قذائف على الرمثا.. نصوص أخبار لا تتغير عبر السنين!!

قذائف على الرمثا.. نصوص أخبار لا تتغير عبر السنين!!

  • 2016-02-17
  • 12

دلال سلامه

لاحظ مَن تابع التغطية الإعلامية لأخبار القذائف السورية، التي ضربت مدينة الرمثا يومي الجمعة والسبت، 12 و13 شباط (فبراير) الجاري، حالة "الفوضى" التي اتّسم بها جزء كبير من هذه التغطية، وتجلّت في أن وسائل الإعلام لم تتفق، كما لفت، تقرير سابق لـ"أكيد"، على معلومة أساسية، هي عدد هذه القذائف. إضافة إلى اعتماد بعضها، أفرادا من العامة، مصادر لمعلومات متخصصة.

المزيد من التقصي لهذه التغطيات، يكشف أن الأمر يتعدّى "الفوضى" إلى "الاستخفاف" بالجمهور، وبحقه في أن يتلقى معلومات صحيحة، في حدث على هذا القدر من الحساسية والخطورة. إذ يتضح أن هناك من غطّى الواقعة الأخيرة، بقصاصات من تقارير سابقة، غطّت حوادث مشابهة لسقوط قذائف، وقعت ما بين الأعوام 2012-2015، فأُعاد استخدام نصوص التصريحات ذاتها، سواء لمسؤولين أو شهود العيان من السكان، مرة بعد الأخرى، خلال السنوات السابقة.

يوم (15/2/2016) نشرت صحيفة يومية تقريرا، رصد تداعيات سقوط القذائف الأخيرة على سكان مدينة الرمثا، وتضمن التقرير تصريحات لرئيس بلدية سهل حوران، أحمد موسى الشبول، ورئيس بلدية الرمثا الجديدة، إبراهيم الصقار، ومتصرف لواء الرمثا، بدر القاضي، إضافة إلى "محمد الخزاعلة"، الذي هو، بحسب التقرير، أحد سكان المدينة. وقد علّق هؤلاء على وضع المدينة وسكانها بعد الواقعة. 

لكن هذه التصريحات المكونة في مجموعها من 360 كلمة تقريبا، وشكّلت ما نسبته 45% من التقرير، منسوخة حرفيا من تقرير سبق أن نشرته الصحيفة، قبل ذلك بسبعة أشهر تقريبا (27/7/2015)، كان –التقرير- قد رصد وقتها تداعيات سقوط قذائف مشابهة على المدينة. علما بأن الفقرة المنسوبة إلى شاهد العيان "محمد الخزاعلة" في التقرير الأخير، كانت "مقسومة" في التقرير الأصلي بين شاهديّ العيان "عاكف الشبول" و"أحمد البشابشة".

في السياق نفسه، كانت الصحيفة نفسها قد نشرت في يوم (14/2/2016)، تقريرا غطّت به القذائف التي سقطت يوم السبت الماضي. وقد خُتم  هذا التقرير بالعبارة الآتية التي وُظّفت خلفية للخبر، وتقول إنه "يشار إلى أن الحدود مع سورية والتي تمتدّ لأكثر من 375 كيلومترا تشهد حالة استنفار عسكري وأمني من الجانب الأردني منذ تدهور الآوضاع في سورية قبل عامين".

بالطبع، الأوضاع في سورية متدهورة منذ 5 أعوام، وتفسير هذا الخطأ هو أن  الفقرة السابقة منسوخة من تقرير، كان نُشر في الصحيفة نفسها قبل ثلاث سنوات، يوم (25/4/2013)، الذي تكشف قراءته التطابق الحرفي لإفادات شهود العيان، مع شهود العيان في التقرير الجديد، مع اختلاف وحيد، هو أسماء هؤلاء الشهود، فالفقرة المنسوبة إلى "محمد الزعبي" في تقرير الـ2016، كانت في تقرير الـ2013 مقسومة بين "محمد عبيدات" و"عبد الله الزعبي"، وما هو منسوب إلى "صالح عبيدات" مقتطع من فقرة منسوبة في التقرير القديم إلى "شهود عيان"، مع ملاحظة أن ضمير المتكلم غُيّر في العبارة الأولى من الجمع إلى المفرد، لكن سُهي عن تغييره في العبارة الثانية، فظلّ للجمع، كما جاء في التقرير الأصلي.

إضافة إلى ذلك، يتضمن التقرير السابق (14/2/2016)، تصريحا لـ"مصدر أمني" يقول إن "أصوات القذائف والأعيرة النارية التي تسمع بالمنطقة عائدة إلى وقوع اشتباكات بين الجيشين السوري النظامي والحر، لافتا إلى أن الاشتباكات كانت قريبة من الشريط الحدودي وكانت أصوات تبادل إطلاق النار عالية ومسموعة داخل الأراضي الأردنية بشكل واضح".

والفقرة السابقة استُخدمت هي ذاتها، ما بين الأعوام 2012- 2016 في  11 تقريرا، غطّت 10 حوادث منفصلة، ونُشرت في كل مرّة بوصفها تعليقا جديدا على الحادثة التي يعرضها التقرير. وقد نُشرت هذه التقارير أيام: (11/8/2012)[1] و(26/9/2013) و(14/10/2013) و(23/10/2013) و(27/10/2013) و(30/10/2013) و(31/10/2013) و(16/5/2014) و(20/11/2015) و(12/2/2016) و(14/2/2016). مع إعادة التأكيد على أن التوظيف للفقرة السابقة السابقة كان في مرة بوصفه تعليقا على الواقعة الجديدة.

في الحقيقة، إن الأمر يتجاوز تغطية الحادثة الأخيرة،  إلى العديد من تغطيات الحوادث المشابهة لها، ويتجلّى ذلك بشكل خاص في الإفادات المنسوبة إلى "شهود العيان"، سواء كانوا أفرادا بأسماء محددة، أو مصادر جماعية مبهمة،  إذ تتكرر نسبة النص ذاته، في تقارير مختلفة، لمصادر مختلفة.

على سبيل المثال، لا الحصر، فقرة منسوبة إلى شهود عيان تقول إن "هذه الأصوات [الانفجارات] ناجمة عن وقوع اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري النظامي والجيش الحر الذي يحاول السيطرة على بعض المناطق الحدودية (...) أصوات الانفجارات تتكرر بشكل يومي خاصة في ساعات الفجر داخل الأراضي السورية في القرى المتاخمة للحدود الأردنية، لافتين إلى أنه باستطاعتهم في بعض الأحيان رؤية لهب الانفجارات داخل المدن والقرى السورية الحدودية من أسطح منازلهم". هذه الفقرة منسوبة في تقرير نُشر يوم (20/7/2015) إلى شهود عيان، لكنها نفسها، كانت في تقرير نُشر يوم (29/6/2015) مقسومة بين "سكان" و"محمد رمضان". واستُخدمت قبلها في تقرير نُشر يوم (9/12/2013) ونسبت إلى "شهود عيان"، كما استُخدمت في تقرير نُشر يوم (8/5/2013) أيضا منسوبة إلى شهود. ونسبت كذلك إلى شهود في تقرير نشر على موقع إلكتروني يوم (3/3/2013).

مثال آخر هو تقرير نُشر يوم (6/11/2015)، وغطّى تجدد أصوات الانفجارات القادمة من الجانب السوري، وقد تضمنت فقرة منسوبة إلى شاهد عيان يقول إن "السكان يشاهدون كل ليلة أضواء الانفجارات ثم يسمعون بعد لحظات أصواتها العالية والتي تبدو وكأنها سقطت داخل الرمثا، لافتا إلى مشاهدته الطائرات السورية فجرا وهي تقصف مناطق في درعا القريبة من بلدة الذنيبة الأردنية". هذه الفقرة منسوبة في التقرير السابق إلى "عبد الله الزعبي"، لكنها ذاتها منسوبة في تقرير نُشر يوم (15/9/2015) إلى "سامر الزعبي". ويمكن لمن يعود إلى هذين التقريرين رصد ثلاث أمثلة أخرى مشابهة.

مثال ثالث وأخير، لخبر حادثة سقوط قذيفة قرب محطة تنقية الرمثا، في أيار (مايو) 2014، التي غُطّيت باستخدام خبر غطى سقوط قذيفة، أيضا قرب محطة تنقية الرمثا، لكن في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، كما هو واضح في الرابطين:

(16/5/2014)

(27/10/2013)

 . مع التأكيد على أن ما سبق هو مجرد أمثلة، ورصد سريع للتقارير المتاحة على الإنترنت، سيقود إلى الكثير غيرها.

[1] "الغد"، 11/8/2012، ص 7. لم يمكن العثور علي الخبر ي الموقع الإلكتروني للصحيفة.