواع المواد الصحفية، من أخبار وتعليقات وتسريبات ومقالات وترجمات... إلخ.

شهدت التغطيات الإعلامية صعودا جديدا مع خطوة تسجيل جمعية "جماعة الإخوان المسلمين" بشكل رسمي في آذار (مارس) الماضي، في خطوة وصفها أصحابها بأنها تصويبا لوضع الجماعة القائمة "غير القانوني"، وهو ما شكل عنوانا جديدا لتلك الخلافات التي أزاحت قليلا عنوان "زمزم" عن الواجهة الإعلامية.

ثم تابع القراء تصعيدا آخر في المتابعة الإعلامية مع إعلان فشل مبادرة الإنقاذ التي قادتها مجموعة ثالثة من قيادات الإخوان المسلمين "التاريخية"، وصولا إلى آخر موجة من التغطيات الإعلامية المكثفة، التي انطلقت مع خبر استقالة مئات من حزب جبهة العمل الإسلامي بهدف المشاركة في تأسيس حزب جديد، وشملت الاستقالات أغلب قيادات مبادرة الإنقاذ إلى جانب قيادات فرعية في المحافظات وأعضاء آخرين من مختلف المراتب الحزبية.

خبر الاستقالات الجماعية، نُشر في اليوم الأخير من العام الفائت، والتقرير التالي يحاول رصد الصورة الإعلامية العامة التي رافقت هذه القضية بعد ذلك، في الصحافة الورقية وبعض المواقع الالكترونية الإخبارية.

تنوعت الصحف الورقية الرئيسية الأربع (الدستور والرأي والسبيل والغد) في طريقة تناول القصة، لكن المفارقة الأولى اللافتة، أن صحيفة "السبيل" التي تعد صحيفة الحركة الإسلامية تجنبت، بدرجة كبيرة، متابعة القضية، فباستثناء الخبر المقتضب الذي نشرته عن إعلان الاستقالات، والذي اعتمد صيغة إعادة نشر بيان الحزب المتعلق بالاستقالات، والالتباس الحاصل فيها، لم تتابع الصحيفة القصة التي احتلت مواقع هامة على الصفحات الأولى للصحف الأخرى، في الأيام التالية. بل إن "السبيل" لم تنشر أي اسم من الأسماء المستقيلة، كما لم تجر أي متابعة صحفية خاصة بالموضوع، وصمتت على العموم، إذا استثنينا ورود القصة في أخبار أخرى، أو في بعض مقالات كتاب الصحيفة.

بالمقابل لم تخف صحيفة "الرأي" انحيازها ضد الطرف الذي تمثله قيادة حزب جبة العمل الإسلامي، أو جماعة الإخوان التي يرأسها همام سعيد، والأمر يتضح مباشرة بمجرد قراءة العناوين التي وضعتها الصحيفة لتغطياتها الإخبارية، سواء تعلق الأمر بالتطورات الأخيرة، أو بمجمل الموقف من هذا الفريق من الحركة الإسلامية. انظر مثلا العناوين والروابط التالية في صحيفة "الرأي":  

استقالات حزب (العمل الإسلامي) تبرز عمق أزمة القيادة غير الشرعية للإخوان

مواقع التواصل تكشف تناقضات (العمل الإسلامي) وهيئته العامة تنتفض

الحكومة البريطانية تكشف خفايا دور (الإخوان) في زعزعة استقرار المنطقة

صقور «الإخوان » ابتعدوا عن الدعوة للوصول إلى القيادة على حساب الجماعة و «سعيد» يؤزم المواقف

(العمل الإسلامي) يماطل بقبول مئات الاستقالات ورئيس الشورى يهاجم المستقيلين والحكماء

ولنلاحظ مثلا أن الخبر الأخير بدأ بما يأتي: "تراوغ قيادة المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي، في التعامل مع مئات الاستقالات التي قدمت من قبل الأعضاء؛ احتجاجا على سياسة قيادة الحزب -الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين-  وردا على سياسات الإقصاء والتهميش والتعنت التي تمارس من قبل قيادة الحزب مع الأعضاء.

ويسعى المكتب التنفيذي إلى المماطلة في الموافقة على هذه الاستقالات لقيادات تاريخية ومؤثرة لدى الرأي العام، ضمن خطة محكمة تهدف الى تجاهلها تجنبا لتوفير مادة إعلامية لوسائل الإعلام.

ويهدف المكتب من وراء عدم الإجابة على هذه الاستقالات إلى لفلفة المأزق الذي يواجه الحزب، جراء عجز قيادته عن إدارة ملفاته وتخبطها باصدار القرارات والتصريحات التي تزيد من حدة الخلاف بدلا من حلّه، وإصرار القيادة المأزومة للحزب على عدم الاعتراف بوجود أزمة حقيقية تضرب مفاصل الحزب".

بموازاة ذلك، نلاحظ أن صحيفتي "الغد" و"الدستور" اعتمدتا خطا أكثر حيادا وإن بتفاوت.

 فصحيفة "الدستور" اعتمدت نشر الأخبار بلغة حيادية إلى درجة كبيرة ونشرت وجهات نظر الأطراف المختلفة، ويتضح ذلك من العناوين التالية التي وردت في الصحيفة:

"العمل الإسلامي": استقالات أعضـاء من الحزب ليست رسميـة

تنفيذي العمل الاسلامي يؤجل البت بالاستقالات ويدعو للحوار

قياديون يتوقعون استقالات جماعىة من "الإخوان" خلال الأسبوعين المقبلين

لكنها في تحليل إخباري آخر كتبت بعنوان: مفارقة.. الأعداء تلتقي بعضها وتتحاور.. أما الإخوان فلا!

صحيفة "الغد" سجلت، منذ بداية الأزمة داخل الحركة الإسلامية، خطا ربما كان الأكثر حيادا، إذ بذلت الصحيفة جهدا في البحث عن مفردات ذات دلالة منصفة، ففي مرحلة أولى من أزمة جماعة الإخوان، وإثر تسجيل جمعية الإخوان رسميا، اعتمدت الصحيفة تسمية "الجماعة القائمة" مقابل "الجماعة المرخصة". ولم تستخدم مصطلحيّ "شرعية" و"غير شرعية". لكنها أخذت مؤخرا تكتفي بعبارة "الإخوان المسلمين" مقابل "الإخوان المرخصة" أو تضع بين قوسين اسم قائد كل "جماعة" للتمييز.

وعلى سبيل المثال نقرأ في صحيفة "الغد" العنوان التالي:

عاصفة استقالات العمل الإسلامي تتصاعد وتنفيذي الحزب يدعو للحوار (شورى الحزب تشكك بأهداف المستقيلين وقيادته تعدو للتهدئة وحسنين: لا تراجع عن الاستقالات

المواقع الإلكترونية الإخبارية، نقلت الأخبار من مصادرها، وباختصار نسبيا، على شكل بيانات وتصريحات للأطراف المتنازعة، أو نقلتها عن الصحف الورقية، ولكننا رصدنا على الأقل موقعين حاولا القيام بمتابعات خاصة: فكتب موقع "جو 24" عن محاولته "الحصول على ردّ رسمي أو معلومة مباشرة من بعض الواردة أسماؤهم في نص الاستقالة والحزب نفسه إلا أنهم رفضوا النفي أو التأكيد، أو طلبوا مهلة للحصول على معلومة متعلقة".

موقع صحح خبرك  أجرى، بعد نشر خبر الاستقالات، اتصالا مع قيادي في الحزب من غير المستقيلين لأخذ رأيه، لكن موقعا ثالثا هو موقع "البوصلة" القريب من الإسلاميين، خصص مبكرا حيزا بعنوان "المشهد الإخواني" وقد تبنى في مواده موقف الحزب القائم وجماعة الإخوان القائمة بقيادة همام سعيد.