يتابع هذا التقرير ظاهرة التصريحات المتضاربة التي تتناقلها وسائل إعلام أردنية لجهات متعددة، تتحدث عن الموضوع نفسه دون أن يبذل الإعلام جهداً في كشف جوانب التضارب والتضليل فيها.
رصد التقرير صحف "الدستور" و"الرأي" و"الغد" خلال شهر تموز (يوليو) 2015، حيث تبين أن بعض التصريحات والمعلومات والأرقام المنشورة تختلف من مسؤول إلى آخر، مع أن الموضوع واحد، وفي حالات تكون التصريحات المتضاربة للشخص نفسه أو الجهة نفسها.
تُعد التصريحات المباشرة مصدراً مهماً لوسائل الإعلام، فهي تعتمد عليها في صياغة موادها الإخبارية، خاصة إذا كانت تلك التصريحات صادرة عن جهات ومصادر ذات علاقة أو مسؤولة.
إن بعض التصريحات المرصودة يحتوي على معلومات مغلوطة أو غير واضحة، أو أرقام لها مدلولات معينة تعزز ذلك التصريح، لكن الصحفي يأخذها كما هي من دون التأكد من صحتها، ولا يطلب من صاحب التصريح توضيحها قبل اعتماد نشرها، وهو ما يضر بمعيار الدقة.
يشدد مرصد "أكيد" في هذا السياق على معيار الدقة في الالتزام الصحيح والتثبت من صحة الآراء والمواقف والمعلومات وما تحويه من أرقام، ويحتاج ذلك إلى امتلاك الخلفية المهنية التي تحول دون ارتكاب الأخطاء.
فيما يلي نماذج من تلك التصريحات المنشورة في الصحف التي رصدت، والتي وردت فيها أخطاء في المعلومات والأرقام التي لم يتم تدقيقها أو توضيحها.
تصريحات رئيس الوزراء لقناة العربية
نشرت الصحف الثلاث (الدستور والرأي والغد) تصريحات رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور لقناة "العربية" والتي نقلتها وكالة الأنباء الأردنية بترا، وجاء فيها إن "المديونية لم تزد درهما واحدا في عهد هذه الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية، الا بخسارة الكهرباء المدعومة والنفط".
وأضاف النسور إن "العجز في آخر السنة يصبح ديناً فقط من أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية، فيما ضبطت بشكل كامل ميزانية الدولة والمجالات الأخرى".
جريدة "الرأي" مثلاً، وضعت التصريح على صفحتها الأولى كواحد من عناوين المقابلة: "لا رفع للدعم عن الخبز والمديونية لم تزد درهماً واحداً في عهد حكومتي".
وسائل الإعلام التي أوردت تلك التصريحات، لم تقم بعمل متابعة أو توضيح لحجم المديونية الحالي، وكم بلغ الديّن عندما استلم النسور منصب رئيس الوزراء، فهل حقاً لم تزد المديونية درهماً واحداً في عهد النسور؟.
"أكيد" اتصل بالكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي الذي أوضح أن "المديونية في بداية عهد الرئيس النسور كانت (12.2) مليار دينار، وهي حالياً تبلغ (21.5) مليار دينار، أي أنها زادت حوالي (9) مليار دينار خلال عهد النسور".
ويوضح الدرعاوي "أن ما ورثته الحكومة من دعم الكهرباء للحكومات السابقة كان (1.7) مليار دينار، وتبلغ قيمة الدعم حالياً (5.5) مليار دينار-وهذا حسب ما صرح به وزير المالية في خطاب الموازنة العامة-، وبالتالي فإن دعم الكهرباء والنفط من قبل حكومة النسور يبلغ (4) مليار دينار، فكيف تكون زيادة المديونية بـ (9.5) مليار!".
واتفق الخبير الاقتصادي والوزير السابق د.ماهر مدادحة مع الدرعاوي، بأن حديث رئيس الوزراء بخصوص المديونية "غير دقيق" مشيراً إلى أن "المديونية في تزايد مستمر لتغطية العجز الواضح في الموازنة، وهو ليس ناتجا فقط عن تغطية عجز المؤسسات وأهمها شركة الكهرباء الوطنية".
ويضيف المدادحة: "العجز في الموازنة لا يُغطى إلا بالديّن، واذا كان تصريح النسور صحيحاً فلماذا لم تقدم الحكومة موازنات متوازنة؟ فالموازنات الثلاث التي تم تقديمها لمجلس النواب في عهد النسور كلها كانت غير متوازنة"، مشيراً إلى أن "الديّن العام في تزايد في عهد كل الحكومات من عهد إلى آخر بغض النظر عن شخص الرئيس".
وللاطلاع على حجم المديونية الأردنية يمكن مراجعة موقع وزارة المالية.
تضارب في الأرقام
تنشر الصحف تقديرات لعدد من النشاطات في عدة مجالات، منها الاقتصادية والسياحية وغيرها، لكن تقدير هذه الأرقام ينتج عنه تضارب في الأرقام ليس بين صحيفة وأخرى بل في الصحيفة نفسها وأحياناً للمصدر ذاته والصحفي نفسه.
ومن تلك الحالات ما نشرته صحيفة "الغد" عن عدد الشاحنات العالقة على الحدود السعودية (النسخة الورقية):
أي خلال يومين تم نشر أربعة أرقام عن عدد الشاحنات، ولم يستطع المتلقي أن يعرف العدد الحقيقي للشاحنات سواء العالقة أو التي تم إدخالها إلى الأراضي السعودية.
وفي مثال آخر من الصحيفة ذاتها، ما نشرته حول نسبة الحجوزات في فنادق العقبة قبيل عيد الفطر:
أي أنه خلال يومين قبل العيد انخفضت تقديرات نسبة الحجوزات بمقدار (30%) (من 100% إلى نحو 70%)، فيما لم توضح الصحيفة سبب ذلك الانخفاض أو توجيه سؤالاً مباشراً للمصدر عن اختلاف ذلك التقدير خاصة أن نسبة (30%) تُعبّر عن ثلث الحجوزات وهو رقم كبير.
تضارب تصريحات المصدر نفسه
التصريحان كانا للمصدر نفسه وللصحفي نفسه في منتصف شهر رمضان تقريباً وفي نهايته، فكان الاستهلاك (30) مليوناً في منتصف شهر رمضان، وبلغ في نهاية الشهر (120) مليوناً، رغم أن نقيب أصحاب المطاعم والحلويات أشار إلى أن الطلب على القطايف يقل بعد منتصف شهر رمضان، فكيف تضاعف ثلاث مرات في النصف الثاني من رمضان!.
تضارب تصريحات المصادر
وقد بلغ العجز حسب موازنة عام 2015 نحو مليار دولار، أي أن اللجوء السوري وحده يُكلف ثلاثة مليارات سنوياً وفي أربع سنوات يبلغ (12) مليار دولار، فيما قالت تصريحات وزير التخطيط عماد فاخوري إن تكلفة الأزمة السورية –برمتها- نحو 8 مليار دولار في أربع سنوات.
فتضارب التصريحين بأن (315 مليون قدم مكعب من الغاز تكفي لكافة محطات التوليد في المملكة) أم أن (350 مليون قدم مكعب من الغاز تكفي لكافة المحطات بإستثناء العقبة).
فالكمية الأكبر (350 مليون قدم مكعب) تكفي المحطات بإستثناء العقبة، بينما الكمية الأقل (315 مليون قدم مكعب) تكفي كافة المحطات في المملكة!.
مصادر الأرقام
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني