أكيد:
تداولت مواقع إلكترونية مطلع الشهر الجاري خبراً مرفقا بمقطع فيديو بعنوان "عروس جنية تظهر لأردنيين وتقتلهما في وادي الشلالة بالرمثا"، وهو خبر شاهده أكثر من نصف مليون مشاهد في غضون عشرة أيام وجرى تداوله على نطاق واسع في العديد من المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وعملت بعض المواقع الإلكترونية التي نشرت المقطع في وقت لاحق على التحقق من الفيديو ونشرت تصريحات عن بعض السكان المحليين نفوا ما جاء في المقطع، مع أن الأصل أن يكون التحقق قبل بث الفيديو الذي أثار خوف بعض المواطنين في الرمثا وتجنبوا عبور الطريق الذي زعم أنه كان موقع الحادثة وفقا لـ عبدالله سمارة الزعبي أحد سكان المنطقة الذي تحدث لـ مرصد مصداقية الإعلام الاردني "أكيد" التابع لمعهد الإعلام الاردني.
وأجرى " أكيد" عمليات تحقق تقنية للفيديو وتبين من خلال التحليل الفني ما يلي:
أولاً: من خلال تتبع الخط الزمني لمقاطع الفيديو المنشورة على موقع YouTube تبين أن المقطع تم بثه على أنه حدث في أكثر من دولة عربية (الأردن، سلطنة عمان، السعودية) وخلال فترات زمنية متقاربة.
ثانياً: عثر على المقطع في موقع ماليزي نشر المقطع تحت عنوان "Driver chased by spooky, long-haired figure in white on deserted Malaysian road"، أي "شخص مخيف بشعر طويل يطارد سائق على الطريق ماليزي مهجور"، وفي الفترة ذاتها التي نشر فيها في المواقع العربية.
ثالثاً: لا يوجد في التسجيل ما يدل على أن السيارة التي يقودها الشابان قد انقلبت بالفعل كما تشير إلى ذلك بعض المواقع السعودية.
رابعاً: الصوت المسموع في التسجيل يبين أن الشخص في حالة ذعر، وتبين أن هذا الصوت تعرض لبعض عمليات تفخيم الصوت بطرق المنتجة الصوتية.
خامساً: أن الشخص الذي صور الفيديو كان يصور من نافذة السيارة وبأريحية تامة فالصور لا تهتز وهذا يؤكد أنه ليس في حالة ذعر، فهل يعقل أن يقوم شخص بالتقاط صور بهذه الأريحية وهو في حالة خطر محدق؟!.
سادساً: أن المقطع تضمن ملاحقة "للجنية" من قبل سائق السيارة، فمرة يقترب منها ومرة يبتعد عنها وهذا يدل على أن ركاب السيارة ليسوا في حالة ذعر.
سابعاً: الطريق الذي جرى تصوير المقطع فيه هو طريق ترابي غير معبد، في حين أن طريق الشلالة معبد.
وبحسب عبد الله سمارة الزعبي وهو أحد سكان المنطقة وتحدث لـ "أكيد" فإن الفيديو الذي تم تناقله "عار عن الصحة ويثير السخرية".
وقال أن المنطقة لم يقع فيها أي حوادث سير كما يشاع خلال الفترة الماضية، باستثناء حادث سير وقع في المكان قبل أكثر من شهر بين سيارة تقل طالبين في جامعة اليرموك وشاحنة في حدود الساعة السابعة صباحاً.
وتابع: "للأسف بعض المواطنين من سكان الرمثا صدقوا الفيديو وصاروا يتناقلون الإشاعة المضللة على أنها حقيقة وبعضهم صار يتجنب المرور من طريق الشلالة".
يظهر هذا التحقق أن وسائل الإعلام التي نشرت المقطع وقعت في فخ تضليل المجتمع وإشاعة الأخبار التي تثير الخوف والذعر بين المواطنين وهو أمر قد ينعكس على مصداقية تلك الوسائل مستقبلاً.
وكان الأجدى من تلك الوسائل أن تقوم باتباع وسائل التحقق المبدئي وعدم نشر الأخبار من مصادر مجهولة من مثل" قال سكان، عبر مواطنون... الخ" فالأصل في حالة مثل هذه المقاطع والفيديوهات أن تقوم وسائل الإعلام بدورها وواجبها في التحقق قبل النشر الذي قد يترك نتائج سلبية، فحق الناس في المعرفة يسمو ويتقدم على أي مصلحة، وأن التنافس بين وسائل الإعلام يجب أن لا يكون من أجل السرعة على حساب المصداقية.
كيف يتم التحقق؟
تتبع العديد من وسائل الإعلام العالمية معايير صارمة للتحقق من صحة الفيديوهات التي ينتجها الأفراد ويقومون بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أو يرسلونها إلى وسائل إعلام مختلفة، وتمر هذه العملية بسلسلة مراحل يتم بعدها اتخاذ القرار بالنشر من عدمه.
وتالياً مجموعة من القواعد التي يتبعها مرصد "أكيد" للتحقق من الفيديوهات:
التحقق الأولي:
ــ هل هناك تطابق بين الأماكن المعروضة والمعطيات؟
ــ هل الكلام أو حتى اللهجة مفهومة؟
ــ هل اللهجة متطابقة مع اللهجة المحكية في المنطقة؟
ــ هل حالة الطقس متطابقة مع وقت نشر الفيديو؟
ــ الاتصال مباشرة مع السكان المحليين.
التحقق التقني: التأكد من عدم التلاعب بالتسجيلات والصور.
ويتم من خلال التحقق من التسجيلات والصور ومطابقتها فنياً للتأكد من أنها متطابقة مع الواقع، عبر تقسيم الصور الواردة في الفيديو إلى عدة مقاطع ثم البحث عن تلك المقاطع عبر محرك البحث google.com ومن خلاله يمكن الكشف عن تاريخ الصور الواردة في الفيديو وأين نشر أول مرة.
وهذه واحدة من وسائل التحقق التي تعطي نتائج جيدة حتى لا يكون الإعلام وسيلة للتضليل، علاوة على وجود مجموعة من الوسائل التقنية الأخرى المتقدمة والتي تحتاج إلى خبراء تقنيين في الصوت والصورة والمونتاج.
ويوفر الموقع التالي وسيلة سهلة للتحقق من الفيديوهات من خلال تقسيم المقاطع إلى عدة صور وتقديم خيارات للبحث عنها:http://www.amnestyusa.org/citizenevidence/
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني