قصة "مارس وسنيكرز" .. خلل إعلامي مركّب وعبيدات يوضح لـ"أكيد" ما جرى

قصة "مارس وسنيكرز" .. خلل إعلامي مركّب وعبيدات يوضح لـ"أكيد" ما جرى

  • 2016-02-29
  • 12

انشغلت وسائل الإعلام المحلية، كما العالمية، الأسبوع الماضي بخبر احتواء منتجات شوكلاتة ماركة "سنيكرز" و"مارس" على "مواد أو قطع" بلاستيكية، وسحب الشركة المصنعة لها من بعض الأسواق العالمية.

وسائل الإعلام المحلية نشرت عدة مواد إخبارية منذ إعلان الشركة بدء سحب منتجاتها من بعض الأسواق الأوروبية، وتواصلت مع مؤسسة الغذاء والدواء للتأكد من وجود تلك المنتجات في أسواق المملكة.

ومع مرور الوقت، بالتحديد بين يومي الثلاثاء والأربعاء 23 و24 شباط (فبراير) الجاري، تطوّرت تصريحات مؤسسة الغذاء والدواء بخصوص القضية، ففي بداية تداول الخبر كان موقف المؤسسة أن "منتجات الشكولاتة في الاردن سليمة وخالية من الشوائب".

لكن المؤسسة أعلنت في اليوم التالي أنها بدأت بسحب تلك المنتجات من الأسواق المحلية، وهي تصريحات شابها التناقض وعدم الاتساق، سواء من وسيلة إعلام إلى أخرى، أو في الوسيلة ذاتها.

فقد نشرت بعض المواقع الإخبارية يوم الأربعاء (24/2/2016)، العديد من التصريحات الصادرة عن مؤسسة الغذاء والدواء فيما يلي بعضها:

1-

تصريح لمدير المؤسسة د. هايل عبيدات نشره موقع إلكتروني، جاء فيه بأن "الأردن يستورد المارس والسنيكرز من مصانع في الخليج العربي وأن العينة (الملوثة بالبلاستيك) التي تم سحبها تصنع في هولندا". وكان الموقع نفسه قد وضع الخبر تحت عنوان : "الغذاء والدواء تؤكد سحب سنكرز ومارس من الأسواق"، رغم أن عبيدات قال إن المستورد، وليس المؤسسة، هو من سيسحب المادة من الأسواق ، وأن "المؤسسة ستتواصل مع مدراء الصحة، للتأكد من العينات المتواجدة في الأسواق وفحصها" ولم يتحدث عن سحبها.

2-

موقع آخر نشر تصريحات متناقضة في المادة الإخبارية ذاتها لكل من: الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الغذاء والدواء، هيام الدباس، ومدير المؤسسة، الدكتور هايل عبيدات، فقد أورد الموقع أن الدباس قالت إن "سحب مارس وسنيكرز من الأسواق في الأردن يجري حسب معايير معينة، وشددت على أن الأردن يتحرى مع الإدارة المعنية عن الأصناف التي سوف يتم سحبها، والتحفظ عليها احترازيا"، فيما جاء في تصريح عبيدات في الخبر ذاته أن "فرق المؤسسة بدأت بسحب المنتجات بعد ثبوت احتوائها على مواد بلاستيكية". فهل ثبت فعلا احتواءها على مواد بلاستيكية، أم كان السحب احترازياً؟.

3- 

تناقضت مواقع أخرى فيها بينها بتحديد الكميات التي سحبت من الأسواق، رغم أن المدة الزمنية في نشر تلك الكميات المسحوبة كانت بسيطة، فقد أورد أحد المواقع أن الكميات المتحفظ عليها كانت "50 كرتونة في أحد المستودعات وسحب الكميات المتوفرة في الأسواق الحرة من دون تحديد الكمية". وفي موقع آخر جاء تصريح لعبيدات بأن "المؤسسة تحفظت على 2500 كرتونة أي ما يعادل 23 طناً، فيما لم يدخل السوق سوى 50 كرتونة جاري البحث عنها". فهل تم التحفظ على 50 كرتونة أم لم يتبقَ في الأسواق سوى 50 كرتونة؟، ولم تنشر تلك المواقع في ما بعد، إن كان عُثر على الـ50 كرتونة أم لا.

فيما جاء في تصريحات أدلى بها عبيدات لوكالة الأنباء الأردنية "بترا"، مساء الأربعاء،  بأن "مجموع ما تم التحفظ عليه لحينة ما يقارب 11 طن"، رغم أن الكمية المتحفظ عليها ظهراً كانت 23 طن.

4-

نشرت بعض المواقع أيضاً أن هناك شحنة من تلك المنتجات "في طريقها للمملكة وستمنع المؤسسة دخولها خلال الأيام المقبلة". فيما لم تجر متابعة تلك الشحنة إن كانت قد وصلت، أو لم تصل بعد أن تم التحفظ عليها. -

5-

بعد نشر أرقام التشغيلات المطلوب التحفظ عليها عالميا في وسائل الإعلام المحلية، ونشر توضيح على شكل إعلان من قبل الوكيل المستورد،

نشرت إحدى الصحف اليومية خبرين، يفيد الأول أن "إدارة مارس وسنكرز تتجاهل الصحة وتستنفر نباهة المستهلك لكشف تشغيلاتها المضروبة"، ويقول الثاني إن"فضيحة مارس وسنيكرز لا يمكن السكوت عليها"، ولم يعتمد الخبران على مصادر مصرح لها بالتعليق، سواء من مؤسسة الغذاء والدواء، أو الوكيل المستورد، فقد اعتمد الخبر الأول على آراء مواطنين، وعلى التصريحات السابقة لمؤسسة الغذاء والدواء، من دون تحديد وقت نشر تلك التصريحات، فيما لم يكن في الخبر الثاني أي مصدر، واكتفى بآراء مُعدّ الخبر.

هذا جزء من الأخبار المتعلقة بالقصة، ومن الواضح أننا أمام عناصر خلل مهني متعددة، من حيث تناقض المعلومات المنسوبة لمصدر واحد، الذي هو "مؤسسة الغذاء والدواء"، من دون أن يبادر هذا المصدر إلى تصحيح المعلومات المتناقضة. يضاف إلى ذلك خلل عدم المتابعة لكثير من العناصر والمستجدات على القضية، وانحياز بعض المواد في التغطية لصالح أو ضد الشركة المنتجة، وملاحظة أثر إعلان الشركة، مدفوع الأجر، على اتجاهات التغطية سلباً أو إيجابا. وقد أنتج كل هذا قدرا كبيرا من التضليل للجمهور، الذي استقبل في الأصل خبرا مقلقا، ولكن الإعلام لم يسهم في تزويده بالحقيقة حول تلك الأخبار بما يبدد القلق، بل كل ما فعله هو أنه قدّم أخبارا زادت في حجم التضليل.

عبيدات يوضح لـ"أكيد"

اتصل "أكيد" بمدير مؤسسة الغذاء والدواء،  الدكتور هايل عبيدات، الذي أوضح أن المؤسسة تابعت مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، عبر نظام الربط المباشر، كما تواصلت مع وكلاء المادة وهم 4 وكلاء، ووكيل خامس للأسواق الحرة، "وتم التحفظ على أرقام التشغيلات التي زودتنا بها".

ولم يوضح عبيدات سبب التضارب في المعلومات لكنه اكتفى بتوضيح "أن المعلومات الدقيقة هي تصريحات المؤسسة لوكالة الأنباء الأردنية بترا فقط".

وفيما يتعلق باحتواء المواد المضبوطة على مواد أو قطع بلاستيكية أوضح عبيدات أن "الضبط كان حسب أرقام التشغيلات، وليس هناك فحص مخبري للتأكد من وجود تلك المواد البلاستيكية، فليس لدينا مختبرات تتعلق بطريقة الفحص تلك، وما ذكرته بعض المواقع الإلكترونية من ضبط مواد تحتوي على بلاستيك هو غير دقيق، لقد تم ضبط أرقام التشغيلات وسحبها من السوق" .

وفي ما يتعلق بما نشر من أن المنتج يحتوي على مواد أو قطع بلاستيكية قد تسبب الاختناق، قال عبيدات إن "المشكلة في المنتج كانت في الطبقة الداخلية للغلاف وليس في المنتج نفسه، وكان تخوف الشركة المصنعة من أن تلك الطبقة قد تحتوي على مواد مسرطنة".

كما أوضح عبيدات أن الشحنة الجديدة المستوردة من تلك المنتجات لم تصل بعد للمملكة، وأن "المؤسسة تتابعها وستمنع دخولها، لكن الشركة المصنعة قد تعيد تصديرها إلى دولة أخرى".