مساء الاثنين 5 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، نشر موقع الكتروني خبراً بعنوان "تعثر مول كبير في الأردن" وفي اليوم ذاته نشر موقع آخر خبراً بعنوان: "لا (سامح مول) بعد اليوم"، تحدث عن "تخوّف" تجار من احتمال فشل المفاوضات الجارية بين مجموعة "سامح مول" وأحد البنوك الإسلامية.
المادة الإخبارية التي نقلتها مواقع إلكترونية أخرى، ثم قام بعضها بحذفه، لم تستند إلى مصادر واضحة ومحددة، ولم تُنشر مع وثائق تعزز من مصداقيتها، بل اعتمدت على تعبيرات عامة مثل "تخوّف تجار" و"تردّدت أنباء" و"ألمحت مصادر" و"المول يقف في مهب البقاء".
مهنياً، اتّسمت المادة الإخبارية بالتحيّز، فأطلقت مجموعة من الأحكام على "المول" وطبيعة عمله، فحكمت بإفلاسه من خلال العنوان "لا سامح مول بعد اليوم". كما وصفت توسعاته بافتتاح أفرع جديدة بأنها "مجنونة، وحكمت عليه بأنه من "الظواهر الطارئة" على المجتمع الأردني.
في السياق نفسه، اعتمدت المادة السابقة على "التخمينات"، من دون دليل عليها، ومنها أن "الأيام المقبلة قد تكشف حسابات المول"، وأن هناك جهة عرضت شراءه بـ "مبلغ 12 مليون دينار فقط".
بعض وسائل الإعلام الأخرى نشرت فيما بعد، تصريحات لإدارة المول نفت فيها تلك الأخبار، وتحدثت عن المركز المالي لمجموعة "سامح مول"، وعن قوة ملاءتها المالية، فيما نشر موقع الكتروني آخر مقابلة مع محامي المجموعة ونقلت عنه أن "القسم القانوني سيتخذ الإجراء القانوني ضد بعض الوسائل الإعلامية التي ساهمت في نشر تلك الاخبار".
كما نفت إدارة البنك الإسلامي في كتاب لبورصة عمان ما نشر عن عدم قدرة المول على السداد موضحة "أن المتعامل ملتزم بسداد المطلوب منه (...) وما زالت تمويلاته عاملة".
(أكيد) اتصل بالمحامي الدكتور، صخر الخصاونة، المختص بالتشريعات الاعلامية، الذي أوضح أن "نشر أخبار مضللة بتلك الصيغة يُعدّ مخالفة قانونية واضحة لأثره على السمعة التجارية للمعنيين في الخبر، والناجمة عن عدم تحري الحقيقة في ما نُشر".
وأشار الخصاونة إلى أن الدفع في المعاملات التجارية والمالية يكون بطريقة "الدفع الآجل"، ونشر مثل هذه الأخبار يؤثر على سمعة تلك الجهة، ومن ثم على قدرتها على سداد ديونها، ذلك أن الدائنين، وفق الخصاونة "سيطالبون بحقوقهم دفعة واحدة، ما قد يؤدي إلى عدم قدرتها على سداد الجميع".
وأضاف الخصاونة أن سرية المعاملات البنكية هي "حق" للعملاء. ونشر أخبار تنتهك هذه السرية يخلّ بمبدأ المنافسة المشروعة بين التجار. مضيفا أن البنوك التي تتعامل معها المجموعة "لم تشتك أصلا".
وتنصّ المادة (5) من قانون المطبوعات والنشر على أنه (علـــى المطبوعـــة تحـــري الحقيقـــة والالتزام بالدقـــة والحيـــدة والموضـوعية فـي عـرض المـادة).
ورغم أن إدارة "المول" نفت ما نُشر، وغطت ثلات من الصحف اليومية خبر النفي، وتابعته في اليوم التالي، إلا أن مخالفات النشر التي ارتكبت أخلّت ببعض المعايير المهنية، ما يجعلها تندرج ضمن الممارسات الإعلامية الخاطئة.
فنشر مواد غير محددة المصادر، اشتملت على معلومات ناقصة، أدى إلى تشويه الوقائع، ما أضر بمعيار الدقة.
كذلك أخلّت التغطيات بمعيار التوازن، فلم يؤخذ رأي المعنيين في "المول"، والبنك الإسلامي، وهما الطرفان الأساسيان في هذه القضية.
في السياق نفسه، كانت المادة منحازة ضد "المول"، وتمثّل هذا التحيّز في تضخيم بعض المصطلحات المستخدمة، وإطلاق الأحكام، ووضع عنوان يشتمل على حُكم مسبق، فخالفت بذلك معياريّ الحياد، والإنصاف والنزاهة.
التجاوزات السابقة دفعت مؤسسات غير إعلامية لأن توجه انتقادات للمؤسسات الإعلامية، وتطالبها بتحري الدقة، وعدم نشر الإشاعات، كما حدث في بيانين أصدرهما البنك الإسلامي وغرفة التجارة، وهو أمر يطرح أسئلة كبيرة على قطاع الإعلام، كان من المفترض أن يوجهها الإعلام لنفسه.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني