سارق الآثار.. بلا مسروقات؟

سارق الآثار.. بلا مسروقات؟

  • 2016-07-12
  • 12

في عددها الصادر يوم الأحد 10 حزيران، نشرت صحيفة "الغد" خبرا بعنوان: بعد المسكوكات.. التحقيق بسرقة مستودع آثار".

إن عبارة "بعد المسكوكات" تشير إلى قضية مشابهة سبق للصحيفة أن أثارتها في شباط الفائت، وقد تناولها مرصد "أكيد" حينها.

الصحيفة نسبت خبر التحقيق بسرقة مستودع الآثار إلى "مصدر مطلع"، وهو ما يعني بلغة الصحافة أن معد المادة حصل على "سبق صحفي"، وقد لوحظ في المادة المنشورة أن الوزيرة المعنية لينا عناب (وزير السياحة) ومدير دائرة الآثار أّقرّا بوجود "محاولة" سرقة وأنه "تم التأكد من عدم فقدان أو استبدال أي قطعة أثرية"، وأن المكان مراقب بكاميرات. لكن كلام "المصدر المطلع" يقول: ان المستودع تعرض للسرقة وأن السارق دخل من الباب الخلفي وأن جميع كاميرات المراقبة كانت معطلة.

كما يجري عادة، فقد وجد الخبر طريقه للنشر في مواقع الكترونية بعضها نقلته مع ذكر اسم الصحيفة فيما نشرته أخرى بعد حذف الاسم وقدمته كمادة خاصة، متجاهلة التقاليد الصحفية.

في اليوم التالي (الاثنين) واصلت الصحف متابعة الخبر، ولكن هذه المرة بعناوين لافتة من حيث تنوعها: فصحيفة "الغد" نشرت خبرا بعنوان: "بدء التحقيق بسرقة مستودع الآثار في طبربور". وقد نُسب فيه مجددا إلى مصدر مطلع تأكيده حصول سرقة، و"أن عملية الجرد لمعرفة المسروقات تحتاج لأشهر لعدم معرفة الجهات المختصة بالمسروقات حتى اللحظة، مؤكدا وقوع حادثة السرقة في أول أيام إجازة العيد". كما نسب إلى مصدر أمني أن "لجنة التحقيق المشرفة على حادثة السرقة بانتظار قيام دائرة الآثار العامة بتزويد اللجنة بقائمة المسروقات التي تعرض لها الموقع، مؤكداً البدء بفتح تحقيق موسع من قبل مديرية الأمن العام".

لكن صحيفة "الدستور" نشرت في اليوم ذاته مادة بعنوان: لا فقدان لقطع أثرية بمحاولة سرقة مستودع، والحادثة فردية والحديث عنها مبالغ فيه". والعنوان المنشور هنا يعود إلى كلام للوزيرة لينا عناب التي قالت: أن كل ما أثير بشأن محاولة سرقة مستودع للمقتنيات الأثرية في عمّان مبالغ به، فالأمر لم يتعد حادثا تخريبيا تعمل الأجهزة الأمنية على متابعته والتحقيق بشأنه، وسيتم الإعلان عن تفاصيله خلال الأيام القادمة". ولكنها "أقرت بوجود خلل في حماية المستودع تم استغلاله من خلال هذا العمل، أكدت بالوقت ذاته أن الحادثة بسيطة ولم ينتج عنها أي خسائر مطلقا أو فقدان أي قطعة أثرية.

وقد انقسمت المواقع الالكترونية التي نشرت الخبر، فبينما نشرث مواقع  خبر صحيفة "الغد" الذي يتحدث عن سرقة، نشرت مواقع أخرى  رواية الدستور التي تنفي على لسان الوزيرة حصول السرقة.

أما صحيفة "الراي" فنشرت على نسختها الورقية مادة في صفحاتها الداخلية بعنوان: "محاولة اعتداء وسرقة لمستودع آثار في طبربور". وفي متن الخبر نسبت إلى مدير دائرة الآثار انه "تم تشكيل لجنة فنية للكشف للتأكد من عدم وجود مسروقات".

ووفق الرصد الذي أجراه أكيد لغايات إعداد هذا التقرير، فإن موقعاً وحيدا نشر مادة خاصة من انتاجه، جاء فيها تصريحات للوزيرة التي قالت ان السارق تمكن من الوصول للقاصة وعبث بمحتوياتها، وهي تحتوي على قطع اثرية صغيرة الحجم من السهل حملها، غير انها اشارت الى ان  الكشف على القاصة اظهر انه لم يتم سرقة اية قطعة منها. وقد نقلت مواقع المادة ذاتها مع حذف الإشارة إلى الموقع الأصلي.

بالمحصلة، وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، فإن القارئ الذي تتاح له الفرصة للاطلاع على مجمل ما نشر، لن يخرج بمعلومة واضحة، فالتصريحات الرسمية فيها قدر ملحوظ من الغموض، فأحياناً يقال توجد كاميرات دقيقة، ثم يقال أن هناك خللا في الرقابة، وأحياناً يقال أن الجرد أثبت أنه لا توجد مفقودات، ثم يقال أن الكلام سابق لأوانه، وأن الجرد يحتاج لفترة طويلة. وهل الشخص الذي وصل لقاصة المستودع، هو مجرد عابث؟ لأن الوزيرة تؤكد أن الموجودات قطع صغيرة قابله للحمل، لكن محاول السرقة لم يحمل منها شيئاً!.

في أداء المواقع التي لم تنتج خبراً خاصا باستثناء أحدها المشار إليه سابقاً، نلاحظ أنها كانت انتقائية في تبني الروايات، فبعضها نشر تصريحات الوزيرة وأخرى نقلت إلى جانبها تصريحات المصدر المطلع.