غياب "التوازن" أنتج تقريراً صحفياً خاطئاً، والصحيفة تزيله عن موقعها

غياب "التوازن" أنتج تقريراً صحفياً خاطئاً، والصحيفة تزيله عن موقعها

  • 2015-08-11
  • 12

أكيد – دلال سلامة

بعد يومين من نشره، أزالت صحيفة "الغد" عن موقعها الإلكتروني تقريراً إخبارياً كانت نشرته على النسخة الورقية[1]، عن معاناة سيدة شابة من خريجات دور الرعاية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، بعد أن اتّضح من ردّ "وزارة التنمية" على التقرير، أن السيدة "أخفت" عن الصحيفة معلومات أساسية، ما أخلّ بمصداقية روايتها. لتكون هذه الحادثة تأكيدا عمليا على أهمية أحد المعايير المهنية الأساسية في الكتابة الصحفية، وهو "التوازن" الذي يحققه تمثيل جميع الأطراف الأساسية في القصة، الأمر الذي لم يلتزم به التقرير السابق، عندما استثنى وزارة التنمية الاجتماعية. وبالطبع فإن قيام الصحيفة بسحب التقرير يعد سلوكاً مهنياً صائباً.

التقرير الذي نُشر على الصفحة الأولى، سرد قصة السيدة بوصفها نموذجا لمعاناة الفتيات فاقدات السند الأسري،  اللواتي يتخرجن من دور الرعاية، وفي مرحلة من حياتهن، يُتركن وحيدات من دون دعم مؤسسي. فالسيدة، بحسب التقرير، يرفض والدها الاعتراف بها، رغم تثبيت نسبها إليه، وقد عملت بعد تخرجها من دار الرعاية في شركة، وتزوجت قبل أربع سنوات من شاب اشترط عليها، بحسب روايتها، أن تترك عملها، ففعلت.

وفق التقرير، هي أمضت مع زوجها أربع سنوات، أنجبت خلالها طفلة، ثم انتهى الزواج بالطلاق، وتنصل الزوج من مسؤولياته تجاه ابنته. والمشكلة، كما يصفها التقرير، هي أن السيدة الآن "مشردة"، فهي بلا وظيفة، ولا سكن، ولا عائلة، وتتنقل مع طفلتها بين منازل زميلاتها السابقات في دور الرعاية، في حين ترفض، كما قالت السيدة، وزارة التنمية الاجتماعية استقبالها في أيّ من المؤسسات التابعة إليها.

وقد تضمن التقرير إضافة إلى رواية السيدة، تصريحا لمسؤولة في مؤسسة مجتمع مدني للعناية بخريجي دور الرعاية، قالت فيه إن "الغالبية العظمى من زيجات الفتيات من خريجات دور الرعاية تنتهي بالطلاق". وأضافت أن من بين أسباب ذلك هو أن هؤلاء الفتيات "غير مؤهلات للزواج نفسيا وعاطفيا، فهن لم يعشن سابقا الأجواء الأسرية"، موضحة أن "بنية دور الرعاية لا توفر هذا النوع من الحياة الأسرية".

التقرير حُذف من الموقع الإلكتروني للصحيفة بعد أن أوردت وزارة التنمية في ردّها عليه معلومات، اتّضح أن صاحبة القصة أسقطتها من روايتها. فما يُفهم من روايتها هو أنها عاطلة عن العمل منذ زواجها قبل أربع سنوات، لكن الحقيقة، كما أوردها ردّ الوزارة هي أنها عملت طيلة العامين الماضيين في منظمة مجتمع مدني، براتب 600 دينار في وظيفة أمّنتها لها الوزارة نفسها. كما أورد الرد قائمة بالمبالغ التي صرفتها الوزارة للسيدة، كمساعدات، خلال الست سنوات السابقة، وبلغت 4800 دينار.

وشكك ردّ الوزارة في تصريح موظفة مؤسسة المجتمع المدني التي قالت إن غالبية زيجات خريجات دور الرعاية تنتهي بالطلاق، وقال إنه وفق البيانات، هناك أربع حالات طلاق فقط.

"الغد" التي قالت في ردّها على الوزارة إن السيدة فقدت وظيفتها فعلا قبل شهرين، بعد أن انتهى تمويل المشروع الذي كانت تعمل فيه، اعترفت بأنها أزالت التقرير عن موقعها الإلكتروني، بعدما تبيّن لها أن صاحبة القصة "أخفت" معلومات عن الصحيفة.

لكن الصحيفة، دافعت عن تقريرها الذي أزالته، ونفت أنه يتهم الوزارة بالتقصير، رغم أنه نقل عن السيدة أن وزارة التنمية "ترفض" استقبالها في المؤسسات التابعة لها، من دون استيضاح موقف الوزارة.

كما أن الصحيفة في ردّها على نفي الوزارة تزايد حالات الطلاق بين خريجات دور الرعاية، قالت إن الأربع حالات التي أشارت إليها الوزارة، هي فقط المثبتة رسميا، في حين أن هناك "العشرات من حالات الطلاق غير المثبتة في المحاكم الشرعية، فضلا عن حالات الانفصال"، لكن من دون أن تورد رقما محددا، أو مصدرا للمعلومة.

[1] "خريجات دور الرعاية.. بحث عن السند الأسري وزواج ينتهي بالطلاق"، 8/8/2015، ص 1.