روايات متضاربة في تغطية شبهة مخالفات مالية في جمعية نوح القضاة للرفادة

روايات متضاربة في تغطية شبهة مخالفات مالية في جمعية نوح القضاة للرفادة

  • 2015-04-25
  • 12

أكيد – دلال سلامة

انشغلت المواقع الإخبارية خلال الأيام القليلة الماضية، بقضية الاشتباه بوجود مخالفات مالية في جمعية الشيخ نوح للرفادة، التي يرأس مجلس إدارتها الوزير السابق، الدكتور محمد نوح القضاة، الذي شغل وزارتي الشباب،  والأوقاف والمقدسات الإسلامية. ويلاحظ متابع التغطية في مصادرها المختلفة أنباء متضاربة، بعضها بثتها وسيلة الإعلام نفسها.

بدأت القضية  بأسئلة وجهها إلى وزارة التنمية الاجتماعية، النائب عن مدينة العقبة، محمد الرياطي، وتخص ما وصفه في بيان له، تداولته وسائل الإعلام، بأنه "اختلاس" 150 ألف دينار من أموال الجمعية، وفقدان أربعة سندات قبض، تُقدّر بمئتي ورقة.

أول التضاربات وأبرزها هي التصريحات المنسوبة للدكتور محمد نوح القضاة، ففي صباح 21 نيسان (أبريل) الجاري، نشر موقع خبرني الإلكتروني خبرا بعنوان "القضاة يكشف اختلاسا بجمعية نوح للرفادة"، وفي متن الخبر أن القضاة كشف "قضية اختلاس مالي في جمعية نوح القضاة للرفادة، حوّل على إثرها موظفا للمحكمة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة". ونقل الموقع عن القضاة قوله إن "القضية الآن في القضاء الذي نؤمن به وبعدالته جميعا".

ورغم أن الخبر السابق قد تضمن الاعتراف بوجود قضية اختلاس، فإنه نقل عن القضاة تصريحا بأن وزيرة التنمية الاجتماعية، ريم أبو حسان، أكّدت له أن "الجمعية تعمل بشكل سليم وكامل ملفاتها وبياناتها وأوراقها المالية صحيحة ودقيقة".

موقع خبرني، بعد  نشر الخبر بقليل، عدّل عنوانه إلى "القضاة يحول موظفا بجميعة نوح للرفادة للمحكمة"، فحذف كلمة "اختلاس" من العنوان، كما حذفها من متن الخبر، وأحلّ محلها " أخطاء إدارية ومالية"، فقال إن إجراء التحويل إلى المحكمة كان بسبب "أخطاء إدارية ومالية قد يكون ارتكبها الموظف لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة".

125

لكن، في مساء اليوم نفسه، نقلت مواقع إلكترونية من بينها وطنا نيوز وخبرني عن النائب الرياطي أنه تلقى إجابات من "التنمية" على أسئلته، وأن هذه الإجابات "أثبتت وجود اختلاس في الجمعية تجاوزت قيمتها 150 ألف دينار، ومستندات قبض من 4 دفاتر مع عدم معرفة المبالغ التي تضمنتها".  ونقل الخبر عن الرياطي  أنه سيتابع هذه القضية في مجلس النواب.

في اليوم التالي، 22 نيسان، أصدرت جميعة نوح القضاة للرفادة، بيانا نشرته مواقع إلكترونية، من بينها كرمالكم والسوسنة وخبرني،  قالت فيه: إن ما وُصف بأنه اختلاس كان في الحقيقة "سلفة عمل"، مصروفة للموظف المعني، وأن المبلغ مقيد في حسابات الجمعية المعدّة سلفا، و"مُفصح عنه في ميزانيات الجمعية المسلمة لوزارة التنمية الاجتماعية". وقال البيان: إن الجمعية اتخذت "الإجراءات القانونية اللازمة بحق من قال بالتشهير بها والتشكيك بنزاهتها والتطاول على مكانتها والخوض في سمعتها دون الاستناد إلى حقائق أو وثائق". كما قال البيان إن وصف ما حدث بالاختلاس هو وصف "زور"، رغم أن القضاة نفسه، وفق الصيغة الأولى لخبر "خبرني"، هو من استخدم هذا الوصف.

خلال ما سبق، نجد أن التغطية الإعلامية اكتفت بنقل تصريحات الرياطي والقضاة من دون أن تبادر لنقل رواية طرف آخر أساسي في هذه القضية، هو وزارة التنمية الاجتماعية التي تولى الرياطي والقضاة الكلام باسمها،  في حين التزمت هي الصمت، حتى عندما نقل عنها الطرفان روايات متضاربة، فقد حدث ذلك عندما قال القضاة إن الوزارة أكدت له سلامة السجلات المالية للجمعية، في حين قال الرياطي إن الوزارة أكّدت له حدوث "اختلاس".

إلى هنا، كانت التغطية الإعلامية للقضية مقتصرة على المواقع الإلكترونية، وغابت عنها الصحف اليومية، إلى أن دخلت، صحيفة السبيل أمس 25 نيسان الساحة، ونقلت عن "مصدر خاص" في وزارة التنمية الاجتماعية، لم تسمّه، قوله إن "الوزارة وجّهت إنذارا لجمعية الشيخ نوح للرفادة بعد ضبط مخالفات إدارية ومالية جراء حملة تدقيق على محاضر الجمعية". وبحسب المصدر، فإن المخالفات المالية "تجاوزت الـ150 ألف دينار، إضافة إلى فقدان مستندات قبض عددها 4 دفاتر مع عدم معرفة المبالغ التي تضمنتها هذه الدفاتر"، وأنه بناء على هذه المخالفات، وُجّه إنذار إلى الجمعية لتصويب أوضاعها خلال شهرين، وإلا ستحل الوزارة الهيئة الإدارية الحالية للجمعية، وتعيّن هيئة إدارية مؤقتة، إلى حين إجراء انتخابات جديدة.

بعد نشر الخبر في "السبيل" بأقل من15 دقيقة، نقل موقع خبرني، عن "مصدر مسؤول" في وزارة التنمية الاجتماعية، لم يسمّه، قوله إن "الوزارة لم توجّه للجمعية أي إنذارات، ولا يوجد جديد بخصوص القضية". لكن الخبر ذاته تضمن عبارة غير منسوبة إلى هذا المصدر، وأُضيفت إلى الخبر بوصفها خلفية له، مفادها أن وزارة التنمية الاجتماعية كانت قد "أشعرت" الجمعية "لتصويب بعض الأخطاء الواردة في تقرير الجمعية، وأمهلتها 60 يوما لذلك".

لم تقدم التغطيات السابقة للجمهور إجابة شافية على السؤال الأساسي في هذه القضية، حيث خالفت معايير الدقة والشمولية والتكامل في نقل الأخبار وتغطيتها، فلم تؤكد:

  • إن كان هناك فعلا اختلالات في السجلات المالية للجمعية، ولم تنف وجودها

بل اكتفت بنقل التصريحات المتناقضة لطرفي القضية، وحتى عندما توجه الإعلام متأخرا إلى الجهة المفترض أنها تملك الإجابة، وهي وزارة التنمية الاجتماعية، فإنه قدّم إجابتين متناقضتين منسوبتين إلى مصدرين مبهمين في الوزارة.